خل قلبي من سليمى نبلها

ديوان النابغة الشيباني

خَلَّ قَلبي مِن سُلَيمى نَبلُها

إِذ رَمَتني بِسِهامٍ لَم تَطِش

طَفلَةُ الأَطرافِ رُودٌ دُميَةٌ

وَشَواها بَختَرِيٌّ لَم يُحَش

وَتَزينُ الوَجهَ مِنها غُرَّةٌ

تَبرُقُ الأَبصارُ مِنها لَم تُعَش

وَكَأَنَّ الدُرَّ في أَخراصِها

بَيضُ كَحلاءَ أَقَرَّتهُ بِعُش

وَلَها عَينا مَهاةٍ في مَهاً

تَرتَعي نَبتَ خُزامى وَنَتَش

بَعضُها يَغذو سِخالاً نُبَّهاً

قائِماتٍ بَينَ ثيرانٍ نُفُش

تَرتَعي نَبتَ عَدابٍ مُونِقٍ

نَورَ مِزبادٍ وَنَوراً لِلكَرِش

لا تَرى إِلّا صِواراً راتِعاً

أَو رَعيلاً زَعِلاً مِثلَ الحَبَش

رُكِّبَت مِنهُ كَعابٌ حَمشَةٌ

بَينَ سُوقٍ وَظَنابيبَ حُمُش

وَكَأَنَّ الصُحمَ مِن ظِلمانِها

كُلَّما أَنسَلنَ زِفّاً شُومُ فَرش

وَإِذا تَضحَكُ سَلمى عَن مَهاً

لاحَ بَرقٌ هَمُّ مَشعوفٍ عَطِش

حُرَّةُ الحُسنِ رَخيمٌ صَوتُها

رُطَبٌ تَجنيهِ كَفُّ المُنتَقِش

وَهيَ في الدَجنِ إِذا ما عونِقَت

مُنيَةُ البَعلِ وَهَمُّ المُفتَرِش

أَيُّها الساقي سَقَتهُ مَزنَةٌ

مِن رَبيعٍ ذي أَهاضيبَ وَطَش

إِمدَحِ الكَأسَ وَمَن أَعمَلَها

واهِجُ قَوماً قَتَلونا بِالعَطَش

إِنَّما الكَأسُ رَبيعٌ باكِرٌ

فَإِذا ما غابَ عَنّا لَم نَعِش

وَكَأَنَّ الشربَ قَومٌ مَوَّتوا

مَن يَقُم مِنهُم لِبَولٍ يَرتَعِش

خُرُسُ الأَلسُنِ مِمّا صابَهُم

بَينَ مَصدوعٍ وَصاحٍ مُنتَعِش

مِن حُمَيّا قَرقَفٍ خُصِّيَّةٍ

قَهوَةٍ حَولِيَّةٍ لَم تُمتَحَش

فَهيَ صافٍ لَونُها مُبيَضَّةٌ

آلَ مِنها في خَوابٍ لَم تُغَش

يَنفَعُ المَزكومَ مِنها ريحُها

ثُمَّ تَشفي داءَهُ إِن لَم تُنَش

وَتَرَخّي بالَ مَن يَشرَبُها

وَيُفَدّى كَرمَها عِندَ التَجَش

وَهيَ مَن يَطعَمُها يَشحذ لَها

يُنفِقُ الأَموالَ فيها كُلُّ هَش

وَبَنو شيبان حَولي مِنهُمُ

حِلَقٌ غُلبٌ وَلَيسَت بِالقَمَش

زادَ شيبانَ وَأَثرى زَرعَها

آبِرُ الزَرعِ وَعيشٌ غَيرُ عَش

وَرَدوا المَجدَ وَكانوا أَهلَهُ

فَرَوَوا وَالمَجدُ عافٍ لَم يَنِش

وَهِيَ الشُدقُ إِذا ما اِستُنطِقَت

أَبلَغَت في كُلِّ فَنٍ لَم تَكِش

وَتَرى الخَيلَ لَدى أَبياتِهِم

كُلَّ جَرداءَ وَساجِيٍّ هَمِش

لَيسَ في الأَلوانِ مِنها هُجنَةٌ

بَلَقُ الغُثرِ وَلا عَيبُ بَرَش

يَتَجاوَبنَ صَهيلاً في الدُجى

أِرِناتٍ بَينَ صَلصالٍ وَجُش

فَبِها يَحوونَ أَموالَ العِدا

وَيَصيدونَ عَلَيها كُلَّ وَحش

دَمِيَت أَكفالُه مِن طَعنِهِم

بِالرُدَينِيّاتِ وَالخَيلِ النَجُش

وَهُمُ في الحَربِ لَمّا زاحَفوا

بَينَ خَيلَينِ بِزَحفٍ مُنتَغِش

نُنهِلُ الخطيّ من أعدائنا

ثُمَّ نَفري الهامَ إِن لَم نَفتَرش

بِأَكُفٍّ لَقِحَت لَمّا سَمَت

بِسُيوفٍ رَبَعِيّاتٍ بُهُش

فَبِها تَسمو إِذا التَجَ الوَغى

عاضِباتٍ كُلَّ قِرنٍ لِلكُبَش

وَإِذا الإِبلُ مِنَ المَحلِ غَدَت

وَهيَ في أَعيُنِها مِثلُ العَمَش

حُسَّرَ الأَوبارِ مَمّا لَقِيَت

مِن سَحابٍ صافَ عَنها لَم يُرِش

خُسَّفَ الأَعيُنِ تَرعى جُوفَةً

هَمَدَت أَوبارُها لَم تَنتَفِش

وَأَماتَ المَحلُ مِن حَيّاتِهِ

جاحِراتٍ كُلَّ أَفعى وَحَنَش

قَتَلَ الضَبَّ فَأَودى هَزلُهُ

لَيسَ يُبدي ذَنَباً لِلمُحتَرِش

فَهُم فيها مَخاصيبُ إِذا

لَم يَكُن حَشوٌ لِمَن لا يَحتَنِش

نَنعِشُ العافي وَمَن لاذَ بِنا

بِسِجالٍ جِئنَ مِن أَيدي نُعُش

وَنَغَدّى الضَيفَ مِن شَحمِ الذُرى

مِن سَديفٍ مُشبِعٍ مِنهُ نُعَش

وَهُمُ إِن يَختَرِش أَموالَهُم

سائِلٌ يَملونَ كَفَّ المُختَرِش

مِن مَهارى رِحلَةٍ يُعطونَها

بَينَ مَخشوشٍ وَعَنسٍ لَم تُخَش

ذاكَ قَولي وَثَنائي وَهُمُ

أَهلُ وُدّي خالِصٌ في غَيرِ غِش

فَسَلوا شيبانَ إِن فارَقتُها

يَومَ يَمشونَ إِلى قَبري بِنَعش

هَل غَشِينا مَحرَماً مِن قَومِنا

أَو جَزَينا جازِياً فُحشاً بِفُحش

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان النابغة الشيباني، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات