بسمر القنا والمرهفات الصوارم

بسمر القنا والمرهفات الصوارم - عالم الأدب

بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ

بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ

وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها

شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ

وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ

فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ

وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى

وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ

وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها

حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ

تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ

تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ

خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ

ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ

وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا

وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ

وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً

وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ

فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ

مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ

وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي

عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ

وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ

وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ

فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ

عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ

وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ

يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ

وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى

تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ

فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ

لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ

فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل

عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ

فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ

وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ

كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ

لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ

فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها

بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ

فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها

وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ

وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها

لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ

وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ

لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ

فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن

يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ

أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ

نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ

هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ

مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ

إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ

حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ

جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى

فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ

جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها

وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ

يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ

سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ

هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ

لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ

هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ

لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ

هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ

لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ

عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى

أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ

وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها

سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ

تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها

وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ

وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ

وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ

إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ

سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ

وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ

وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ

وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً

وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ

سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها

قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ

أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً

وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ

وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها

نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ

لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ

يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ

أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً

يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ

دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ

وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ

فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ

بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ

فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ

عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ

وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ

إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ

إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ

تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ

جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ

وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ

مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت

مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ

إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت

فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ

سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت

كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ

تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ

ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ

فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى

سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ

فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها

مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ

فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ

إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ

إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت

بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ

فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ

عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ

وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا

بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ

وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ

يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي

فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي

وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ

وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ

سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ

وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً

بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ

وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي

رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ

وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ

عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ

فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ

تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ

وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً

لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تحن بزوراء المدينة ناقتي

تَحِنُّ بِزَوراءِ المَدينَةِ ناقَتي حَنينَ عَجولٍ تَبتَغِ البَوَّ رائِمِ وَيا لَيتَ زَوراءَ المَدينَةِ أَصبَحَت بِأَحفارِ فَلجٍ أَو بِسَيفِ الكَواظِمِ وَكَم نامَ عَنّي بِالمَدينَةِ لَم يُبَل…

تعليقات