تصدت لنا دعد وصضت على عمد

ديوان البحتري

تَصَدَّت لَنا دَعدٌ وَصَضَّت عَلى عَمدِ

وَأَقبِل بِها عِندَ التَصَدّي وَفي الصَدِّ

شَكَوتُ إِلَيها الوَجدَ يَومَ تَعَرَّضَت

فَأُبتُ وَقَد حُمِّلتُ وَجداً عَلى وَجدِ

سَلاها بِمَ اِستَحلَلتِ قَتلَ أَخي هَوىً

صَفا لَكِ مِنهُ ما يُجِنُّ وَما يُبدي

أَلا إِنَّما دَعدٌ لِقَلبِكَ فِتنَةٌ

فَإِلّا تَدَعها تَلقَ حَتفَكَ في دَعدِ

وَقِدماً زَجَرتُ النَفسَ عَنها فَخالَفَت

إِلَيها عَلى قُربٍ مِنَ الدارِ أَو بُعدِ

وَما زادَني إِلّا اِشتِياقاً صُدودُها

وَإِلّا وَفاءً وَاِصطِباراً عَلى العَهدِ

يُذَكِّرُنيها الرِئمُ وَالغُصنُ وَالمَها

وَيُذكِرُنيها البَدرُ في المَطلَعِ السَعدِ

فَلِلرِئمِ عَيناها وَلِلبَدرِ وَجهُها

وَلِلغُصنِ مِنها ما حَكاهُ مِنَ القَدِّ

وَما اِبتَسَمَت إِلّا خَفا البَرقُ لامِعاً

ذَطوفاً لَأَبصارِ الرُناةِ عَلى قَصدِ

سَلامٌ عَلَيها قَد شَجيتُ بِبُعدِها

فَلا هِيَ تُدنيني وَلا أَنا بِالجَلدِ

وَغَرَّ أُناساً مِنِّيَ الحِلمُ بُرهَةً

وَفي الحِلمِ ما يُعلي وَفي الهِلمِ ما يُردي

فَإِن أُبدِ حِلماً لا أَكُن مُتَضائِلاً

وَإِن أَنتَقِم أُقدِم عَلى الأَسَدِ الوَردِ

وَكَيفَ أُخَشّى بِالهِجاءِ مِنَ العِدى

وَلي مِقوَلٌ أَمضى مِنَ الصارِمِ الفَردِ

وَقَد عاجَمَتني الحادِثاتُ فَصادَفَت

صَبوراً عَلى اللَأواءِ مُنشَحِذِ الحَدِّ

يُلاقونَني بِالبِشرِ وَالرَحبِ خُدعَةً

وَكُلُّ طَوى كَشحَيهِ مِنّي عَلى حِقدِ

وَكَيفَ اِنخِداعُ الذِئبِ وَالذِئبُ خادِعٌ

خَتولٌ عَلى الحالاتِ لِلبَطَلِ النَجدِ

يُعِدّونَ لي الإِرجافَ ما غِبتُ عَنهُمُ

تَشَفِّيَ غِمرٍ لا يَريمُ وَلا يُجدي

وَما رُمتُ مِنهُم جانِباً فَوَجَدتُهُ

مَنيعاً وَلا أَعمَلتُ في صَعبِهِم جُهدي

وَلَكِنَّني أُغضي إِلى وَقتِ غِرَّةٍ

فَأَهتَبِلُ المَغرورَ مُقتَنِصاً وَحدي

وَمَن يُعجِلِ الأَعداءَ قَبلَ تَمَكُّنِ

فَذاكَ الَّذي لَم يَبنِ أَمراً عَلى وَكدِ

وَقَد فاتَهُم شَأوي بِتَقصيرِ شَأوِهِم

فَلَم يَملِكوا سَبقي وَلَم يَملِكوا رَدّي

لِيَهنَأ أَخِلّايَ الَّذينَ أَوَدُّهُم

ذَخائِرُ ما في الصَدرِ مِن صادِقِ الوِدِّ

فَما أَنا بِالقالي وَلا الطَرِفِ الَّذي

إِذا وَدَّ أَلهاهُ الطَريفُ عَنِ التَلدِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات