دعني من الدار أبكيها وأرثيها

ديوان أبو نواس

دَعني مِنَ الدارِ أَبكيها وَأَرثيها

إِذا خَلَت مِن حَبيبٍ لي مَغانيها

ذَرِ الرَوامِسَ تَمحو كُلَّما دَرَسَت

آثارُها وَدَعِ الأَمطارَ تَبكيها

إِن كانَ فيها الَّذي أَهوى أَقَمتُ بِها

وَإِن عَداها فَإِنّي سَوفَ أَقليها

أَحَقُّ مَنزِلَةٍ بِالتَركِ مَنزِلَةٌ

تَعَطَّلَت مِن هَوىً عِلقٍ لِأَهليها

أَمكَنتُ عاذِلَتي في الخَمرِ مِن أُذُنٍ

يُغني صَداها جَواباً مَن يُناديها

أَقولُ لَمّا أَدارَ الكَأسَ لي قُثَمٌ

الآنَ حينَ تَعاطى القَوسَ باريها

يا أَلبَقَ الناسِ كَفّاً حينَ يَمزُجُها

وَحينَ يَشرَبُها صِرفاً وَيَسقيها

قَد قُمتُ فيها عَلى حَدٍّ يُوافِقُنا

وَهَكَذا فَأَدِرها بَينَنا إيها

إِن كانَتِ الخَمرُ لِلأَلبابِ سالِبَةً

فَإِنَّ عَينَيكَ تَجري في مَجاريها

في مُقلَتَيكَ صِفاتُ السِحرِ ناطِقَةٌ

بِاللَفظِ واحِدَةٌ شَتّى مَعانيها

فَاِشرَب لَعَلَّكَ أَن تَحظى بِسَكرَتِها

فَالشَأنُ إِن ساعَدَتنا سَكرَةٌ فيها

وَمُخطَفِ الخَصرِ في أَردافِهِ عَمَمٌ

يَميسُ في حُلَّةٍ رَقَّت حَواشيها

إِذا نَظَرتُ إِلَيهِ تاهَ عَن نَظَري

فَإِن تَزَيَّدتُ دَلّاً زادَني تيها

عاطَيتُهُ وَضِياءُ الصُبحِ مُتَّصِلٌ

بِظُلمَةِ اللَيلِ أَو قَد كانَ يُضويها

كَأساً كَأَنَّ دَبيبَ النَملِ فَترَتُها

لَديغُها يَشتَفي مِن نَفثِ راقيها

فَلَم نَزَل نَتَعاطى الكَأسَ مُذهَبَةً

كَأَنَّ طَوقَ جُمانٍ في نَواحيها

حَتّى إِذا أَلبَسَتهُ الكَأسُ حُلَّتَها

وَنامَ شارِبُها سُكراً وَساقيها

كَتَبتُ في غَيرِ قِرطاسٍ بِلا قَلَمٍ

في حاجَةٍ عَرَضَت لي لا أُسَمّيها

فَقامَ يوسِعُني شَتماً وَأوسِعُهُ

حِلماً وَقَد بَلَغَت نَفسي أَمانيها

صَنائِعُ الخَمرِ عِندي غَيرُ ضائِعَةٍ

حَتّى يَقومَ بِها شُكري فَيَجزيها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات