توقعي أن يقال قد ظعنا

ديوان الشريف الرضي

تَوَقَّعي أَن يُقالَ قَد ظَعَنا


ما أَنتِ لي مَنزِلاً وَلا سَكَنا


يا دارُ قَلَّ الصَديقُ فيكِ فَما


أُحِسُّ وِدّاً وَلا أَرى سَكَنا


ما لِيَ مِثلَ المَذودِ عَن أَرَبي


وَلي عُرامٌ يُجِرُّني الرَسَنا


أَلينُ عَن ذِلَّةٍ وَمِثلِيَ مَن


وَلّى المَقاديرَ جانِباً خَشِنا


مُعَطِّلاً بَعدَ طولِ مَلبَثِهِ


مَنازِلاً قَد عَمَرتُها زَمَنا


تَلعَبُ بي الغائِباتُ واغِلَةً


كَما تَهُزُّ الزَعازِعُ الغُضُنا


أَيقَظنَ مِنّي مُهَنَّداً ذَكَراً


إِلى المَعالي وَسائِقاً أَرِنا


كَيفَ يَهابُ الحِمامَ مُنصَلِتٌ


مُذ خافَ غَدرَ الزَمانِ ما أَمِنا


لَم يَلبَسِ الثَوبَ مِن تَوَقُّعِهِ


الأَمرَ إِلّا وَظَنَّهُ كَفَنا


أَعطَشَهُ الدَهرُ مِن مَطالِبِهِ


فَراحَ يَستَمطِرُ القَنا اللُدُنا


لي مَهجَةٌ لا أَرى لَها عِوَضاً


غَيرَ بُلوغِ العُلى وَلا ثَمَنا


وَكَيفَ تَرجو البَقاءَ نَفسُ فَتىً


وَدَأبُها أَن تُضَعضِعَ البَدَنا


فَيما مُقامي عَلى مُعَطَّلَةٍ


رُنِّقَ لي ماؤُها وَقَد أَجَنا


أَكُرُّ طَرفي فَلا أَرى أَحَداً


إِلّا مُغيظاً عَلَيَّ مُضطَغِنا


يُنبِضُ لي مِن لِسانِهِ أَبداً


نِصالَ ذَمٍّ تُمَزَّقُ الجُنَنا


وَكُلُّ مُستَنفِرٍ تَرائِبُهُ


تَحمِلُ ضَبّاً عَلَيَّ قَد كَمَنا


إِن مَرَّ بي لَم أَعُج بِهِ بَصَراً


أَو قالَ لي لَم أُمِل لَهُ أُذُنا


مِن مَعشَرٍ أَظهَروا الشَجاعَةَ في ال


بُخلِ وَعِندَ المَكارِمِ الجُبُنا


بُلهٌ عَنِ المَجدِ غَيرَ أَنَّهُمُ


قَد شَغَلوا بِالمَعايِبِ الفِطَنا


يَستَحقِبونَ المَلامَ إِن رَكِبوا


وَيَحمِلونَ الظُنونَ وَالظِنَنا


نَحنُ أُسودُ الوَغى إِذا قَصَفَ ال


طَعنُ قَنا الخَطِّ في جَوانِبِنا


مُلتَفُّ أَعياصِنا إِلى مُضَرٍ


أَمَرَّ عيدانَنا لِعاجِمِنا


نَجُرُّ ما شِئتَ مِن لِسانِ فَتىً


إِن هَدَرَت ساعَةً شَقاشِقُنا


إِنَّ أَبانا الَّذي سَمِعتَ بِهِ


أَسَّسَ في هَضبَةِ العُلى وَبَنى


ما ضَرَّنا أَنَّنا بِلا جِدَةٍ


وَالبَيتُ وَالرُكنُ وَالمَقامُ لَنا


وَهِمَّةٌ في العَلاءِ لازِمَةٌ


تُلزِمُ صُمَّ الرِماحِ أَيدِيَنا


طِلابُنا المَجدَ مِن ذَوائِبِهِ


رَوَّحَنا بَعدَ أَن أَضَرَّ بِنا


نَأخُذُ مِن جُمَّةِ العُلى أَبَداً


ما أَخَذَ الضَربُ مِن جَماجِمِنا


سَوفَ تَرى أَنَّ نَيلَ آخِرِنا


مِنَ العُلى فَوقَ نَيلِ أَوَّلِنا


وَأَنَّ ما بُزُّ مِن مَقادِمِنا


يُخلِفُهُ اللَهُ في عَقائِلِنا


ذَلِكَ وِردُ قَذىً لِسابِقِنا


وَالآنَ يُجلى القَذى لِلاحِقِنا


دَينٌ عَلى اللَهِ لا نُماطِلُهُ ال


شُكرَ عَليهِ وَلا يُماطِلُنا


لَأوقِرَنَّ الرُكابَ سائِرَةً


عَزماً يَكُدُّ الأَبدانَ وَالبُدُنا


حَتّى تَهاوى مِنَ اللُغوبِ وَتَس


تَنجِدُ بَعدَ المَناسِمِ الثَفَنا


حَزّاً إِلى المَجدِ مِن أَزِمَّتِها


لَيسَ كَحَزِّ الأَعاجِزِ الظُعُنا


لَأَبلُغُ العِزَّ أَو يُقالُ فَتىً


جَنَت عَلَيهِ يَدُ الرَدى وَجَنى

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات