خلقت على مرادي واقتراحي

ديوان ابن نباتة المصري

خلقت على مرادي واقتراحي

فذكرك حضرتي في وقت راحي

ولى من طرة لك أو جبين

شجون في المساء وفي الصباح

بروحي أنت ذو جفن كليل

وعيني منه دامية الجراح

غزاني جفنه وشكا فتوراً

فواحرباه من شاكي السلاح

وتيّاه سمحت له بدمع

يرى أن السماح من الرباح

ومالي لا أسيل أجاج دمعي

على عذب بمبسمه قراح

يحمِّر أوجه الكاسات هزؤاً

ويضحك في الرياض على الأقاحي

أقمت به على نيران برح

فما لي كابن قيس من براح

سقى صوب الحيا زمناً أقامت

عليه صبابتي ومحاه ماح

وكاسات أشد يدي عليها

مخافة أن تطير من الجماح

صفت فصفا الزمان وبشرتنا

فحلق درع بشراها النواحي

وقد كال النديم بها نضاراً

علمنا أنها داعي السماح

بكف مزركش الأصداغ تهوى

لقبلتها وجوه للملاح

عشوت لكأسه لا للثريا

ونسر الشهب خفاق الجناح

كأني قد سلبت الديك عيناً

فثار من المنام إلى الصياح

كأني قد حملت على همومي

بها رايات لهوٍ وانشراح

كأني إذ صحا بالمحل أفقي

رأيت لقا الليالي غير ماح

إذا أبصرت جدّاً من زمان

فخالطه بشيءٍ من مزاح

وليل ظلت فيه لفرط عزمي

كأن الشهب من شرر اقتداحي

وموحشة المفاوز في رُباها

طغت إبلي وسلن مع البطاح

أرشّح ذا الخمائل مشمعلاّ

بها وأحيد عن ذات الوشاح

لعزٍّ أو لوَفر أجتنيه

على وفق احتياجي واجتياحي

عليَّ بها السرى وعلى أيادي

بني الفاروق إدراك النجاح

بني فضل الإله إذا أجيلت

غداة المحل أيسار القِداح

نجوم العلم أنواء العطايا

جياد السبق آساد الكفاح

لآلي السلك في نسب نظيم

ودعنا من أنابيب الرّماح

لأحمدهم مناهي الحمد عنهم

فيا كرم اختتام وافتتاح

أخو الإغضاء عن تقصير مثن

وفي طلب العلاءِ أخو الطماح

وذو الجود الذي يروي عطاءً

لطالب راحتيه عن رباح

وذو القلم الذي إن قال أغنى

عن استسماع قعقعة السلاح

سويد القلب قلب العيش منه

وإلا فهو قادمة الجناح

فطوراً فائض العذب المهنى

وطوراً فائض السم الذُّباح

أبا العباس قد حفظت ثغورٌ

برأيك فهي باسمة النواحي

تسوَّكُ بالقنا مما حبتها

بزاتك أو تمضمض بالصفاح

وسامي الملك منك شهاب عزم

كفى المرّاد قبل الإلتماح

وذا همم إذا ضلت سيوف

تنادي الجيش حيّ على الفلاح

حللت بواديَيْ مصر وشامٍ

محلّ النيل والسحب الدّلاح

يمين مكارم أو صدر سرّ

مليّ بالمصون وبالمباح

وأغرقت ابن بحر في بيان

أطاف به على لجج فساح

بيان جوهريّ الوصف تروى

عوالي الحرب منه عن الصحاح

وأنَّ النرجس الحاكيك لفظاً

لينبي عن عيون رُباً وِقاح

وأن لراحتيك على الغوادي

فخاراً ما عليه من جناح

فؤاد البرق منه في التهابٍ

ووجه الدّجنِ منه في افتضاح

أما لِكَ رتبة العليا بلفظٍ

متينِ قوىً وأخلاقٍ سجاح

وباعث فكرتي سيما جبين

حمدت به السرى عند الصباح

عطفت عليّ في زمنٍ حرُونٍ

وجدْتَ برغم أيامٍ شحاح

وقربني جنابك بعدَ بعدٍ

ونهنهَ حاسدي بعد الجماح

ونطَّقني نداك وكنت حجلاً

فصرت اليوم أنطق من وشاح

إليك حسانَ شعر لم تعرها

ولا أحوجْتها حظّ القباح

من اللاتي زكت نسباً ورقت

عليك شمائل الخود الرداح

نزحت كلا الندى والعلم بحراً

فأخرجنا لآلي الإمتداح

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات