جزى الله الأجل المرء نوحا

ديوان أمية بن أبي الصلت

جَزى اللَهُ الأَجَلُّ المَرءَ نوحاً

جَزاءَ البِرِّ لَيسَ لَهُ كِذابُ

بِما حَمَلَت سَفينَتُهُ وَأَنجَت

غَداةَ أَتاهُمُ المَوتُ القُلابُ

وَفيها مِن أَرومَتِهِ عِيالٌ

لَديهِ لا الظِماءُ وَلا السِغابُ

وَإِذ هُم لا لَبوسَ لَهُم تَقيهِم

وَإِذ صَمُّ السِلامِ لَهُم رِطابُ

عَشِيَّةَ أَرسَلَ الطوفانَ تَجري

وَفاضَ الماءُ لَيسَ لَهُ جِرابُ

عَلى أَمواجِ أَخضَرَ ذي حَبيكٍ

كَأَنَّ سُعارَ زاخِرِهِ الهِضابُ

وَأُرسِلَتِ الحَمامَةُ بَعدَ سَبعٍ

تَدُلُّ عَلى المَهالِكِ لا تَهابُ

تَلَمَّسُ هَل تَرى في الأَرضِ عَيناً

وَغايَتُهُ بِها الماءُ العُبابُ

فَجاءَت بَعدَما رَكَضَت بِقِطفٍ

عَلَيهِ الثَأطُ وَالطينُ الكُثابُ

فَلَمّا فَرَّشوا الآياتِ صاغوا

لَها طَوقاً كَما عُقِدَ السِخابُ

إِذا ماتَت تُوَرِّثُهُ بَنيها

وَإِن تُقتَل فَلَيسَ لَها اِستِلابُ

بِآيَةِ قامَ يَنطُقُ كُلُّ شَيءٍ

وَخانَ أَمانَةَ الديكِ الغُرابُ

كَذي الأَفعى يُرَبّيها لَدَيهِ

وَذي الجِنِيِّ أَرسَلَها تُسابُ

فَلا رَبُّ المَنِيَّةِ يَأمَنَنها

وَلا الجِنِيُّ أَصبَحَ يُستَتابُ

بِإِذنِ اللَهِ فَاِشتَدَت قِواهُم

عَلى مَلَكَينِ وَهيَ لَهُم وِثابُ

وَفيها مِن عِبادِ اللَهِ قَومٌ

مَلائِكُ ذُلِّلوا وَهُمُ صِعابُ

سَراةُ صَلابَةٍ خَلقاءَ صيغَت

تُزِلُّ الشَمسَ لَيسَ لَها إِيابُ

وَأَعلاقُ الكَواكِبِ مُرسَلاتٌ

تُرَدَّدُ وَالرِياحُ لَها رِكابُ

وَأَعلاطُ النُجومِ مُعَلَّقاتٌ

كَحَبلِ القِرقِ غايَتُها النِصابُ

غُيوثٌ تَلتَقي الأَرحامُ فيها

تُحِلُّ بِها الطَروقَةُ وَاللِجابُ

وَتَرذى النابُ وَالجَمعاءُ فيهِ

بِوَحشِ الأَصمَتَينِ لَهُ ذُبابُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان أمية بن أبي الصلت، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات