جهاد هوى لكن بغيري ثوابي

ديوان لسان الدين بن الخطيب

جِهَادُ هَوىً لَكِنْ بِغَيْرِي ثَوَابي

وَشَكْوَى جَوىً لَكِنْ بِغَيْرِي جَوَابِي

وَعُمْرٍ تولى في لَعَلَّ وَفي عَسى

وَدَهْرٍ تَقَضَّى فِي نَوى وَعِتَابِ

أَمَا آنَ لِلْمُنْبَتِّ فِي سُبُلِ الْهَوَى

بِأَنْ يَهْتَدِي يَوْماً سَبِيلَ صَوَابِ

تَأَمَّلْتُهَا خَلْفِي مَرَاحِل جُبْتُهَا

يُنَاهِزُ فِيهَا الأَرْبِعيِنَ حِسَابِي

جَرَى بِيَ طِرْفُ اللَّهْوِ حَتَّى شَكَا الْوَجَى

وَأَقْفَرَ مِنْ زَادِ النَّشَاطِ جِرَابِي

وَمَا حَصَلَتْ نَفْسي عَلَيْهَا بِطَائِلٍ

وَلاَ ظَفِرَتْ كَفِّي ببَعْضِ طِلاَبِ

نَصِيبِيَ مِنْهَا حَسَرةٌ كَوْنُهَا مَضَتْ

بِغَيْرِ زَكَاةٍ وَهْيَ مِثْلُ نِصَابِ

وَمَا رَاعَنِي وَالدَّهْرُ رَبُّ وَقَائِعٍ

سِجَالٍ عَلَى أَبْنَائِهِ وَغِلاَبِ

سِوَى شَعَرَاتٍ لُحْنَ مِنْ فَوْقِ مَفْرَقِي

قَذَقْنَ لِشَيْطَانِ الصَّبَا بِشِهَابِ

أبَحْنَ ذِمَاري وَانْتَهَبْنَ شَبِيبَتِي

أَهْنَّ نُصُولٌ أَمْ فُصًولُ خِضابِ

وَقَدْ كُنْتُ يَهْوَى الرَّوْضُ نشر شَمَائِلي

وَيَمْرَحُ غُصْنُ الْبَانِ طَيَّ ثِيَابِي

فَمُذْ كَتَبَ الْوَخْطُ المُلِمُّ بِعارِضي

حروفاً أتى فيها بمحض عتاب

نسخت بما قد خطه سُنَّةَ الْهَوَى

وَكَمْ سُنَّةٍ مَنْسُوخَةٍ بِكِتَابِ

سَلاَمٌ عَلَى تِلْكَ الْمَعَاهِدِ إِنَّهَا

مَرَابِعُ أُلاَّفِي وَعَهْدُ صِحَابِي

وَيَا آسَةَ الْعَهْدِ انْعَمِي فَلَطَالَمَا

سَكبْتُ عَلَى مَثْوَاكِ مَاءَ شَبَابِي

كَأَنَّي بِذَاتِ الضَّالِ تَعْجَبُ مِنْ فَتَى

تَذَكَّرَ فِيهَا اللَّهْوَ بَعْدَ ذَهَابِ

تَقُولُ أَذِكْرِى بَعْدَمَا بَانَ جِيرَتِي

وَصَوَّحَ رَوْضِي وَاقْشَعَرَّ جَنَابِي

وَأصْبَحْتُ مِنْ بَعْدِ الأَوَانِسِ كَالدُّمَى

يَهُولُ حُدَاةَ الْعِيسِ جَوْبُ يَبَابِي

تَغَارُ الرِّيَاحُ السَّافِيَاتُ بطَارِفِي

فَمَا إِنْ تَرِيمُ الرَّكْضَ حَولَ هِضَابِي

فَإِنْ سَجَعَ الرُّكْبَانُ فِيَّ بِمِدْحَةٍ

حَثَتْ في وُجُوهِ الْمَادِحِينَ تُرَابِي

أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ الْوَفَاءَ سَجَّيتِي

إِذَا شَحَطتْ دَارِي وَشَطَّ رِكَابِي

سَقَاكَ كَدَمْعِي أَو كَجُودِكَ وَابِلٌ

يُقَلِّدُ نَحْرَ الْحَوْضِ دُرَّ حَبَابِ

وَلاَ بَرِحَتْ تَهْفُو لِمَعْهَدِكَ الصَّبَا

وَيَسْحَبُ فِيهِ الْمُزْنُ فَضْلَ سَحَابِ

سِوَايَ يَرُوعُ الدَّهْرُ أَوْ يَسْتَفِزُّهُ

بِيَوْمِ فِرَاقٍ أَوْ بِيوْمِ إِيَابِ

وَغَيْرِيَ يَثْنِي الْحْرِصُ ثِنْيَ عِنَانِهِ

إِلَى نَيْلِ رِفْدٍ وَالتِمَاسِ ثَوَابِ

تَمَلَّأتُ بالدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ خِبْرَةً

فَأَعْظَمُ مَا بِالنَّاسِ أَيْسَرُ مَا بِي

وَأَيْقَنْتُ أنَّ اللهَ يَمْنَحُ جَاهِداً

وَيَرْزُقُ أَقْوَاماً بِغَيْرِ حِسَابِ

فَيَاذُلَّ أّذْنٍ همُّهَا إِذْنَ حَاجِبٍ

وَيَا هُونَ وَجْهٍ خَلْفَ سُدَّةِ بَابِ

وَقَدْ كَانَ هَمِّي أَنْ تُعَانِي مطيّتي

بِبَعْضِ نَبَاتِ النّيلِ خَوْضَ عُبَابَ

وَأُضْحِي وَمِحْرَابُ الدُّجَى مُتَهَجَّدِي

وَأَمْسِي وَمَاءُ الرَّافِديْنِ شَرَابِي

وَتَضْحَكُ مِنْ بَغْدَادَ بيضُ قِبَابها

إِذَا مَا تَرَاءَتْ بِالسَّوَادِ قِبَابِي

وَلَكِنْ قَضَاءٌ يَغْلِبُ الْعَزْمَ حُكْمُهُ

وَيَضْرِبُ مِنْ دُونِ الْحِجَا بِحجَابِ

يَقُولُونَ لِي حَتَّامَ تَنْدُبُ فَائِتاً

فَقُلْتُ وَحُسْنُ الْعَهْدِ لَيْسَ بِعَابِ

إِذَا أَنَا لَمْ آسفْ عَلَى زَمَنٍ مَضَى

وَعَهْدٍ تَقَضَى فِي صِباً وَتَصَابِي

فَلاَ نَظمَتْ دُرَّ الْقِريضِ قَرِيحَتي

وَلاَ كَانَتِ الآدَابُ أَكْبَرَ دَابِي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات