تطاول بالخمان ليلي فلم تكد

ديوان حسان بن ثابت

تَطاوَلَ بِالخَمّانِ لَيلي فَلَم تَكَد

تَهُمُّ هَوادي نَجمِهِ أَن تَصَوَّبا

أَبيتُ أُراعيها كَأَنّي مُوَكَّلٌ

بِها لا أُريدُ النَومَ حَتّى تَغَيَّبا

إِذا غارَ مِنها كَوكَبٌ بَعدَ كَوكَبِ

تُراقِبُ عَيني آخِرَ اللَيلِ كَوكَبا

غَوائِرَ تَترى مِن نُجومٍ تَخالُها

مَعَ الصُبحِ تَتلوها زَواحِفَ لُغَّبا

أَخافُ فُجاءاتِ الفِراقِ بِبَغتَةٍ

وَصَرفَ النَوى مِن أَن تُشِتَّ وَتَشعَبا

وَأَيقَنتُ لِمّا قَوَّضَ الحَيُّ خَيمَهُم

بِرَوعاتِ بَينٍ تَترُكُ الرَأسَ أَشيَبا

وَأَسمَعَكَ الداعي الفَصيحُ بِفُرقَةٍ

وَقَد جَنَحَت شَمسُ النَهارِ لِتَغرُبا

وَبَيَّنَ في صَوتِ الغُرابِ اِغتِرابَهُم

عَشِيَّةَ أَوفى غُصنَ بانٍ فَطَرَّبا

وَفي الطَيرِ بِالعَلياءِ إِذ عَرَضَت لَنا

وَما الطَيرُ إِلّا أَن تَمُرُّ وَتَنعَبا

وَكُدتُ غَداةَ البَينِ يَغلِبُني الهَوى

أُعالِجُ نَفسي أَن أَقومَ فَأَركَبا

وَكَيفَ وَلا يَنسى التَصابِيَ بَعدَما

تَجاوَزَ رَأسَ الأَربَعينَ وَجَرَّبا

وَقَد بانَ ما يَأتي مِنَ الأَمرِ وَاِكتَسَت

مَفارِقُهُ لَوناً مِنَ الشَيبِ مُغرَبا

أَتَجمَعُ شَوقاً إِن تَراخَت بِها النَوى

وَصَدّاً إِذا ما أَسقَبَت وَتَجَنُّبا

إِذا اِنبَتَّ أَسبابُ الهَوى وَتَصَدَّعَت

عَصا البَينُ لَم تَسطِع لِشَعثاءَ مَطلَبا

وَكَيفَ تَصَدّي المَرءِ ذي اللِبِّ لِلصِبا

وَلَيسَ بِمَعذورٍ إِذا ما تَطَرَّبا

أُطيلُ اِجتِناباً عَنهُمُ غَيرَ بَغضَةٍ

وَلَكِنَّ بُقيا رَهبَةً وَتَصَحُّبا

أَلا لا أَرى جاراً يُعَلِّلَ نَفسَهُ

مُطاعاً وَلا جاراً لِشَعثاءَ مُعتَبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان حسان بن ثابت، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات