حذرا عليك من الفعال الجافي

ديوان صفي الدين الحلي

حَذراً عَلَيكَ مِنَ الفَعالِ الجافي

أُدنيكَ مُجتَهِداً إِلى الإِنصافِ

وَأَوَدُّ فِعلَكَ لِلجَميلِ مَخافَةً

إِنَّ الطَبيعَةَ لِلمُسيءِ تُكافي

يا شائِنَ الحُسنِ البَديعِ بِبِدعَةِ ال

هَجرِ الشَنيعِ وَكَثرَةِ الإِخلافِ

لا تَقرِنَنَّ الحُسنَ مِنكَ بِضِدِّهِ

إِنَّ الإِساءَةَ لِلجَمالِ تُنافي

يا جامِعَ الوَردِ الجَنِيَّ وَمائِهِ

في الخَدِّ لِم أُشرِبتَ ماءَ خِلافِ

يا عاذِلي في الحُبِّ لَمّا أَن رَأى

وَجدي وَبِشري في الهَوى بِتَلافي

لَو سِرتُ في قُدسِ المَحَبَّةِ حافِياً

لَعَلِمتَ كَيفَ يَكونُ بِشرُ الحافي

إِنَّ الَّذي أَضحَت صَوارِمُ لَحظِهِ

تَحمي مَراشِفَهُ مِنَ التَرشافِ

لَو شاءَ أَن يَشفي المُحِبَّ سَقاهُ مِن

تِلكَ الشِفاهِ بِأَوَّلِ الأَعرافِ

فَسَقى رُبى المَرجِ الأَنيقِ وَلالَشٍ

وَالعَينَ صَوبَ الوابِلِ الوَكّافِ

أَرضاً حَلَلتُ مُمَتَّعاً في أَهلِها

فَكَأَنَّهُم إِلفايَ أَو إِحلافي

ما زِلتُ أَنعَمُ في جَديدِ سَوالِفٍ

مِنها وَطَوراً في عَتيقِ سُلافِ

مِن كُلِّ مَجدولِ القَوامِ مُهَفهَفٍ

فَحلِ اللِحاظِ مُخَنَّثِ الأَعطافِ

مِن فِتيَةِ الكُردِ الَّذينَ لِجَدَّهُم

شَرَفٌ مُنافٍ أَهلَ عَبدِ مَنافِ

قَومٌ إِذا أَسَروا المُلوكَ بِأَرضِهِم

جَعَلوا الشُعورَ حَمائِلَ الأَسيافِ

غَصَبوا الوُعولَ بِها القِيانَ وَوَطَّدوا

وَعرَ الذُرى بِتَسَهُّلِ الأَكنافِ

وَبَنوا عَلى قُلَلِ الجِبالِ بُيوتَهُم

إِنَّ البِقاعَ مَنازِلُ الأَشرافِ

خَلَفَت عُيونُهُمُ السِهامَ وَلَم أَخَل

أَنَّ القُلوبَ لَها مِنَ الأَهدافِ

وَرَنوا بِأَجفانٍ ضِعافٍ في الوَغى

لَكِنَّها في الفَتكِ غَيرُ ضِعافِ

حَمَلوا البُدورَ عَلى الغُصونِ وَكَلَّفوا

ضُعفَ الخُصورِ تَحَمُّلَ الأَحقافِ

عَقَدوا البُنودَ عَلى الخُصورِ فَأَظهَرَت

ما كانَ مَجهولاً مِنَ الأَردافِ

وَتَسَربَلوا بِدُجى الشُعورِ فَأَسبَلوا

فَوقَ الصِباحِ مَدارِعَ الأَسدافِ

وَتَتَوَّجوا بِقَلانِسٍ مُحمَرَّةٍ

جَعدٌ عَلى سَبطِ الأَثيثِ الصافي

حُمرٌ عَلى سودِ الشُعورِ كَأَنَّها

شَفَقٌ عَلى بَحرِ الدُجُنَّةِ طافِ

قُل لِلَّذي أَخَذَت مَناطِقُ خَصرِهِ

مِن فَرعِهِ خَبَراً عَنِ الأَشنافِ

إِن يَزهُ خَصرُكَ بِالوِشاحِ فَقَد زَهَت

بِفَنى وِشاحٍ سائِرُ الأَطرافِ

الحاكِمُ الحَكَمُ الَّذي شَهِدَت لَهُ

أَعداؤُهُ بِالعَدلِ وَالإِنصافِ

قاضٍ إِذا التَبَسَت حَقيقَةُ مُشكِلٍ

أَبدَت لَهُ الآراءُ ما هُوَ خافِ

وَإِذا أَفاضَ البَحثَ ساقَطَ لَفظُهُ

دُرَراً تُنَزِّهُها عَنِ الأَصدافِ

وَإِذا المَسائِلُ في الجِدالِ تَعَرضَت

بِالعَيِّ أَقبَلَ بِالجَوابِ الشافي

مَولىً طَوارِفُ مالِهِ وَتِلادُهُ

وَقفٌ عَلى الإِسعادِ وَالإِسعافِ

طُبِعَ الأَنامُ عَلى الخِلافِ وَجودُهُ

في الناسِ مَسأَلَةٌ بِغَيرِ خِلافِ

بَذَلَ النُضارَ مَعَ اللُجَينِ وَعِرضُهُ

في الصَونِ كَاِسمِ أَبيهِ في الأَوصافِ

يُبدي اِهتِزازاً لِلمَديحِ كَأَنَّما

عوطي وَحاشاهُ كُؤوسَ سُلافِ

وَلَرُبَّما جَلّى العَجاجَ بِسَيفِهِ

وَالنَقعُ أَحلَكُ مِن جَناحِ غُدافِ

مِن فَوقِ يَعبوبٍ لَهُ يَومَ الوَغى

سَبقُ القَطا وَتَقَلَّبُ الخَطّافِ

يَنمي إِلى القَومِ الَّذينَ إِذا سَطوا

أَغنَت عَزائِمُهُم عَنِ الأَسيافِ

يَتَهافَتونَ عَلى القِراعِ وَفي النَدى

يَتَهافَتونَ عَلى قِرى الأَضيافِ

أَغناهُمُ عَن رَفعِ نيرانِ القِرى

ذِكرٌ لَهُم عالٍ وَشُكرٌ وافِ

لا عَيبَ فيهِ غَيرَ أَنَّ نَوالَهُم

في الناسِ مَنسوبٌ إِلى الإِسرافِ

مَولايَ تاجَ الدينِ يا مَن حِلمُهُ

وَسَماحُهُ يُغَني عَنِ اِستِعطافي

كَيفَ اِستَخَرتَ سَماعَ ما نَقَلَ العِدى

عَنّي وَذَلِكَ لِلصَحيحِ يُنافي

أَفصَحَّ أَنَّ الذِئبَ آكِلُ يوسُفٍ

أَوَليسَ فيهِ لَكُم دَليلٌ كافِ

حَتّى تُقاسَ عَلَيهِ كُلُّ رَفيعَةٍ

رَفَعَ السُعاةُ بِها إِلى الإِشرافِ

وَلَقَد بَسَطتُ العُذرَ عِندَكَ فَاِعتَبِر

مَبسوطَهُ مِن رَأيِكَ الكَشّافِ

كَم طالِبٍ عَفواً وَلَيسَ بِمُذنِبٍ

وَمُقَدَّمٍ عُذراً وَليسَ بِهافِ

وَمُؤَنَّبٍ في الإِنقِطاعِ وَإِن غَدا

مُتَجافِياً خَجَلاً فَلَيسَ بِجافِ

وَلَرُبَّ جانٍ وَهوَ غَيرُ مُجانِبٍ

وَلَرُبَّ وافٍ وَهوَ غَيرُ مُوافِ

شُكراً لِواشٍ أَوجَبَت أَقوالُهُ

حَجّي لِكَعبَةِ رَبِّكُم وَطَوافي

بُعدٌ جَنَيتُ القُربُ مِن أَغصانِهِ

وَسَكينَةٌ حَصَلَت مِنَ الإِرجافِ

وَلَرُبَّما عَوَتِ الكِلابُ فَأَرشَدَت

نَحوَ الكِرامِ شَوارِدَ الأَضيافِ

دَع عَنكَ ما اِختَلَفَ الوَرى في نَقلِهِ

عَنّي وَخُذ مَدحاً بِغَيرِ خِلافِ

مَدحاً أَتاكَ وَلا يَرومُ إِجازَةً

إِلّا المَوَدَّةَ وَالضَميرَ الصافي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان صفي الدين الحلي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات