دعوا الوشاة وما قالوا وما نقلوا

ديوان بهاء الدين زهير

دَعوا الوُشاةَ وَما قالوا وَما نَقلوا

بَيني وَبَينَكُم ما لَيسَ يَنفَصِلُ

لَكُم سَرائِرُ في قَلبي مُخَبَّأَةٌ

لا الكُتبُ تَنفَعُني فيها وَلا الرُسُلُ

رَسائِلُ الشَوقِ عِندي لَو بَعَثتُ بِها

إِلَيكُمُ لَم تَسَعها الطُرقُ وَالسُبُلُ

أُمسي وَأُصبِحُ وَالأَشواقُ تَلَعَبُ بي

كَأَنَّما أَنا مِنها شارِبٌ ثَمِلُ

وَأَستَلِذُّ نَسيماً مِن دِيارِكُمُ

كَأَنَّ أَنفاسَهُ مِن نَشرِكُم قُبَلُ

وَكَم أُحَمِّلُ قَلبي في مَحَبَّتِكُم

ما لَيسَ يَحمِلُهُ قَلبٌ فَيَحتَمِلُ

وَكَم أَصَبِّرُهُ عَنكُم وَأَعذِلُهُ

وَلَيسَ يَنفَعُ عِندَ العاشِقِ العَذَلُ

وارَحمَتاهُ لِصَبٍّ قَلَّ ناصِرُهُ

فيكُم وَضاقَ عَلَيهِ السَهلُ وَالجَبَلُ

قَضِيَّتي في الهَوى وَاللَهِ مُشكِلَةٌ

ما القَولُ ما الرَأيُ ما التَدبيرُ ما العَمَلُ

يَزدادُ شِعرِيَ حُسناً حينَ أَذكُرُكُم

إِنَّ المَليحَةَ فيها يَحسُنُ الغَزَلُ

يا غائِبينَ وَفي قَلبي أُشاهِدُهُم

وَكُلَّما اِنفَصَلوا عَن ناظِري اِتَّصَلوا

قَد جَدَّدَ البُعدُ قُرباً في الفُؤادِ لَهُم

حَتّى كَأَنَّهُمُ يَومَ النَوى وَصَلوا

أَنا الوَفِيُّ لِأَحبابي وَإِن غَدَروا

أَنا المُقيمُ عَلى عَهدي وَإِن رَحَلوا

أَنا المُحِبُّ الَّذي ما الغَدرُ مِن شِيَمي

هَيهاتَ خُلقِيَ عَنهُ لَستُ أَنتَقِلُ

فَيا رَسولي إِلى مَن لا أَبوحُ بِهِ

إِنَّ المُهِمّاتِ فيها يُعرَفُ الرَجُلُ

بَلِّغ سَلامي وَبالِغ في الخِطابِ لَهُ

وَقَبِّلِ الأَرَضَ عَنّي عِندَما تَصِلُ

بِاللَهِ عَرِّفهُ حالي إِن خَلَوتَ بِهِ

وَلا تُطِل فَحَبيبي عِندَهُ مَلَلُ

وَتِلكَ أَعظَمُ حاجاتي إِلَيكَ فَإِن

تَنجَح فَما خابَ فيكَ القَصدُ وَالأَمَلُ

وَلَم أَزَل في أُموري كُلَّما عَرَضَت

عَلى اِهتِمامِكَ بَعدَ اللَهِ أَتَّكِلُ

وَلَيسَ عِندَكَ في أَمرٍ تُحاوِلُهُ

وَالحَمدُ لِلَّهِ لا عَجزٌ وَلا كَسَلُ

فَالناسُ بِالناسِ وَالدُنيا مُكافَأَةٌ

وَالخَيرُ يُذكَرُ وَالأَخبارُ تَنتَقِلُ

وَالمَرءُ يَحتالُ إِن عَزَّت مَطالِبُهُ

وَرُبَّما نَفَعَت أَربابَها الحِيَلُ

يا مَن كَلامي لَهُ إِن كانَ يَسمَعُهُ

يَجِد كَلاماً عَلى ما شاءَ يَشتَمِلُ

تَغَزُّلاً تَخلُبُ الأَلبابَ رِقَّتُهُ

مَضمونُهُ حِكمَةٌ غَرّاءُ أَو مَثَلُ

إِنَّ المَليحَةَ تُغنيها مَلاحَتُها

لاسِيَّما وَعَلَيها الحَلِيُ وَالحِلَلَُ

دَعِ التَوانِيَ في أَمرٍ تَهُمُّ بِهِ

فَإِنَّ صَرفَ اللَيالي سابِقٌ عَجِلُ

ضَيَّعتَ عُمرَكَ فَاِحزَن إِن فَطِنتَ لَهُ

فَالعُمرُ لا عِوَضٌ عَنهُ وَلا بَدَلُ

سابِق زَمانَكَ خَوفاً مِن تَقَلُّبِهِ

فَكَم تَقَلَّبَتِ الأَيّامُ وَالدُوَلُ

وَاِعزَم مَتى شِئتَ فَالأَوقاتُ واحِدَةٌ

لا الرَيثُ يَدفَعُ مَقدوراً وَلا العَجَلُ

لا تَرقُبِ النَجمَ في أَمرٍ تُحاوِلُهُ

فَاللَهُ يَفعَلُ لا جَديٌ وَلا حَمَلُ

مَعَ السَعادَةِ ما لِلنَجمِ مِن أَثَرٍ

فَلا يَغُرُّكَ مِرّيخٌ وَلا زُحَلُ

الأَمرُ أَعظَمُ وَالأَفكارُ حائِرَةٌ

وَالشَرعُ يَصدُقُ وَالإِنسانُ يَمتَثِلُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بهاء الدين زهير، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات