جنت الغوارس واستقل أخو الغني

ديوان أبو العلاء المعري

جَنَتِ الغَوارِسُ وَاِستَقَلَّ أَخو الغِني

وَسَعى المُؤَمِّلُ وَاِستَراحَ اليائِسُ

وَاللُبُّ حُرفٌ وَالجَهالَةُ نِعمَةٌ

وَالكَيّسُ الفَطِنُ الشَقيُّ الكائِسُ

وَإِذا رَجَعتَ إِلى الحَقائِقِ لَم يَكُن

في العالَمِ البَشَريِّ إِلّا بائِسُ

وَالمَوتُ بازٍ وَالنُفوسُ حَمائِمُ

وَهِزَبرُ عِرَّيسٍ وَنَحنُ فَرائِسُ

إِنَّ الأَوانِسَ أَن تَزورَ قُبورَها

خَيرٌ لَها مِن أَن يُقالَ عَرائِسُ

كَم نالَ قَبلَكَ في طَعّامِكَ مِن يَدٍ

نَصَبٌ إِلى أَن لاسَ قُوتَكَ لائِسُ

فَكَوارِبٌ وَزَوارِعٌ وَكَوافِرٌ

وَحَواصِدٌ وَجَوامِعٌ وَدَوائِسُ

وَخُطوبُ دَهرٍ غَيرُ ذَلِكَ جَمَّةٌ

دونَ اِغتِذائِكَ وَالأَُمورُ لَبائِسُ

وَكَذاكَ ما عَنّاهُمُ حَتّى رَأوا

شَجَراً بِها ثَمَرُ النَدامَةِ نائِسُ

وَمَتّى رَكِبتَ إِلى الدِيانَةِ غالَها

فِكَرٌ عَلى حُسنِ الضَميرِ دَسائِسُ

وَالعَقلُ يَعجَبُ وَالشَرائِعُ كُلُّها

خَبَرٌ يُقَلَّدُ لَم يَقِسهُ قائِسُ

مُتَمَجِّسونَ وَمُسلِمونَ وَمَعشَرٌ

مُتَنَصِّرونَ وَهائِدونَ رَسائِسُ

وَبُيوتُ نيرانٍ تُزارُ تَعَبُّداً

وَمَساجِدٌ مَعمورَةٌ وَكَنائِسُ

وَالصائِبونَ يُعَظَّمونَ كَواكِباً

وَطِباعُ كُلٍّ في الشُرورِ حَبائِسُ

أَنّي يَنالُ أَخو الدِيانَةِ سُؤدَداً

وَمَآرِبُ الرَجُلِ الشَريفِ خَسائِسُ

وَإِذا الرِئاسَةُ لَم تُعَن بِسِياسَةٍ

عَقليَّةٍ خَطِئَ الصَوابَ السائِسُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات