تذكرت أهلي الصالحين بملحوب

ديوان عبيد بن الأبرص

تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ بِمَلحوبِ

فَقَلبي عَلَيهِم هالِكٌ جِدَّ مَغلوبِ

تَذَكَّرتُ أَهلَ الخَيرِ وَالباعِ وَالنَدى

وَأَهلَ عِتاقِ الجُردِ وَالبِرِّ وَالطيبِ

تَذَكَّرتُهُم ما إِن تَجِفُّ مَدامِعي

كَأَن جَدوَلٌ يَسقي مَزارِعَ مَخروبِ

وَبَيتٍ يَفوحُ المِسكُ مِن حُجُراتِهِ

تَسَدَّيتُهُ مِن بَينِ سِرٍّ وَمَخطوبِ

وَمُسمِعَةٍ قَد أَصحَلَ الشُربُ صَوتَها

تَأَوّى إِلى أَوتارِ أَجوَفَ مَحنوبِ

شَهِدتُ بِفِتيانٍ كِرامٍ عَلَيهِمُ

حِباءَ لِمَن يَنتابُهُم غَيرُ مَحجوبِ

وَخِرقٍ مِنَ الفِتيانِ أَكرَمَ مَصدِقاً

مِنَ السَيفِ قَد آخَيتُ لَيسَ بِمَذروبِ

فَأَصبَحَ مِنّي كُلُّ ذَلِكَ قَد مَضى

فَأَيُّ فَتىً في الناسِ لَيسَ بِمَكذوبِ

وَقَد أَغتَدي في القَومِ تَحتي شِمِلَّةٌ

بِطِرفٍ مِنَ السيدانِ أَجرَدَ مَنسوبِ

كُمَيتٍ كَشاةِ الرَملِ صافٍ أَديمُهُ

مُفِجِّ الحَوامي جُرشُعٍ غَيرِ مَخشوبِ

وَخَيلٍ كَأَسرابِ القَطا قَد وَزَعتُها

بِخَيفانَةٍ تَنمي بِساقٍ وَعُرقوبِ

وَخَرقٍ تَصيحُ الهامُ فيهِ مَعَ الصَدى

مَخوفٍ إِذا ما جَنَّهُ اللَيلُ مَرهوبِ

قَطَعتُ بِصَهباءِ السَراةِ شِمِلَّةٍ

تَزِلُّ الوَلايا عَن جَوانِبِ مَكروبِ

لَها قَمَعٌ تَذري بِهِ الكورَ تامِكٌ

إِلى حارِكٍ تَأوي إِلى الصُلبِ مَنصوبِ

إِذا حَرَّكَتها الساقُ قُلتَ نَعامَةٌ

وَإِن زُجِرَت يَوماً فَلَيسَت بِرُعبوبِ

تَرى المَرءَ يَصبو لِلحَياةِ وَطولِها

وَفي طولِ عَيشِ المَرءِ أَبرَحُ تَعذيبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبيد بن الأبرص، شعراء العصر الجاهلي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات