تثاقل ليلي فما أبرح

ديوان بشار بن برد

تَثاقَلَ لَيلي فَما أَبرَحُ

وَنامَ الصَباحُ فَما أُصبِحُ

وَكُنتُ اِمرَءاً بِالصِبا مولَعاً

وَبِاللَهوِ عِندي لَهُ مَفتَحُ

لَقَد كُنتُ أُمسي عَلى طَربَةٍ

وَأُصبِحُ مِن مَرَحِ أَمرَحُ

فَلَمّا نَهاني إِمامُ الهُدى

وَلاحَ لي المَطلَعُ الأَفيَحُ

وَجارِيَةٍ دَلُّها رائِعٌ

تَعِفُّ فَإِن سامَحَت تَمزَحُ

كَأَنَّ عَلى نَحرِها فَأرَةً

مِنَ المِسكِ في جَيبِها تُذبَحُ

كَأَنَّ القُرونَ عَلى مَتنِها

أَساوِدُ شَتَّ بِها أَبطَحُ

لَها مَنطِقٌ فاخِرٌ فاتِنٌ

كَحَلي العَرائِسِ يُستَملَحُ

وَعَينانِ يَجري الرَدى فيهِما

وَوَجهٌ يُصَلّى لَهُ أَسجَحُ

وَثَديٌ لِرُؤيَتِهِ سَجدَةٌ

يَدينُ لَهُ الناسِكُ الأَجلَحُ

وَثَغرٌ إِذا ذُقتَهُ لَم تَمُت

وَطابَ لَكَ العَيشُ وَالمَسرَحُ

وَخَدٌّ أَسيلٌ وَكَفٌّ إِذا

أَشارَت لِقَومٍ بِها سَبَّحوا

وَساقٌ تُزَيِّنُ خَلخالَها

عَلى أَنَّها صَعبَةٌ تَرمَحُ

وَتَضحَكُ عَن بَرَدٍ بارِدٍ

تَلالى كَما لَمَعَ الوَحوحُ

مُبَتَّلَةٌ فَخمَةٌ فَعمَةٌ

هَضيمُ الكَشحِ بَوصُها أَرجَحُ

إِذا ذُكِرَت سَبَقَت عَبرَتي

وَكادَت لَها كَبِدي تَقرَحُ

مِنَ البيضِ تَجمَعُ هَمَّ الفَتى

كَما يَجمَعُ اللَبَنَ الإِنفَحُ

جَلَت عَن مَعاصِمِ جِنِّيَّةٍ

تَغِشُّ بِها الدينَ لا تَنصَحُ

وَزَجّاءَ بَرجاءَ في جَوهَرٍ

تَروقُ بِها عَينُ مَن يَلمَحُ

خَروجٌ عَلى جَمعِ أَترابِها

كَما يَخرُجُ الأَبلَقُ الأَقرَحُ

نَهاني الخَليفَةُ عَن ذِكرِها

وَكُنتُ بِما سَرَّهُ أَكدَحُ

فَأَعرَضتُ عَن حاجَتي عِندَها

وَلَلمَوتُ مِن تَركِها أَروَحُ

عَلى أَنَّ في النَفسِ مِن حُبِّها

أَحاديثَ لَيسَ لَها مَطرَحُ

تَرَكتُ سُدَيفاً وَأَصحابَهُ

وَأَحرَمتُ ما يَجتَني شَرمَحُ

وَقالَ المُفَرَّكُ ثابَ الفَتى

وَسالَمَني الكَلبُ لا يَنبَحُ

فَهَذا أَوانَ اِنقَضَت شِرَّتي

وَشَرَّعتُ في الدينِ لا أَطلُحُ

بَلَوتُ اِبنَ نِهيا فَما عِندَهُ

سِوى أَن سَيَأكُلُ أَو يَسلَحُ

وَذاكَ فَتىً مِن سُراةِ النَبيطِ

تَعَوَّدَ شَيئاً فَما يُفلِحُ

يُحِبُّ النِكاحَ وَيَأبى الصَلاحَ

كَذاكَ النَباطِيُّ لا يَصلُحُ

إِذا شِئتَ لاقَيتَهُ رابِضاً

عَلى ظَهرِهِ رَجُلٌ يَسبَحُ

تَراهُ يُسَرُّ بِنَيكِ اِبنِهِ

عَلى أَنَّهُ سُبَّةٌ تَفضَحُ

وَما كانَ إِلّا كَأُمِّ العَروسِ

إِذا نُكِحَت بِنتُها تَفرَحُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات