خفق الطبول وزمرة الندمان

ديوان الطغرائي

خفقُ الطبولِ وزمرةُ النّدمانِ

وهتوفُ أطيارٍ وعزفُ قِيانِ

وتسَحُّبُ الأَذيالِ في طَرَبِ الصِّبَا

وخلاعةٌ في طاعةِ الشيطانِ

وتهتُّكٌ وترفرفٌ وتماجُنٌ

ورقى مخادَعةٍ على الغزلانِ

وعرائسُ الأقداحِ تُجْلَى في الدُّجَى

في جيدهنَّ مخانقُ المرجانِ

والصبحُ في كأسِ الظلام مرقرقٌ

وتنفُّسُ الريح العليلةِ واني

أشهَى إِلى قلبي وألطفُ موقعاً

من أن أُلمَّ بملتقَى الأقرانِ

والآن أغرقُ في النعيم وأجتنِي

ثمرَ السرور ومجتناهُ داني

خيرٌ وأحسنُ من مقارعةِ العِدَى

ومن التَّشَحُّطِ في دمِ الفُرسَانِ

ومساحبُ الزقِّ اللجوجِ على الثَّرى

أحرى بنا من مسحبِ الفتيانِ

وألذُّ من عَلَقٍ يَدُرُّ وشخبُه

ثرٌّ عُقارٌ ذاتُها متفاني

وأحبُّ من طعنِ الوريدِ وشكِّه

شكِّي بمبزالٍ وريد دِنَانِ

وألذُّ من رشقِ النِبَالِ لدَى الوغَى

رَمْيِي بتفاحٍ نحورَ غَواني

كم بينَ طرَّةِ شادنِ قد صُفِّفَتْ

وتَصفُّفِ الأقرانِ يومَ طِعَانِ

هل قيسَ أوتارُ المزاهرِ غرَّدت

بالمنجنيق تُشدُّ بالأرسانِ

وقِرانُ مضرابٍ وزيرٍ ناطقٍ

بقرانِ لَأْمَةِ فارسٍ وسنانِ

وعناقُ حوراءِ المدامعِ غضَّةٍ

بعناقِ مقدامٍ من الشُجعانِ

وطرادُ ميَّاسِ القوام مُهفهفٍ

بطرادِ خطَّارِ السنانِ هِجانِ

ورفيفُ أجنحةِ السرور تحُثُّها

برفيفِ أسرابٍ من العقبانِ

وقضيبُ ريحان يَهُزُّ قوامَه

طَرَباً بهزِّ أسنَّةِ المُرَّانِ

إنّي أميلُ إِلى قسيِّ حواجبٍ

عن عطفِ كلِّ حنيَّةٍ مرنانِ

وأحبُّ أجفانَ الحِسانِ ومحتَوى

قلبي الْتِمَاعُ ودائعِ الأجفانِ

أرقالُ أقداحٍ وأرمالُ الغِنى

أشهى من الإرقالِ والذَّملانِ

وإِذا شِرِبْتُ من المعتَّقِ أربعاً

أعرضت عن ذِكْرِ النجيعِ القاني

وإِذا ظفرتُ من المَنى برغائبي

فيها فقحطانٌ على عدنانِ

أأخافُ أحداثَ الزمان وإنَّما

سيفي وكنزي مُهجتي وبناني

وإِذا افتكرتُ أضاء فكريَ إنَّما

عُسْرُ الزمانِ ويُسْرُهُ سِيَّانِ

والمرءُ همَّته غناهُ وفقرُهُ

وبقدرِها يحظَى من الأزمانِ

وبجدِّهِ يوري الزنادَ وكدِّهِ

يُكبي إِذا ما كان غيرَ مُعانِ

وغُبارُ أحداثِ الخُطوبِ بلمتِي

وسهامُها في جُنَّتِي وجَناني

يُنْبِي ويصدعُ لي بحقٍّ أنّني

فردٌ كنجمِ الصبحِ قرنُ زماني

لا تُنكري يا سَلْمَ لينيَ ربَّما

يعتاقُ عيرٌ هَمَّ بالنَّزَوانِ

أعلقتني ظَنَّ الظنينِ وإنِّما

بعد التكافُحِ يعرفُ السيغانِ

قد يشبهُ الماءَ السرابَ ويستوي

بَرَدٌ ودُرّ العِقدِ عند عيانِ

جسمي طليقٌ غيرَ أنَّ عزِيمتي

مغلولةٌ قَهراً وقلبي عاني

وإِذا التفتُّ إِلى وِدَادِكَ لم أُبِلْ

بسهامِ صرفِ الدهرِ كيف رماني

أنت الذي طابتْ مغارسُ مجدِه

حتى تقاصَرَ دونَهُ الثَّقَلانِ

أجررتَ ألسنةَ العدوِّ بفيصلٍ

ماضِي الغِرارِ إِذا نطقتَ يماني

وشققتَ شأوَ الحاسدينَ ففي المدَى

تجري وهُمْ نُظَّارةُ الميدانِ

متلثّمينَ بنقعِ شأوكَ وُقَّفاً

عُقلوا بقيدَيْ حَيْرةٍ وحِرانِ

أنّى يناقِلُكَ العلاءَ مفاخِرٌ

ولقد عنَا لعلائِك القَمرانِ

لله درُّ الفضلِ حلَّى جيدَهُ

إِذا زارَ ربعَكَ ضارباً بجرَانِ

قد زُفَّ منك إِلى الكَفِيِّ وإنّه

لأعَزُّ زَوْرٍ في أعزِّ مكانِ

وإِذا أجلتَ يديكَ فوقَ مهارقٍ

فهُناك مسقطُ لؤلؤٍ وجُمانِ

وإِذا نطقتَ بمحفِلٍ متحدّثاً

فهناك أَنْبَأُ من شَباةِ سِنانِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الطغرائي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات