تحدث البرق عن سعدي فما كذبا

ديوان ابن الساعاتي

تحدَّث البرقُ عن سعدي فما كذبا

والدمعُ يشرح ما أملى بما كتبا

يفترُّ معترضاً عن مثل مبسمها

لو كان يملك ذاك الظَّلم والشَّنبا

سيفٌ من الوجد ما شيمت مضاربه

على مقاتل صبرٍ عنهمُ فنبا

وإن سرى في هزيع الليل لامعهُ

أشاب من للمِ الآفاق ما خضبا

وساهرٍ وهبتهُ العينُ هجعتها

ولا يجيز كريمٌ ردَّ ما طلبا

جفني يخادعني ثمَّ استطار سناً

حتى استثار خبيُّ الوجد ثمَّ خبا

نار إذا هاجها ليلاً نسيمُ صبا

أصار فحمَ الدياجي ومضها ذهبا

يا غائبينَ ولا والمجدِ ما فقدت

عيني وحاشا فوادي مثلهم غيبا

لو كنت أملك ما بتُّم أحقَّ بهِ

مني لسكَّنتُ قلباً طالما وجبا

أبكي القدود وما ضمَّت مآزرها

وعاذلي ظنَّها الأغصان والكثبا

دارٌ لو أسطعتُ وجداً وهي مجدبة

نحرت في ساحتيها الدمع والسُّحبا

يحلو بقلبي تمنّيها وممتنعٌ

أن يدركَ المتمنّي كلَّ ما طلبا

وليلةٍ بات بدر التمِّ ساقينا

يدير في فلكٍ من شربها شهبا

بكرٌ إذا فرّعت بالماء كان بنا

جدّاً وإن كان في كاساتها لعبا

حمراء من خجل حتى إذا مزجتْ

لم ندر هل خجلاً تحمّر أو غضبا

تزيد بالبارد السلسال جذوتها

وما سمعتُ بماء محدثٍ لهباً

أكرم بها بنت كرم زانها عطلٌ

ويا لها من حبيب طوق الحببا

تكسو النديم إذا ما ذاقها بهجا

حتى كأنَّ شعاع الشمس ما شربا

يا ساهرَ الليل إذ نامت عقاربه

ووارد الملم حيث العذب قد عذبا

أدركتَ بالعيسِ ما أرجوهُ من أملٍ

ناءٍ نحنْ من مطايا بلّغت حلبا

موارقاً من إهاب الليل تحسبها

بوارقاً لا تشكَّى الأين والوصبا

ما زلتُ أسمو إليها همَّةً وسرىً

لا خاب حتى بلغتُ البدرَ والسُّحبا

عهدي بقامتها شمطاء من كبرٍ

واليوم تختال في ثوبي هوى وصبا

لو ينقلُ البرقُ طرفاً دونها لهوى

أو يعمل النجم طرفاً نحوها لكبا

أخاف وأرجو من أساءت فعالها

صدوداً ولكن طيفها أحسن الوصلا

زوت حاجبيها ثم كرَّت لحاظها

فقل في جبات عاين القوس والنَّبلا

وما كان بالمبدي لخطب ضراعةً

أخو وجلٍ او سلَّ من طرفها نصلا

أذوب على تلك الذوائب غيرةً

إذا لاعبتْ أحيانَ ترسلها الحجلا

وما قلت يوماً للغرام وعسفهِ

رويداً ولا برحِ السقام لها مهلا

وأكبر همّي حاسدٌ مثل ناصح

أضيق به سمعاً ويوسعني عذلا

وحاكمةٍ تقضي بتسفيه أدمعي

وقد جعلوها بالهوى شاهداً عدلا

وثقت بعينيها فخانا تجلُّدي

فلا تأمنوا من بعدها الأعين النجلا

وأعشق منها البخل صوناً لحسنها

وما ظفرت كفُّ أمرءٍ عشقَ البخلا

سقى الله أطلال الحمى كلٍّ وابل

من المزن هامٍ لا رشاشاً ولا طلتّ

وإن لم تجد يا سعدُ سعدي سحابةٌ

فلا مطرت أرضٌ ولا انبت بقلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات