بقومي جمعا لا أحاشي ولا أكني

ديوان البحتري

بِقَومي جَمِعاً لا أُحاشي وَلا أَكني

أَبو جَعفَرٍ بَحرُ العُلا وَحَيا المُزنِ

فَتى العَرَبِ المَدعُوُّ في السِلمِ لِلنَدى

وَفارِسُها المَدعُوُّ في الحَربِ لِلطَعنِ

سَحابٌ إِذا أَعطى حَريقٌ إِذا سَطا

لَهُ عِزَّةُ الهِندِيِّ في هِزَّةِ الغُصنِ

لَجَأنا إِلى مَعروفِهِ فَكَأَنَّنا

لِمَنعَتِنا فيهِ لَجَأنا إِلى حِصنِ

أَطاعَ العُلا في كُلِّ حُكمٍ أَتَت بِهِ

فَأَقصى الَّذي تُقصي وَأَدنى الَّذي تُدني

لِشَهرِ رَبيعٍ نِعمَةٌ ما يَفي بِها

ثَناءٌ وَلَو قُمنا بِأَضعافِها نُثني

أَمِنّا صُروفَ الدَهرِ مِن بَعدِ خَوفِها

لَدَيهِ وَبَعدَ الخَوفِ يُؤنَسُ بِالأَمنِ

تَرَدَّدَتِ الأَيّامَ فيهِ وَأَقبَلَت

قِباحُ اللَيالي وَهيَ بادِيَةُ الحُسنِ

غَداةَ غَدا مِن سِجنِهِ البَحرُ مُطلَقاً

وَما خِلتُ أَنَّ البَحرَ يُحظَرُ في سِجنِ

وَلَيسَت لَهُ إِلّا السَماحَ جِنايَةٌ

إِذا أُخِذَ الجاني بِبَعضِ الَّذي يَجني

تَقَلقَلُ مِنهُ في الحَديدِ عَزيمَةٌ

يَكِلُّ الحَديدُ عَن جَوانِبِها الخُشنِ

حُزونَةُ أَيّامٍ مَرَرنَ بِهَضبَةٍ

فَأَقلَعنَ مِثلَ المارِنِ اللَيِّنِ اللَدنِ

فَما فَلَّ رَيبُ الدَهرِ مِن ذَلِكَ الشَبا

وَلا زَعزَعَ المَكروهُ مِن ذَلِكَ الرُكنِ

وَلَمّا بَدا صُبحُ اليَقينِ وَكُشِّفَت

بِهِ ظُلمَةُ الطَخياءِ عَن شُبهَةِ الظَنِّ

تَجَلّى لَنا مِن سِجنِهِ وَهوَ خارِجٌ

خُروجَ شُعاعِ الشَمسِ مِن جانِبِ الدَجنِ

يَفيضُ كَما فاضَ الغَمامُ تَتابَعَت

شَآبيبُهُ بِالهَطلِ مِنهُ وَبِالهَتنِ

مُحَمَّدُ عِش لِلمَكرُماتِ الَّتي اِصطَفَت

يَداكَ وَلِلمَجدِ الرَفيعِ الَّذي تَبني

فَكَم مِن يَدٍ بَيضاءَ مِنكَ بِلا يَدٍ

وَمِن مِنَّةٍ زَهراءَ مِنكَ بِلا مَنِّ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات