بعض الذي نالنا يا دهر يكفينا

بعض الذي نالنا يا دهر يكفينا - عالم الأدب

بَعضُ الَّذي نالَنا يا دَهرُ يَكفِينا

فَاِمنُن بِبُقيا وَأَودِعها يَداً فِينا

إِن كانَ شَأنُكَ إِرضاءَ العَدُوِّ بِنا

فَدُونَ هَذا بِهِ يَرضى مُعادينا

فَالحَمدُ لِلّهِ حَمداً لا نفادَ لَهُ

إِذ لَم يَكُن ضَعفُنا إِلّا بِأَيدِينا

خافَت بَنُو عَمِّنا أَمراً يُعاجِلُنا

مِن قَبلِ إِلحاقِ تالينا بِماضينا

وَاِستَيقَنَت أَنَّ كُلَّ المُلكِ مُنتَزَعٌ

وَلَو تَمَكَّثَ في أَربابِهِ حِينا

وَحاذَرت دَولَةً في عَقبِ دَولَتِها

تَأتي سَريعاً فَتُلقِي سُمَّها فِينا

فَلَم تَدَع لِمُرجٍّ سَلبَ نِعمَتِها

أَرضاً قَراحاً بِأَيدِينا وَلا لِينا

وَلَم تَزَل هَذِهِ فِينا عِنايَتُها

حَتّى تَساوى اِبنُ سِتٍّ وَاِبنُ سِتِّينا

هَذا هُوَ الحَزمُ وَالرَأيُ السَديدُ فَلا

تَظُنّهُ القَومُ زَهداً في مَغانينا

لِأَنَّ مَن يَتَوَلّى الأَمرَ بَعدَهُمُ

لَيسُوا بِمَأمُونِ شَرٍّ في نَواحينا

وَالفَقرُ في أَرضِنا خَيرٌ لِصاحِبِهِ

مِنَ الغِنى وَالقَليلُ النَزرُ يُرضِينا

لِما يُعانيهِ رَبُّ المالِ مِن تَعَسٍ

في أَرضِنا لا لِأَنَّ المالَ يُطغِينا

وَكَم غِنىً عِندَنا قَد جَرَّ داهِيَةً

دَهياءَ تَترُكُ فَحلَ القَومِ عِنِّينا

فَاِنظُر أَخا العَقلِ وَالتَدبيرِ إِنَّ لَهُ

شَأناً عَظيماً وَدَوِّنهُ الدَواوِينا

لَم يَهتَدِ المَرءُ كِسرى أَن يُدَبِّرَهُ

وَكانَ أَرجَحَها عَقلاً وَتَمكِينا

وَصاحِبٍ قالَ لي وَالعَينُ تَحرُسُهُ

حِيناً وَيَنطِقُ بِالشَكوى أَحايينا

أَما تَرى قَومَنا فِينا وَما صَنَعُوا

لَم يَترُكُوا أَمَلاً فِينا لِراجِينا

مالُوا عَلَينا مَعَ الأَيّامِ وَاِستَمَعُوا

فِينا أَقاوِيلَ شانِينا وَقالِينا

مِن غَيرِ شَيءٍ سِوى قَصرٍ بِأَلسُنِنا

عَمّا يُعابُ وَطُولٍ في عَوالينا

وَأَنَّنا نَرِدُ الهَيجاءَ تَحسَبُنا

مِن زَأرِنا في الوَغى جِنّاً مَجانينا

وَلا نُبالي شَقَقنا في عَجاجَتِها

هَوادِيَ القَومِ أَو شَقَّت هَوادِينا

وَيُكرِهُ الصَعدَةَ السَمراءَ أَصغَرُنا

سِنّاً وَيُفحِمُ كَهلَ القَومِ ناشِينا

نَحنُ المُلوكُ وَأَردافُ المُلوكِ وَفي

بَحبُوحَةِ العِزِّ شادَ العِزَّ بانينا

نَحمي عَلى الجارِ وَالمَولى وَيَأمَنُنا

عَلى اِختِلافِ اللَيالي مَن يُصافِينا

آباؤُنا خَيرُ آباءٍ إِذا ذُكِرُوا

كانُوا المَشاوِذَ وَالناسُ التَساخِينا

أَيّامُنا لَم تَزَل غُرّاً مُحَجَّلَةً

وَلا تُباعُ بِأَيّامٍ لَيالينا

تَرَعرَعَ المُلكُ في أَبياتِنا وَنَشا

حَتّى اِستَوى وَمُرَبِّيهِ مُرَبِّينا

يا لَيتَ شِعري أَيُّ الذَنبِ كانَ لَنا

حَتّى بِهِ اِجتيحَ دانينا وَقاصِينا

أَضحَت بَساتِينُنا نَفدي بِأَحسَنِها

شِقصاً لِأَدنى خَسيسٍ مِن مَوالينا

بِجُلَّةِ التَمرِ وَالشاةِ الرَعُومِ غَدَت

أَملاكُنا وَاِحتَمَت أَملاكُ عادينا

إِنّا إِلى اللَهِ لا أَرحامُنا نَفَعَت

وَلا طِعانُ حُماةِ القَومِ يَحمينا

هَذا الجَزاءُ لِما سَنَّت أَسِنَّتُنا

يا لَلرِجالِ وَما أَمضَت مَواضينا

يَومَ العَطيفَةِ إِذ جاءَت مُغَلِّسَةً

كَتائِبٌ نَحوَنا بِالمَوتِ تُردِينا

تُوفي ثَلاثَةَ آلافٍ مُضَمَّنَةً

وَلا تجاوِزُ في عَدٍّ ثَلاثينا

رِماحُهُم وَظَلامُ النَقعِ يَستُرُنا

وَكَرُّنا وَضِياءُ البيضِ يُبدِينا

طَعناً بِهِ كانَ إِبراهيمُ وَالِدنا

مِن قَبلِ أَن يَنزِلَ البَحرَينِ يُوصِينا

حَتّى تَوَلَّوا وَقَد جاشَت نُفُوسُهُمُ

غَيظاً لِما عايَنُوهُ مِن تَحامِينا

وَقَبلُ رَدَّت رُبُوعَ القَومِ أَربَعَةٌ

مِنّا فَمَن ذا إِلى مَجدٍ يُسامِينا

يَومَ الشَباناتِ لا نَثني أَعِنَّتَها

كَأُسدِ خَفّانَ هِيجَت أَو عِفرِّينا

تَتلُوهُمُ آلُ حَجّافِ وَما وَلَدَت

أُمُّ العَجَرَّشِ مِثلَ الجُربِ طُلِّينا

لَم يَترُكُوا فَضلَ رُمحٍ في أَكُفِّهِمُ

وَنَحنُ نَقصدُها قَرعاً فَتُخَطِينا

هَل غَيرُنا كانَ يَلقاهُم بِعُدَّتِنا

لا وَالَّذي بَيَّنَ الفُرقانَ تَبيينا

وَكَم لَنا مِن مَقامٍ لا نُعابُ بِهِ

وَلا نُذَمُّ بِهِ دُنيا وَلا دِينا

يا ضَيعَةَ العُمرِ يا خُسرانَ صَفقَتِنا

يا شُؤمَ حاضِرِنا الأَشقى وَبادِينا

كُنّا نَخافُ اِنتِقالَ المُلكِ في مُضَرٍ

فَمَرحَباً بِكَ يا مُلكَ اليَمانينا

فَإِن تَوَلَّت مُلُوكُ الرُومِ ما بَلَغَت

مِعشارَ ما صَنَعَت إِخوانُنا فِينا

كُنّا نَضِجُّ مِنَ الحِرمانِ عِندَهُمُ

وَنَطلُبُ الجاهَ فيهِم وَالبَساتِينا

فَاليَومَ نَفرحُ أَن يُبقُوا لِمُوسِرِنا

مِن إِرثِ جَدَّيهِ سَهماً مِن ثمانينا

أَفدي الَّذي قال وَالأَشعارُ سائِرَةٌ

قَبلي يُدَوِّنُها الرَاوُونَ تَدوِينا

يا طالِبَ الثّأرِ قُم لا تَخشَ صَولَتنا

فَما نُراعي بِها مَن لا يُراعِينا

فَسَوفَ يُسقى بِكاساتِ العُقوقِ عَلى

حَرِّ الظَما مَن بِكَأسِ الغَبنِ يَسقِينا

فَما المُعادي لَنا أَولى بِبَغضَتِنا

مِن اِبنِ عَمٍّ مَدى الأَيّامِ يُؤذينا

أَعزِز عَلى اِبنِ عَلِيٍّ وَالأَكارِمِ مِن

آبائِنا أَن يُسيمَ الضَيمُ وادِينا

نالَ المُعانِدُ مِنّا ما يُحاوِلُهُ

سِرّاً وَجَهراً وَتَعرِيضاً وَتَعيينا

رامَت ذَوُو أَمرِنا إِطفاءَ جَمرَتِنا

فَبَعدَها أَلحِقِ الأَحساءَ يَبرِينا

يا قُبحَ آرائِهِم فينا فَلو عَرَفُوا

حَقَّ السَوابِقِ ما اِختارُوا البَراذِينا

فَقُل لَهُم لا أَقالَ اللَهُ صَرعَتَهُم

وَزادَ أَمرَهُمُ ضَعفاً وَتَوهِينا

هَل يَنقِمُونَ عَلَينا غَيرَ أَنَّ بِنا

صارُوا مُلوكاً مَطاعِيماً مَطاعِينا

عَزَّت أَوائِلُهُم قِدماً بِأَوَّلِنا

لِذاكُمُ عَزَّ تاليهِم بِتالينا

كَم قَد كَفَيناهُمُ مِن يَومِ مُعضِلَةٍ

لَوَ اِنَّهُم مَن عَلى الحُسنى يُكافِينا

نَحمي وَنَضرِبُ رَبَّ التاجِ دُونَهُمُ

ضَرباً يُطيرُ فِراخُ الهامِ سِجّينا

فَسَوفَ يَدرُونَ أَنَّ الأَخسَرينَ هُمُ

إِذا اِستَغاثُوا وَنادُوا يالمُحامِينا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات