تصدق على الأعمى بأخذ يمينه

ديوان أبو العلاء المعري

تَصَدَّق عَلى الأَعمى بِأَخذِ يَمينِهِ

لِتَهدِيَهُ وَاِمنُن بِإِفهامِكَ الصُمّا

وَإِنشادُكَ العَودَ الَّذي ضَلَّ نَعيُهُ

عَلَيكَ فَما بالُ اِمرِئٍ حَيثَما أَمّا

وَأَعطِ أَباكَ النَصفَ حَيّاً وَمَيِّتاً

وَفَضِّل عَلَيهِ مِن كَرامَتِها الأُمّا

أَقَلَّكَ خِفّاً إِذا أَقَلَّتكَ مُثقِلاً

وَأَرضَعَتِ الحَولَينِ وَاِحتَمَلَت تِمّا

وَأَلقَتكَ عَن جَهدٍ وَأَلقاكَ لِذَّةً

وَضَمَّت وَشَمَّت مِثلَما ضَمَّ أَو شَمّا

وَأَحمَدُ سَمّاني كَبيري وَقَلَّما

فَعَلتُ سِوى ما أَستَحِقُّ بِهِ الذَمّا

تُلِمُّ اللَيالي شَأنَ قَومٍ وَإِن عَفَوا

زَماناً فَإِنَّ الأَرضَ تَأكُلُهُم لَمّا

يَموتونَ بِالحُمّى وَغَرقى وَفي الوَغى

وَشَتّى مَنايا صادَفَت قَدَراً حُمّا

وَسَهلٌ عَلى نَفسي الَّتي رُمتُ حُزنَها

مَبيتُ سُهَيلٍ لِلرَكائِبِ مُؤتَمّا

وَما أَنا بِالمَحزونِ لِلدارِ أَوحَشَت

وَلا آسِفٌ إِثرَ المَطِيِّ إِذا زُمّا

فَإِن شِئتُم فَاِرموا سُهوباً رَحيبَةً

وَإِن شِئتُم فَاِعلوا مَناكِبَها الشَمّا

وَزاكٍ تَرَدّى بِالطَيالِسِ وَاِدَّعى

كَذِمرٍ تَرَدّى بِالصَوارِمِ وَاِعتَمّا

وَلَم يَكفِ هَذا الدَهرَ ما حَمَلَ الفَتى

مِنَ الثِقلِ حَتّى رَدَّهُ يَحمِلُ الهَمّا

وَلَو كانَ عَقلُ النَفسِ في الجِسمِ كامِلاً

لَما أَضمَرَت فيما يُلَمُّ بِها غَمّا

وَلي أَمَلٌ قَد شُبتُ وَهوَ مُصاحِبي

وَساوَدَني قَبلَ السَوادِ وَما هَمّا

مَتى يُولِكَ المَرءُ الغَريبُ نَصيحَةً

فَلا تُقصِهِ وَأحبُ الرَفيقَ وَإِن ذَمّا

وَلا تَكُ مِمَّن قَرَّبَ العَبدَ شارِخاً

وَضَيَّعَهُ إِذ صارَ مِن كِبَرٍ هِمّا

فَنِعمَ الدَفينُ اللَيلُ إِن باتَ كاتِماً

هَواكَ وَبُعداً لِلصَباحِ إِذا نَمّا

ذنَهَيتُكَ عَن سَهمِ الأَذى ريشَ بِالخَنى

وَنَصَّلَهُ غَيظٌ فَأُرهِفَ أَو سُمّا

فَأَرسَلتُهُ يَستَنهِضُ الماءَ سائِحاً

وَقَد غاضَ أَو يَستَنضِبُ البَحرَ إِذ طَما

يُغادِرُ ظِمأً في الحَشا غَيرَ نافِعٍ

وَلَو غاضَ عذباً في جَوانِحِهِ اليَمّا

وَقد يُشبِهُّ الإِنسانُ جاءَ لِرُشدِهِ

بَعيداً وَيَعدو شِبهُهُ الخالَ وَالعَمّا

وَلَستُ أَرى في مَولِدٍ حُكمَ قائِفٍ

وَكَم مِن نَواةٍ أَنبَتَت سُحُقاً عُمّا

رَمَيتُ بِنَزرٍ مِن مَعائِبَ صادِقاً

جَزاكَ بِها أَربابُها كَذِباً جَمّا

ضَمِنتُ فُؤادي لِلمَعشِرِ كُلِّهِم

وَأَمسَكتُ لَمّا عَظَّموا الغارَ أَو خَمّا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات