بلغنا ليلة الشعب

ديوان الشريف المرتضى

بَلَغْنا ليلةَ الشِّعبِ

عجالاً مُنيةَ الحبِّ

تَلاقَينا كَما شِئنا

بلا علمٍ من الرّكبِ

وَطَيفٍ طافَ في ظَمْيا

ءَ والإصباحُ في الحُجْبِ

جَفَتْ عيني وجاءتْ في

دُجى اللّيل إلى قلبي

وَزالتْ غبَّ ما زَارتْ

وما قلتُ لها حسبي

وولّتْ لم تُنِلْ شيئاً

من الغُنْمِ سوى حبّي

فَيا شِعباً تَعانقنا

بِهِ بوركتَ من شِعبِ

وَلا قُرّبتَ من جَدْبٍ

ولا بوعدتَ من خِصْبِ

فكمْ فيكَ لباغي نَفَ

لِ الأحبابِ من إِرْبِ

ومِنْ ظبيٍ غنيٍّ في

ك بالحسنِ عن القُلْبِ

كَفاه لُؤلؤا منه

لباسُ اللؤلؤ الرّطْبِ

وأطرافٌ خضابُ الل

هِ أغناهنّ عن خَضْبِ

ولمّا رأت الحسنا

ءُ في رأسِيَ كالشُّهبِ

وبيضاً كالظُّبا البيضِ

وَما يَصلحنَ للضّربِ

تُجُنِّيتُ بلا جُرمٍ

وَعوقِبتُ بِلا ذَنبِ

وحادتْ عن مقرٍّ كا

ن فيه بقرُ السِّربِ

وعاتبتُ ولكنْ قل

لَما ينفعنِي عتبِي

فقلْ للمُفعم الملآ

نِ من كِبْرٍ ومن عُجْبِ

ومن يُركِبُهُ الْحِرصُ

قَرا صَعْبٍ من الصّعبِ

ومَنْ تنقلُهُ الأَطما

عُ من شرقٍ إلى غربِ

دعِ الأسفارَ للرّزقِ

فَما الأَرزاقُ بالكسبِ

يجيءُ الدَّرُّ أحياناً

إلى الظامِي بلا حَلْبِ

وَكَم هَجْرٍ من الوصلِ

وكم جِدٍّ من اللّعْبِ

خفِ الدّهرَ فإنّ الدّه

رَ ذو أخذٍ وذو سَلْبِ

فإنْ أغنى فللفقرِ

وإنْ أقعى فللوثبِ

سَقَى اللَّهُ الأُلى كانوا

يدُرّون بلا عَصْبِ

يَجودونَ بِما ضنّتْ

به أَوعيةُ السُّحْبِ

وَيعطون بلا منٍّ

ولا كدٍّ ولا نَصْبِ

وفرّاجين كشّافي

نَ للغُمَّةِ والكربِ

نَبَوْا عن مطرحِ الفحشا

ءِ والفحشاءُ قد تُنبي

ولم يُصْبَوْا بشنعاءَ

وفي الشّنعاءِ ما يُصبي

ولم يُعْدَوا طِوال الدّه

ر من أنيابِهِ الجُربِ

ولا كانوا لكلِّ النّا

سِ إلّا موضعَ القُطبِ

بأعراضٍ نقيّاتٍ

من التّقريف والثّلبِ

يرون اليومَ ذا نحسٍ

إذا كان بلا شَغْبِ

ولا حَفْلَ لهمْ بالما

لِ لا يجنوه بالعضْبِ

لهمْ في كلِّ نكراءَ

حُلومٌ لَسْنَ للهضْبِ

وأيمانٌ خلقن الدّهْ

ر للطّعن وللضّربِ

وللنّفعِ وللضّرّ

وللدّفع وللذّبِّ

وَأَلبابٌ لدَى الرّوعِ

بلا شيءٍ من الرُّعْبِ

فيومُ السِّلمِ فيهنّ

كيومِ البأْسِ والحربِ

وَأَغنوا بالنّدى الغَمْرِ

عَنِ الأنواءِ والعُشبِ

وَجاؤوا ساعةَ الذُّعْرِ

على المُضْمَرَّةِ القُبِّ

وفي أيديهمُ كلُّ

طويلِ المُرتقى صُلبِ

تراه يدع الأورا

دَ في سَكْبٍ على سَكْبِ

ويرمي من دم الجوف ال

ثرى بِالأحمرِ العَصْبِ

إِذا ما لَحَفوا وجه ال

ثَرى أرديةَ العَصْبِ

وفاحوا عَبَقَ المسكِ

على بُعدٍ ومن قُربِ

ولم يَرْضَوْا سوى التّجري

ر للأذيالِ والسّحبِ

رأيتَ المجد محمولاً

على كلِّ فتىً نَدْبِ

مَضوا عنِّي فلا لذَّ

ةَ لي بالباردِ العذْبِ

ولا غمضَ ولا أرضَ

لِعَينَيَّ وللجنبِ

وقد كنتُ بهمْ دهراً

رَخيَّ البالِ والقَلبِ

بنفسي مَن نأى عنِّي

وما إنْ ملّ مِنْ قُربي

قضى من قبل أن أقض

يَ فيه وله نَحْبي

ولمّا أن نقلناهُ

على الرّغمِ إلى التُّربِ

وَأَضجعناهُ في غبرا

ءَ مَلساءَ على الجنبِ

بلا صوتٍ يناجيهِ

سوى زَعزعةٍ النُّكْبِ

دَفنّا العَضْب في الأرضِ

وكمْ في الأرض من عَضْبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات