تجافى مرفقاي عن الوساد

ديوان العباس بن الأحنف

تَجافى مِرفَقايَ عَنِ الوِسادِ

كَأَنَّ بِهِ مَنابِتَ لِلقَتادِ

فَيا مَن يَشتَري أَرَقاً بِنَومٍ

فَيَسلُبَ عَينَهُ ثَوبَ الرُقادِ

تَطاوَلَ بي سُهادُ اللَيلِ حَتّى

رَسَت عَينايَ في بَحرِ السُهادِ

وَباتَت تُمطِرُ العَبَراتِ عَيني

وَعينُ الدَمعِ تَنبُعُ مِن فُؤادي

كَأَنَّ جُفونَ عَيني قَد تَواصَت

بِأَن لا تَلتَقي حَتّى التَنادِ

فَلَو أَنَّ الرُقادَ يُباعُ بَيعاً

لَأَغلَيتُ الرُقادَ عَلى العِبادِ

لَعَمرُكَ ما هَناكَ قُدومُ فَوزٍ

وَلا جادَت عَلَيكَ بِطيبِ زادِ

يُجَدَّدُ صَرمُها في كُلِّ يَومٍ

وَلَكِن لا يَطولُ بِهِ التَمادي

وَلَو جَدَّ القِلى لَرَحلتُ عَنها

وَلَم نَسكُن جَميعاً في بِلادِ

مَخافَةَ أَن يَقولَ الناسُ إِنّا

خَتَمنا الوُدَّ مِنّا بِالفَسادِ

وَكانَت بِالحِجازِ فَكُنتُ أَرجو

لِرَجعَتِها مُحافَظَةَ الوَدادِ

وَلَو خِفتُ القَطيعَةَ حَيثُ حَلَّت

رَضيتُ بِأَن تُقيمَ عَلى البُعادِ

فَيا حَزَني لِنَفسي بَعدَ فَوزٍ

وَيا طولَ اِغتِرابي وَاِنفِرادي

كَأَنّي لَم أَخُض غَمَراتِ هَولٍ

لِكالِئِها مِنَ اللَحَظاتِ هادِ

أُبادِرُ دونَها عَجَانَ أَمشي

رُوَيدَ المَشيِ مُضطَرِبَ النِجادِ

وَكُنّا عاشِقَينِ ذَوَي صَفاءٍ

وَوَريٍ في الجَوانِحِ ذي اِتِّقادِ

وَكُنّا لا نَبيتُ الدَهرَ حَتّى

نَكونَ مِنَ اللِقاءِ عَلى اِتِّعادِ

فَغيَّرَها الزَمانُ وَكُلُّ شَيءٍ

يَصيرُ إِلى التَغيُّرِ وَالنَفادِ

أَما وَالراقِصاتِ بِكُلِّ فَجٍّ

تَؤُمُّ البَيتَ في خَرقٍ وَوادِ

لَقَد ظَفِرَت مَوَدَّتُكُم بِقَلبي

فَحَلَّت في الشَغافِ وَفي الفُؤادي

وَلَو أَنّي أَشاءُ لَواصَلَتني

ذَواتُ حِجىً إِلى وَصلي صَوادِ

عَقائِلُ مِن بَناتِ أَبيكِ صُوَرٌّ

إِليَّ ذَواتُ عَطفٍ وَاِنقيادِ

فَجِئتُكُمُ عَلى ظَمَإٍ لِأَروى

فَلَم يَكُ عِندَكُم بَلَلٌ لِصادِ

وَما جَهلاً تَرَكتُ البَحرَ خَلفي

وَجِئتُكُمُ إِلى مَصِّ الثِمادِ

وَقَد قَلَبَ الزَمانُ عَلَيَّ يُمناً

وَكانَ إِلى شَفاعَتِها عِمادي

وَباحَ بِسِرِّيَ المَكنونِ عيسى

فَأَصبَحَ وَهوَ مِن حَدَثِ الأَعادي

وَأَصبَحتِ العَواشِقُ شامِتاتٍ

وَكُنتُ مِن العَواشِقِ في جِهادِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان العباس بن الأحنف، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات