خل من كان للجنادل جارا

ديوان الشريف المرتضى

خَلِّ مَن كانَ لِلجنادلِ جارا

لا تُعِرهُ تلهّفاً واِدّكارا

فَغبين الرّجال مَن سلَبَتْهُ

نُوَبُ الدّهرِ في المصابِ اِصطبارا

وَاِعتَبر بِالّذين حلّوا من العل

ياءِ وَالكِبرياء داراً فدارا

مَلَكوا الأرضَ كلّها ثمّ مَن كا

نَ عَلى الأرضِ في الزمانِ مرارا

فترى دورهمْ وكنّ مِلاءً

بالمسرّات بعدهنّ قفارا

مُظلماتٍ مِن بعدِ أَن أوقدت في

ها اللّيالي نوراً يلوح ونارا

وأكفَّا يوابساً طالمَا فِضْ

ن على الخلق عَسْجَداً أو نُضارا

أين قومٌ كنّا نراهمْ على الأط

واد حلّوا ثرى الصّعيد اِنتِشارا

وَحَموا الأنجمَ العُلا غير راضي

نَ لَهم ذلك الجوارَ جِوارا

كلُّ قَرْمٍ قد طاب أصلاً وفرعاً

وقديماً وحادثاً ونِجارا

ضمَّ ملكاً وبسطةً بيديهِ

طيّعاتٍ إلى البراري البحارا

وتراه يجرّ في كلِّ فجٍّ

طَلبَ العزِّ جيشَه الجرّارا

لَم يَزل آنس المفارقِ حتّى

خَلعَ الموتُ تاجَه والسِّوارا

ثُمّ وَلّى ممكِّناً مِن رَداه

فيه تلك الأنيابَ والأظفارا

إِنّ هَذا الزّمان يأخذ منّا

كلَّ يومٍ خِيارنا والخِيارا

وَأعزّاؤنا إِذا لَم يَفوتو

نا صغاراً فاتوا وماتوا كبارا

وكأنّ الّذي تهالك في الفَج

عاتِ حُزناً تظلَّمَ الأقدارا

حاشَ للَّه أَن تَكونوا وقد سِي

طَتْ بنا القارعاتُ فينا جُبارا

وَإِذا لَم تُطقْ ثقيلَ الرّزايا

فعلى ما نعجّزُ الأغمارا

عَزّ مَن بزّ مَن أراد وأفنى

حِمْيَراً تارةً وأخرى نِزارا

فَتَراهمْ مِن بعدِ عزٍّ عزيزٍ

في بطون الهُوى غُباراً مُطارا

وإذا ما أجَلْتَ بين ديارٍ

لَهُمُ اللّحظ لَم تَجِدها دِيارا

لم تَدعْ حادثاتُ هذي الليالي

منهُمُ أعيُناً ولا آثارا

وطَوَتْ عنهُمُ ومنهمْ إلى الأح

ياءِ منّا الأنباء والأخبارا

ورأينا من واعظاتِ المواضِي

لِلبواقي ما يَملأ الأبصارا

غَير أَنّا نَزدادُ في كلّ يومٍ

خُدَعاً مِن زَماننا وَاِغتِرارا

فَإِلى كَم نصدّق المَيْنَ منه

كلَّ يومٍ ونأمنُ الغَرّارا

وَنَسومُ الأرباحَ والرّبح يا صا

حِ إذا ما مضيت كان خسارا

يا اِبنَ عبد العزيز ليتك ما بِنتَ

ولا سار سائرٌ بك سارا

كان حِذري عَليك يستلب الغُمْ

ضَ سُهاداً فقد كفيتُ الحِذارا

إِنّما المَرءُ طائرٌ سكن الوَكْ

رَ قليلاً مهجّراً ثمَّ طارا

وَطِوال السّنين بعدَ تقضٍّ

وَنفادٍ ما كنّ إلّا اِستدارا

وَظلامٍ ما جاء غِبَّ صباحٍ

ملأ الأرضَ كلَّها وَاِستنارا

لَيسَ عاراً هَذا المصابُ وكان ال

ضَعفُ عنه بين الأجالدِ عارا

إِنّما العَيشُ لو تأمَّلتَ ثوبٌ

خِيل مُلكاً لنا وكان مُعارا

أيّها الثّاكل المحبّةَ لا تث

كلْ جزاءً عنها طويلاً كُثارا

وَاِصطَبر مؤثراً تفُز بِثَوابٍ

لا تُضِعْهُ بِأَن صَبرتَ اِضطِرارا

فَدَع الشَّكوَ مِن جروحِ اللّيالي

فجروح الأيَّام كنّ جُبارا

لا تشكّنَّ بالّذي قَسَمَ الأع

مارَ فاللَّهُ قسّمَ الأعمارا

وَبلغتَ الأوطارَ قِدْماً فما را

بَكَ يوماً أن تحرم الأوطارا

قَد مَضى رائداً أَمامك بِشْرِي

لك في عرْصةِ الجنانِ قرارا

أَيُّ نَفعٍ في أَن تُقيم وتمضِي

حَيَداً عن ثَوابِهِ وَاِزوِرارا

وَإِذا ما وزنتَ ذاكَ بِهذا

كنتَ معطىً فيما عراك الخِيارا

وَلَو اِنّي اِستَطعتُ دفعاً لدافع

ت ولكن جاراك مَنْ لا يُجارى

كنْ وَقوراً على مضاضةِ خطبٍ

حطّ عن مَنْكِبَيْ سواك الوَقارا

وَاِصحُ كي تُدرك الثّوابَ فكلّ ال

ناسِ في هذه الخطوبِ سُكارى

وَاِستَمعْ ما أَقوله ودعِ الأَقْ

والَ فالقولُ ما صفا وأنارا

وَإِذا ما سواك كان دِثاراً

كنتَ لِي بالوِدادِ منك شِعارا

وَسَقى اللَّه قَبره كلّما اِرفض

ضَ قُطارٌ ثنى إليه قُطارا

وَتَولّى به الغمامُ يُسقّي

هِ متى شاء ظُلمةً ونهارا

وَتَرى بَرقَه ضَحوكاً وإِن كا

نَ عَبوساً ورعده النقّارا

وعَدَته الجدوبُ في كلِّ مَحْلٍ

وكَسَتْهُ أنوارهُ الأنوارا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات