تنكر بعدي من أميمة صائف

ديوان أوس بن حجر

تَنَكَّرَ بَعدي مِن أُمَيمَةَ صائِفُ

فَبِركٌ فَأَعلى تَولَبٍ فَالمَخالِفُ

فَقَوٌّ فَرَهبي فَالسَليلُ فَعاذِبٌ

مَطافيلُ عوذِ الوَحشِ فيهِ عَواطِفُ

فَبَطنُ السُلَيِّ فَالسِخالُ تَعَذَّرَت

فَمَعقُلَةٌ إِلى مُطارٍ فَواحِفُ

كَأَنَّ جَديدَ الدارِ يُبليكَ عَنهُمُ

تَقِيُّ اليَمينِ بَعدَ عَهدِكَ حالِفُ

بِها العينُ وَالآرامُ تَرعى سِخالُها

فَطيمٌ وَدانٍ لِلفِطامِ وَناصِفُ

وَقَد سَأَلَت عَنّي الوُشاةُ فَخُبِّرَت

وَقَد نُشِرَت مِنها لَدَيَّ صَحائِفُ

كَعَهدِكِ لا عَهدُ الشَبابِ يُضِلُّني

وَلا هَرِمٌ مِمَّن تَوَجَّهَ دالِفُ

وَقَد أَنتَحي لِلجَهلِ يَوماً وَتَنتَحي

ظَعائِنُ لَهوٍ وُدُّهُنَّ مُساعِفُ

نَواعِمُ ما يَضحَكنَ إِلّا تَبَسُّماً

إِلى اللَهوِ قَد مالَت بِهِنَّ السَوالِفُ

وَأَدماءَ مِثلَ الفَحلِ يَوماً عَرَضتُها

لِرَحلي وَفيها جُرأَةٌ وَتَقاذُفُ

فَإِن يَهوَ أَقوامٌ رَدايَ فَإِنَّما

يَقيني الإِلَهُ ما وَقى وَأُصادِفُ

وَعَنسٍ أَمونٍ قَد تَعَلَّلتُ مَتنَها

عَلى صِفَةٍ أَو لَم يَصِف لِيَ واصِفُ

كُمَيتٍ عَصاها النَقرُ صادِقَةِ السُرى

إِذا قيلَ لِلحَيرانِ أَينَ تُخالِفُ

عَلاةٍ كِنازِ اللَحمِ ما بَينَ خُفِّها

وَبَينَ مَقيلِ الرَحلِ هَولٌ نَفانِفُ

عَلاةٍ مِنَ النوقِ المَراسيلِ وَهمَةٍ

نَجاةٍ عَلَتها كَبرَةٌ فَهيَ شارِفُ

جُمالِيَّةٍ لِلرَحلِ فيها مُقَدَّمٌ

أَمونٍ وَمُلقىً لِلزَميلِ وَرادِفُ

يُشَيِّعُها في كُلِّ هَضبٍ وَرَملَةٍ

قَوائِمُ عوجٌ مُجمَراتٌ مَقاذِفُ

تَوائِمُ أُلّافٌ تَوالٍ لَواحِقٌ

سَواهٍ لَواهٍ مُربِذاتٌ خَوانِفُ

يَزِلُّ قُتودُ الرَحلِ عَن دَأَياتِها

كَما زَلَّ عَن رَأسِ الشَجيجِ المَحارِفُ

إِذا ما رِكابُ القَومِ زَيَّلَ بَينَها

سُرى اللَيلِ مِنها مُستَكينٌ وَصارِفُ

عَلا رَأسَها بَعدَ الهِبابِ وَسامَحَت

كَمَحلوجِ قُطنٍ تَرتَميهِ النَوادِفُ

وَأَنحَت كَما أَنحى المَحالَةَ ماتِحٌ

عَلى البِئرِ أَضحى حَوضُهُ وَهوَ ناشِفُ

يُخالِطُ مِنها لينَها عَجرَفِيَّةٌ

إِذا لَم يَكُن في المُقرِفاتِ عَجارِفُ

كَأَنَّ وَنىً خانَت بِهِ مِن نِظامِها

مَعاقِدُ فَاِرفَضَّت بِهِنَّ الطَوائِفُ

كَأَنَّ كُحَيلاً مُعقَداً أَو عَنِيَّةً

عَلى رَجعِ ذِفراها مِنَ الليتِ واكِفُ

يُنَفِّرُ طَيرَ الماءِ مِنها صَريفُها

صَريفَ مَحالٍ أَقلَقَتهُ الخَطاطِفُ

كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَحقَبَ قارِباً

لَهُ بِجُنوبِ الشَيِّطَينِ مَساوِفُ

يُقَلِّبُ قَيدوداً كَأَنَّ سَراتَها

صَفا مُدهُنٍ قَد زَحلَفَتهُ الزَحالِفُ

يُقَلِّبُ حَقباءَ العَجيزَةِ سَمحَجاً

بِها نَدَبٌ مِن زَرَهِ وَمَناسِفُ

وَأَخلَفَهُ مِن كُلِّ وَقطٍ وَمُدهُنٍ

نِطافٌ فَمَشروبٌ يَبابٌ وَناشِفُ

وَحَلَّأَها حَتّى إِذا هِيَ أَحنَقَت

وَأَشرَفَ فَوقَ الحالِبَينِ الشَراسِفُ

وَخَبَّ سَفا قُريانِهِ وَتَوَقَّدَت

عَلَيهِ مِنَ الصَمّانَتَينِ الأَصالِفُ

فَأَضحى بِقاراتِ السِتارِ كَأَنَّهُ

رَبيئَةُ جَيشٍ فَهوَ ظَمآنُ خائِفُ

يَقولُ لَهُ الراؤونَ هَذاكَ راكِبٌ

يُؤَبِّنُ شَخصاً فَوقَ عَلياءَ واقِفُ

إِذا اِستَقبَلَتهُ الشَمسُ صَدَّ بِوَجهِهِ

كَما صَدَّ عَن نارِ المُهَوِّلِ حالِفُ

تَذَكَّرَ عَيناً مِن غُمازَةَ ماؤُها

لَهُ حَبَبٌ تَستَنُّ فيهِ الزَخارِفُ

لَهُ ثَأَدٌ يَهتَزُّ جَعدٌ كَأَنَّهُ

مُخالِطُ أَرجاءِ العُيونِ القَراطِفُ

فَأَورَدَها التَقريبُ وَالشَدُّ مَنهَلاً

قَطاهُ مُعيدٌ كَرَّةَ الوِردِ عاطِفُ

فَلاقى عَلَيها مِن صُباحَ مُدَمِّراً

لِناموسِهِ مِنَ الصَفيحِ سَقائِفُ

صَدٍ غائِرُ العَينَينِ شَقَّقَ لَحمَهُ

سَمائِمُ قَيظٍ فَهوَ أَسوَدُ شاسِفُ

أَزَبُّ ظُهورِ الساعِدَينِ عِظامُهُ

عَلى قَدَرٍ شَثنُ البَنانِ جُنادِفُ

أَخو قُتُراتٍ قَد تَيَقَّنَ أَنَّهُ

إِذا لَم يُصِب لَحماً مِنَ الوَحشِ خاسِفُ

مُعاوِدُ قَتلِ الهادِياتِ شِواؤُهُ

مِنَ اللَحمِ قُصرى بادِنٍ وَطَفاطِفُ

قَصِيُّ مَبيتِ اللَيلِ لِلصَيدِ مُطعَمٌ

لِأَسهُمِهِ غارٍ وَبارٍ وَراصِفُ

فَيَسَّرَ سَهماً راشَهُ بِمَناكِبٍ

ظُهارٍ لُؤامٍ فَهوَ أَعجَفُ شارِفُ

عَلى ضالَةٍ فَرعٍ كَأَنَّ نَذيرَها

إِذا لَم تُخَفِّضهُ عَنِ الوَحشِ عازِفُ

فَأَمهَلَهُ حَتّى إِذا أَن كَأَنَّهُ

مُعاطي يَدٍ مِن جَمَّةِ الماءِ غارِفُ

فَأَرسَلَهُ مُستَيقِنَ الظَنِّ أَنَّهُ

مُخالِطُ ما تَحتَ الشَراسيفِ جائِفُ

فَمَرَّ النَضِيُّ لِلذِراعِ وَنَحرِهِ

وَلِلحَينِ أَحياناً عَنِ النَفسِ صارِفُ

فَعَضَّ بِإِبهامِ اليَمينِ نَدامَةً

وَلَهَّفَ سِرّاً أُمَّهُ وَهوَ لاهِفُ

وَجالَ وَلَم يَعكِم وَشَيَّعَ إِلفَهُ

بِمُنقَطَعِ الغَضراءِ شَدٌّ مُؤالِفُ

فَما زالَ يَفري الشَدَّ حَتّى كَأَنَّما

قَوائِمُهُ في جانِبَيهِ الزَعانِفُ

كَأَنَّ بِجَنبَيهِ جَنابَينِ مِن حَصىً

إِذا عَدوُهُ مَرّا بِهِ مُتَضايِفُ

تُواهِقُ رِجلاها يَدَيهِ وَرَأسَهُ

لَها قَتَبٌ فَوقَ الحَقيبَةِ رادِفُ

يُصَرِّفُ لِلأَصواتِ وَالريحِ هادِياً

تَميمَ النَضِيِّ كَدَّحَتهُ المَناسِفُ

وَرَأساً كَدَنِّ التَجرِ جَأباً كَأَنَّما

رَمى حاجِبَيهِ بِالحِجارَةِ قاذِفُ

كِلا مِنخَرَيهِ سائِفاً أَو مُعَشِّراً

بِما اِنفَضَّ مِن ماءِ الخَياشيمِ راعِفُ

وَلَو كُنتُ في رَيمانَ تَحرُسُ بابَهُ

أَراجيلُ أُحبوشٍ وَأَغضَفُ آلِفُ

إِذاً لَأَتَتني حَيثُ كُنتُ مَنِيَّتي

يَخُبُّ بِها هادٍ لِإِثرِيَ قائِفُ

إِذِ الناسُ ناسٌ وَالزَمانُ بِعِزَّةٍ

وَإِذ أُمُّ عَمّارٍ صَديقٌ مُساعِفُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أوس بن حجر، شعراء العصر الجاهلي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات