تبسم عن واضح ذي أشر

ديوان البحتري

تَبَسَّمُ عَن واضِحٍ ذي أُشُر

وَتَنظُرُ مِن فاتِرٍ ذي حَوَر

وَتَهتَزُّ هِزَّةَ غُصنِ الأَرا

كِ عارَضَهُ نَشرُ ريحٍ خَصِر

وَمِمّا يُبَدِّدُ لُبَّ الحَليمِ

حُسنُ القَوامِ وَفَترُ النَظَر

وَما أَنسَ لا أَنسَ عَهدَ الشَبا

بِ وَعَلوَةَ إِذ عَيَّرَتني الكِبَر

كَواكِبُ شَيبٍ عَلِقنَ الصِبا

فَقَلَّلنَ مِن حُسنِهِ ما كَثُر

وَإِنّي وَجَدتُ فَلا تَكذَبَنَّ

سَوادَ الهَوى في بَياضِ الشَعَر

وَلا بُدَّ مِن تَركِ إِحدى اِثنَتَي

نِ إِمّا الشَبابِ وَإِمّا العُمُر

أَلَم تَرَ لِلبَرقِ كَيفَ اِنبَرى

وَطَيفِ البَخيلَةِ كَيفَ اِحتَضَر

خَيالٌ أَلَمَّ بِها مِن سِوىً

وَنَحنُ هُجودٌ عَلى بَطنِ مَرّ

وَماذا أَرادَت إِلى مُحرمي

نَ يَجُرّونَ وَهناً فُضولَ الأُزُر

سَرَوا موجِفينَ لِسَعيِ الصَفا

وَرَميِ الجِمارِ وَمَسحِ الحَجَر

حَجَجنا البَنِيَّةَ شُكراً لِما

حَبانا بِهِ اللَهُ في المُنتَصِر

مِنَ الحِلمِ عِندَ اِنتِقاصِ الحُلو

مِ وَالحَزمِ عِندَ اِنتِقاضِ المِرَر

تَطَوَّلَ بِالعَدلِ لَمّا قَضى

وَأَجمَلَ في العَفوِ لَمّا قَدَر

وَدامَ عَلى خُلُقٍ واحِدٍ

عَظيمَ الغَناءِ جَليلَ الخَطَر

وَلَم يَسعَ في المُلكِ سَعيَ اِمرِئٍ

تَبَدّى بِخَيرٍ وَثَنّى بِخَير

وَلا كانَ مُختَلَفِ الحالَتَينِ

يَروحُ بِنَفعٍ وَيَغدو بِضَرّ

وَلَكِن مُصَفّى كَماءِ الغَما

مِ طابَت أَوائِلُهُ وَالأُخَر

تَلافى الرَعِيَّةَ مِن فِتنَةٍ

أَظَلَّهُمُ لَيلُها المُعتَكِر

وَلَمّا اِدلَهَمَّت دَياجيرُها

تَبَلَّجَ فيها فَكانَ القَمَر

بِحَزمٍ يُجَلّي الدُجى وَالعَمى

وَعَزمٍ يُقيمُ الصَغا وَالصَعَر

سَدادٌ فَتَلتَ بِهِ يَومَ ذا

كَ حَبلَ الخِلافَةِ حَتّى اِستَمَر

وَسَطوٌ ثَبَتَّ بِهِ قائِماً

عَلى كاهِلِ المُلكِ حَتّى اِستَقَر

وَلَو كانَ غَيرُكَ لَم يَنتَهِض

بِتِلكَ الخُطوبِ وَلَم يَقتَدِر

رَدَدتَ المَظالِمَ وَاِستَرجَعَت

يَداكَ الحُقوقَ لِمَن قَد قُهِر

وَآلُ أَبي طالِبٍ بَعدَما

أُذيعَ بِسِربِهِمِ فَاِبذَعَر

وَنالَت أَدانيهُمُ جَفوَةٌ

تَكادُ السَماءُ لَها تَنفَطِر

وَصَلتَ شَوابِكَ أَرحامِهِم

وَقَد أَوشَكَ الحَبلُ أَن يَنبَتِر

فَقَرَّبتَ مِن حَظِّهِم ما نَأى

وَصَفَّيتَ مِن شُربِهِم ما كَدِر

وَأَينَ بِكُم عَنهُمُ وَاللِقا

ءُ لا عَن تَناءٍ وَلا عَن عُفُر

قَرابَتُكُم بَل أَشِقّاؤُكُم

وَإِخوَتُكُم دونَ هَذا البَشَر

وَمَن هُم وَأَنتُم يَدا نُصرَةٍ

وَحَدّا حُسامٍ قَديمِ الأُثُر

يُشادُ بِتَقديمِكُم في الكِتابِ

وَتُتلى فَضائِلُكُم في السُوَر

وَإِنَّ عَلِيّاً لَأَولى بِكُم

وَأَزكى يَداً عِندَكُم مِن عُمَر

وَكُلٌّ لَهُ فَضلُهُ وَالجُحو

لُ يَومَ التَفاضُلِ دونَ الغُرَر

بَقيتَ إِمامَ الهُدى لِلهُدى

تُجَدِّدُ مِن نَهجِهِ ما دَثَر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات