حمدت إلهي والمقام عظيم

ديوان محيي الدين بن عربي

حمدتُ إلهي والمقامُ عظيم

فأبدى سروراً والفؤادُ كليمُ

ويا عجباً من فرحةٍ كيف قورنَتْ

بترحةٍ قلبٍ حلَّ فيه عظيم

ولكنني من كشفِ بحر وجودِه

عجبتُ لقلبي والحقائقُ هِيم

كذاك الذي أبدى من النورِ ظاهراً

على سَدَفِ الأجسام ليس يقيم

وما عجبي من نور جسمي وإنّما

عجبتُ لنورِ القلبِ كيفَ يريم

فإن كان عن كشفٍ ومشهدِ رؤيةٍ

فنورٌ تجلِّيه عليه عميم

تفطّنت فاستر علة الأمر يا فتى

فهل زيّ خلق بالعليم عليم

تعالى وجودُ الذاتِ عن نيلِ علمه

به عند فصلي والفصالُ قديم

فغرنيق ربي قد أتاني مخبراً

بتعيين ختم الأوليلء كريم

فقلت وسرّ البيتِ صف لي مقامه

فقال حكيمٌ يصطفيه حكيم

فقلت يراه الختم فاشتّد قائلاً

إذا ما رآه الختم ليس يدوم

فقلت وهل يبقى له الوقت عندما

يراه نعم والأمر فيه جسيم

وللختم سرٌّ لم يزل كلُّ عارفٍ

عليه إذا يسري إليه يحومُ

أشار إليه التَّرمذيّ بختمه

ولم يُبدِه والقلبُ منه سليم

وما ناله الصدّيقُ في وقتِ كونِه

وشمسُ سماءِ الغربِ منه عديم

مذاقاً ولكنَّ الفؤادَ مشاهد

إلى كلِّ ما يبديه وهو كتوم

يغار على الأسرار أن تلحق الثرى

ولا تمتطيها الزهرُ وهي نجوم

فإن أبدروا أو أشمسوا فوقَ عرشه

وكان لهم عندَ المقامِ لزوم

فرّبما يبدو عليهم شهودُها

فمنهم نجومٌ للهدى ورجومُ

ولكنه المرموزُ لا يدرك السنا

وكيف يرى طيبَ الحياة سقيم

فسبحان من أخفى عن العينِ ذاته

وبحر تجلِّيها عليه عميمُ

فأشخاصنا خمسٌ وخمسٌ وخمسةٌ

عليهم نرى أمرّ الوجودِ يقوم

ومن قال إن الأربعين نهاية

لهم فهو قولٌ يرتضيه كليم

وإن شئت أخبر عن ثمانٍ ولا تزد

طريقهمُ فرد إليه قويم

فسبعتهم في الأرضِ لا يجهونها

وثامنهم عند النجوم لزوم

فعند فنا خاءِ الزمانِ ودالها

على فاءِ مدلولِ الكوور يقوم

مع السبعةِ الأعلام والناسُ غُفُلٌ

عليم بتدبيرِ الأمور حليم

وفي الروضةِ الغرّاءِ سمُّ غذائهِ

وصاحبها بالمؤمنين رحيمٌ

ويختصُ بالتدبيرِ من دون غيره

إذا فاح زهر أو يهبُّ نسيمُ

تراه إذا ناداه في الأمر جاهلٌ

كثير الدعاوى أو يكيدُ زنيم

فظاهرُه الإعراض عنه وقلبُه

غيور على الأمرِ العزيزِ زعيم

إذا ما بقي من يومه نصفَ ساعةٍ

إلى ساعة أخرى وحلَّ صَريمُ

فيهتز غص العدل بعد سكونه

ويحيي بنات الأرض وهو هشيم

ويظهر عدلُ الله شرقاً ومغرباً

وشخصُ إمامِ المؤمنين رحيم

وثم صلاةُ الحق تترى على الذي

به لم أزل في حالتيّ أهيم

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات