خليلي لا ربع بوهبين مخبر

ديوان ذو الرمة

خَليلَيَّ لا رَبعٌ بِوَهبينَ مُخبِرُ

وَلا ذو حِجىً يَستَنطِقُ الدارَ يُعذَرُ

فَسيرا فَقَد طالَ الوُقوفُ وَمَلَّهُ

قلَاَئِصُ أَمثالُ الحَنِيَّاتِ ضُمَّرُ

أَصاحٍ الَّذي لَو كَانَ مَا بي مِنَ الهَوى

بِهِ لَم أَدَعهُ لا يُعزَّى وَينُظَرُ

لَكَ الخَيرُ هَلاَّ عُجتَ إِذ أَنا وَاقِفٌ

أُغِيضُ البُكا في دارِ مَيٍّ وَأَزفَرُ

فَتَنظُرَ إِن مالَت بِصَبري صَبابَتي

إِلى جَزَعي أَم كَيفَ إِن كُنتُ أَصبِر

إِذا شِئتُ أَبكاني بِجَرعاءِ مالِكٍ

إِلى الدَحلِ مُستَبدىً لِمَيٍّ وَمَحضَرُ

وَبِالزُرقِ أَطلالٌ لِمَيَّةَ أَقفَرَت

ثلَاثَةَ أَحوالٍ تُراحُ وَتُمطَرُ

يَهيجُ البُكا أَن لا تَريمَ وَأَنَّها

مَمَرٌ لأَصحابِي مِراراً وََمنظَرُ

إِذا ما بَدَت حُزوى وَأَعرَضَ حارِكٌ

مِنَ الرَملِ تَمشي حولَهُ العِينُ أَعفَرُ

وَجَدتُ فُؤادِي كَادَ أَن يَستَفِزَّهُ

رَجيعُ الهَوى مِن بَعدِ ما يَتَذَكَّرُ

عَدَتني العَوادي عَنكِ يا مَيُّ بُرهَةً

وَقَد يُلتَوى دونَ الحَبيبِ فَيُهجَرُ

عَلى أَننَّي في كُلِّ سَيرٍ أَسيرُهُ

وَفي نَظَري مِن نَحوِ دارِكِ أَصوَرُ

فَإِن تُحدِثِ الأَيَّامُ يا مَيُّ بَينَنا

فلَا ناشِرٌ سِرَّاً وَلا مُتَغيِّرُ

أَقولُ لِنَفسي كُلَّما خِفتُ هَفوَةً

مِنَ القَلبِ في آثارِ مَيٍّ فَأُكثِرُ

ألَا إِنَّما مَيِّ فَصَبراً بَلِيَّةٌ

وَقَد يُبتَلى الحُرُّ الكَريمُ فَيَصبِرُ

تُذَكِّرُني مَيّاً مِنَ الظَّبي عَينُهُ

مِراراً وَفاها الأُقحوانُ المُنَوِّرُ

وَفي المِرطِ مِن مَيٍّ تَوالي صَريمَةٍ

وَفي الطَوقِ ظَبيٌ واضِحُ الجِيدِ أَحوَرُ

وَبَينَ مَلاثِ المِرطِ والطَوقِ نَفنَفٌ

هَضيمُ الحَشا رَأَدُ الوِشاحَينِ أَصفَرُ

وَفي العاجِ مِنها وَالدَماليجِ وَالبُرى

قَناً مالِئٌ لِلعَينِ رَيّانُ عَبَهرُ

خَراعيبُ أُملودٍ كَأَنَّ بَنانَها

بَناتُ النَقا تَخفَى مِراراً وَتَظهَرُ

تَرى نِصفَها نِصفاً قَناةً قَويمَةً

وَنِصفاً نَقاً يَرتَجُّ أَو يَتَمَرمَرُ

تَنوءُ بِأُخراها فَلأَياً قِيامُها

وَتَمشي الهَوينا مِن قَريبٍ فَتَبهُرُ

وَماءٍ كَلَونِ الغِسلِ أَقوى فَبَعضُهُ

أَواجِنُ أَسدامٌ وَبَعضٌ مُعَوَّرُ

وَرَدتُ وَأَردافُ النُجومِ كَأَنَّها

قَناديلُ فِيهِنَّ المَصابِيحُ تَزهَرُ

وَقَد لاحَ للسّاري الَّذي كَمَّلَ السُرَ

عَلى أُخرَياتِ اللَيلِ فَتقٌ مٌشَهَّرُ

كَلونِ الحِصانِ الأَنبَطِ البَطنِ قَائِماً

تَمايَلَ عَنهُ الجُلُّ وَاللَونُ أَشقَرُ

تُهاوي بي الظَلماءَ حَرفٌ كَأَنَّها

مَسَيَّحُ أَطرافُ العَجيزَةِ أَصحَرُ

سِنادٌ كَأَنَ المِسحَ في أُخَرياتِها

عَلى مِثل خَلقاءِ الصَفا حِينَ تَخطِرُ

نَهوضٌ بِأُخراها إِذا ما اِنبَرى لَها

مِنَ الأَرضِ نَهّاضُ الحَزابِيِّ أَغبَرُ

مُغَمِّضُ أَطرافَ الخُبوتِ إِذا اِكتَسى

مِنَ الآلِ جُلاًّ نازِحُ الماءِ مُقفِرُ

تَرى فِيهِ أَطرافَ الصَحارى كَأَنَّها

خَياشيمُ أَعلامٍ تَطولُ وَتَقصُرُ

يَظَلُّ بِها الحِرباءُ لِلشَّمس ماثِلا

عَلى الجَذلِ إِلا أَنَّهُ لا يُكَبِّرُ

إِذا حَوَّلَ الظِلُّ العَشِيَّ رَأَيتَهُ

حَنيفاً وَفي قَرنِ الضُحى يَتَنَصَّرُ

غَدا أَكهَبَ الأَعلَى وَراحَ كَأَنَّهُ

مِنَ الضِحِّ وَاِستِقبالِهِ الشَمسَ أَخضَرُ

أَنا اِبنُ الَّذين اِستَنزَلوا شَيخَ وائِلٍ

وَعَمرَو بنَ هِندٍ وَالقَنا يَتَكَسَّرُ

سَمَونا لَهُ حَتَّى صَبَحنا رِجالَهُ

صُدورَ القَنا فَوقَ العَناجيجِ تَخطِرُ

بِذي لَجَبٍ تَدعو عَديّاً كُماتُهُ

إِذا عَثَّنَت فَوقَ القَوانِسِ عِثيَرُ

وَإِنّا لَحَيٌّ ما تَزالُ جِيادُنا

تُوَطِّئُ أَكبادَ الكُماةِ وَتأَسِرُ

أَخَذنا عَلى الجَفَرينِ آلَ مُحَرِّقٍ

وَلاقَى أَبو قابوسَ مِنّا وَمُنذِرُ

وَأَبرَهَةَ اِصطادَت صُدورُ رِماحِنا

جِهارَاً وَعُثنونُ العَجاجَةِ أَكدَرُ

تَنَحَّى لَهُ عَمروٌ فَشَكَّ ضُلوعَهُ

بِنافِذَةٍ نَجلاءَ وَالخَيلُ تَضبِرُ

أَبي فارِسُ الحَواءِ يَومَ هُبالَةٍ

إِذ الخَيلُ في القَتلى مِنَ القَومِ تَعثُرُ

يُقَدِّمُها لِلمَوتِ حَتَّى لَبانُها

مِنَ الطَعنِ نَضّاحُ الجَدِيّاتِ أَحمَرٌ

كَأَن فُروجَ اللأَمَةِ السّردِ شَدَّها

عَلى نَفسِهِ عَبلُ الذِراعَينِ مُخدِرُ

وَعَمِّي الَّذي قادَ الرِبابَ جَماعَةً

وَسَعداً هوَ الرَأَسُ الرَئِيسُ المُؤَمَّرُ

يَزيدُ بنُ شَدّادِ بنِ صَخرِ بنِ مَالِكٍ

وَذَلِكَ عَمّي العُدمُلِيُّ المُشَهَّرُ

عَشيَّةَ أَعَطتنا أَزِمَّةَ أَمرِها

ضِرارُ بَنو القَرمِ الأَغَرِّ وَمِنقَرُ

أَبَت إِبِلي أَن تَعرِفَ الضَيمَ نِيبُها

إِذا اِجتِنبَ لِلحَربِ العَوانِ السَنَوَّرُ

أَبَى عِزُّ قَومي أَن تَخافَ ظَعائِني

صِياحاً وَأَضعافُ العَديدِ المُجَمهِرُ

لَها حَومَةُ العِزَّ الّتي لا يَرومُها

مُخيضٌ وَمِن عَيلانَ نَصرٌ مُؤَزَّرُ

تَجُرَُ السَلوقيَّ الرِبابُ وَراءَها

وَسَعدٌ يَهُزّونَ القَنا حِينَ تُذعَرُ

وَعَمرٌو وَأَبناءُ النَوارِ كَأَنَّهُم

نُجومُ الثُريَّا في الدُجا حِينَ تَبَهرُ

فَهَل شاعِرٌ أَو فاخِرٌ غَيرُ شاعِرٍ

بِقَومٍ كَقَومي أَيُّها الناسُ يَفخَرُ

عَلا مَن يُصَلِّي مِن مَعَدٍّ وَغَيرِها

بِطَمٍّ كَأَهوالِ الدُجَى حِينَ يَزخَرُ

هُمُ المَنصِبُ العادِيُّ مَجداً وَعِزَّةً

وَهُم مِن حَصى الدَهنا وَيَبرينَ أَكثَرُ

وَهُم عَلَّموا الناسَ الرِياسَةَ لَم يَسِر

بِها قَبلَهُم مِن سائِرِ الناسِ مَعشَرُ

وَهُم يَومَ أَجراعِ الكُلابِ تَنازَلوا

عَلى جَمعِ مَن ساقَت مُرادٌ وَحِميَرُ

بِضَربٍ وَطَعنٍ بِالرَماحِ كَأَنَّهُ

حَريقٌ جَرى في غابَةٍ يَتَسَعَّرُ

عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثيُّونَ بَعدَما

قَضى نَحبَهُ في مُلتَقى القَومِ هَوبَرُ

وَقالَ أَخو جَرمٍ ألَا لا هَوادَةٌ

وَلا وَزَرٌ إِلا النَجاءُ المُشَمِّرُ

وَعَبدُ يَغوثٍ تَحجِلُ الطَيرُ حَولَهُ

قَدِ اِحتَزَّ عُرشَيهِ الحُسامُ المُذكَّرُ

أَبى اللَهُ إِلا أَنَّنا آلَ خِندِفٍ

بِنا يَسمَعُ الصَوتَ الأَنامُ وَيُبصِرُ

لَنا الهَامَةُ الكُبرى الَّتي كُلُّ هامَةٍ

وَإِن عَظُمَت مِنها أَذَلُّ وَأَصغَرُ

إِذا ما تَمَضَّرنا فَما الناسُ غَيرُنا

وَنُضعِفُ إِضعافاً وَلا نَتَمَضَّرُ

إِذا مُضَرُ الحَمراءُ عَبَّ عُبابُها

فَمَن يَتَصدَّى مَوجَها حِينَ تَطحَرُ

أَنا اِبنُ النَبِيِّينَ الكِرامِ وَمَن دَعا

أَباً غَيَرهُم لا بُدَّ عَن سَوفَ يُقهَرُ

أَلَم تَعلَموا أَنّي سَمَوتُ لِمَن دَعا

لَهُ الشَيخُ إِبراهيمُ والشَيخُ يُذكَرُ

لَيالي تَحتَلُّ الأَباطِحَ جُرهُمٌ

وَإِذ بِأَبِينا كَعبَةُ اللَهِ تَعمُرُ

نَبيُّ الهُدى مِنّا وَكُلُّ خَليفَةٍ

فَهَل مِثلُ هَذا في البَرِيَّةِ مَفخَرُ

لَنا الناسُ أَعطاناهُمُ اللَهُ عَنَوةً

وَنَحنُ لَهُ واللَهُ أَعلى وَأَكبَرُ

أَنا اِبنُ مَعَدٍّ وَابِنُ عَدنانً أَنتَمي

إِلى مَن لَهُ في العِزّ وِردٌ وَمَصدَرُ

لَنا مَوقِفُ الداعِينَ شُعثاً عَشيَّةً

وَحَيثُ الهَدايا بالِمَشاعِرِ تُنحَرُ

وَجَمعٌ وَبَطحاءُ البِطاحِ الَّتي بِها

لَنا مَسجِدُ اللَهِ الحَرامُ المُطَهَّرُ

وَكُلُّ كَريمٍ مِن أُناسٍ سَوائِنا

إِذا ما التَقَينا خَلفَنا يَتأَخَّرُ

إِذا نَحنُ سَوَّدنا اِمرأً سادَ قَومَهُ

وَإِن لَم يَكُن مِنَ قَبلِ ذَلِكَ يُذكَرُ

هَلِ الناسُ إِلا نَحنُ أَم هَل لِغَيرِنا

بَني خِندِف إِلا العَواريَّ مِنَبرُ

أَبونا إِياسٌ قَدَّنا مِن أَديمِهِ

لِوالِدةٍ تُدهي البَنينَ وَتُذكِرُ

وَمِنَّا بُناةُ المَجدِ قَد عُلَمِت بِهِ

مَعَدٌ وَمِنَّا الجَوهَرُ المُتَخَيَّرُ

أَنا اِبنُ خَليلِ اللَهِ وَاِبنُ الَّذي لَهُ ال

مَشاعِرُ حَتّى يَصدُرَ الناسُ تُشعَرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ذو الرمة، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات