بكى الشعر أيام المنى والمنائح

ديوان ابن نباتة المصري

بكى الشعر أيام المنى والمنائح

ففي كل بيت للثنا صوت نائح

وغاضت بحور المكرمات وطوحت

بأهل الرجا والقصد أيدي الطوائح

ولما ادلهمَّت صفحة الأفق بالأسى

علمنا بأنَّ الشهب تحت الصفائح

حيا المزن أسعدني على فقد سادة

بدمع كجدواهم على الناس طافح

أبعد بني شادٍ وقد سكنوا الثرى

قريض لشادٍ أو سرور لفارح

أبعد ملوك العلم والبأس والندى

تشب العلى نار القرى والقرائح

أما والذي أخلى حمى الملك منهمُ

وعمّر بالعليا رسوم الضرائح

لئن أوحشوا منهم بيوت مقامهم

لقد أوحشت منهم بيوت المدائح

يجرّح قلبي بعدهم صوت ساجعٍ

يذكرني عهدَ الأيادي السوافح

فيا فرخ ضعفي حيث صرت فريسة

وصار حمامُ الأيك في الطير جارحي

تلا فقد إسماعيل فقد محمد

فيا للأسى من فادح بعد فادح

وزالا فما إنسان عيني بممسكٍ

بكاءَ ولا إنسان قولٍ بكادح

كأن زناد الفضل لم يورِ منهما

سنا شيمٍ ما فيه قولٌ لقادح

كأن لم يقم بالمكرمات مطوَّق

لدى الباب يشدوا بالثنا شدو صادح

خذ الزاد يا ضيف المكارم وارتحلْ

بنوح فقد أقوت ربوع المنائح

نزحت دموعاً أو نزحت ركائباً

فلله في الحالين حسرة نازح

بروحي ديار الفضل صوَّح روضها

كأن لم يجب فيها المنى صوت صائح

بروحي غريب الدار والنعشُ عائدٌ

إلى أرضه الثكلى غريب النوائح

بروحي نظير الغصن في دوحة العلى

رماه فأوداه الزمان ببارح

رمى فروعه من بعد ما مدَّ ظله

على كل غادٍ م العفاة ورائح

وجمَّل دنيانا ببثّ جميلةٍ

وغطى على مكروهها والقبائح

وساس رعايا أرضه وأطاعه

على جانب العاصي هوى كل جامح

وأعطى عطاء السحب في حال عسرة

تقوم بأعذار النفوس الشحائح

وزاوج بين الحلم والبأس ملكه

فمن أعزل مثل السماك ورامح

ورتل من أسلافه سوَرَ العلى

خواتمها موصولة بالفواتح

وقام إلى جمع المحامد طامحاً

فوالله لم يعدل به عزم طامح

ووالله ما نقضي حقوق محمد

إذا نحن أثنينا عليه بصالح

ولو أمكن الغيث الفدى بوليّه

فدى صالحاً من آل شادٍ بطالح

ورد الرّدى عن فائض البرّ عنده

أعزّ مكان في الدنى سرح سائح

هو الموت لو يثنيه بأسٌ ونائل

ثنتهُ سجايا كفه في الجوانح

هو الموت ما يعييهِ ثاوٍ بمغفل

ولا واصل في النبذ من خطو سابح

ولا أسدٌ يرنو بأحمر أجزرٍ

تكاد به تشوى لحوم الذبائح

ولا أسد الأبراج في الشهب كاسراً

بتكرارها سرت نفوس الصحائح

كفى ببني أيوب للناس واعظاً

وإن صمتت أفواههم في الضرائح

ومرقى المنايا نحو آفاق عرشهم

وما كان يرقى نحوها طرف طامح

سلام على جنات أجداثهم ولا

سلام لنار الحزن بين الجوانح

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات