بالله أولي يمينا برة قسما

ديوان البحتري

بِاللَهِ أولي يَميناً بَرَّةً قَسَماً

ما كانَ ما زَعَمَ الواشي كَما زَعَما

فَكَيفَ يَترُكُني مَن لَستُ أَترُكُهُ

أَسيانَ أَنشُدُ حَبلاً مِنهُ مُنصَرِما

كَم قَد تَلَفَّتُ فيما فاتَ مِن عُمُري

أَستَبعِدُ العَهدَ مِن سُعدى وَما قَدُما

لا تَعدُ أَربُعَها السُقيا وَلا سِيَما

رَبعاً تَأَبَّدَ مَغناهُ عَلى إِضَما

جارَت عَلَيهِ صُروفُ الدَهرِ إِذ حَكَمَت

وَالدَهرُ يَقرُبُ مِن جورٍ إِذا حَكَما

إِنِ اِلتَمَستُ رُجوعاً مِن بَشاشَتِهِ

لَم أُلفَ مُلتَمِساً قَصداً وَلا أَمَما

مَتى جَرى الدَمعُ عَن بَينٍ تَقَدَّمَهُ ال

هِجرانُ كانَ خَليقاً أَن يَكونَ دَما

يَهوى الوَداعَ وَجيهٌ عِندَ غايَتِهِ

يَلتَذُّ مُعتَنَقاً مِنها وَمُلتَزَما

أَحلى مُعاطيكَ كَأساً أَو مُناوَلَةً

مُعطيكَ خَدّاً نَقِيّاً صَحنُهُ وَفَما

الناسُ إِمّا أَخو شَكٍّ يُرَبِّثُهُ

عَن شَأنِهِ أَو أَخو عَزمٍ مَضى قُدُما

ما لي أَرى عُصَباً خَفَّت إِلى وَرَقِ ال

دُنيا وَأَغفَلَتِ الأَخطارَ وَالهِمَما

يَبتَدِرونَ الحُطامَ المُستَعارَ وَلَم

يُهدَو فَيَبتَدِروا الأَخلاقَ وَالشِيَما

إِذا اِبتَدا بُخَلاءُ الناسُ عارِفَةً

يَتبَعُها المَنُّ فَالمَرزوقُ مَن حُرِما

خَلِّ الثَراءَ إِذا أَخزَت مَغَبَّتُهُ

وَاِختَر عَلَيهِ عَلى نُقصانِهِ العَدَما

إِلى أَبي يوسُفَ اِجتابَت رَكائِبُنا

تِلكَ الدَآدِئَ بِالروعانِ وَالظُلَما

إِلى مُقِلٍّ مِنَ الأَكفاءِ لَو طَلَبوا

مَكانَ مُشبِهِهِ في الأَرضِ ما عُلِما

إِذا صَدَعنا الدُجى عَنّا بِغُرَّتِهِ

خِلنا بِها قَبَساً نَجلوهُ أَو ضَرَما

ما قالَ مُعتَمِداً إِنَّ الغَمامَ حَكى

نَداهُ إِلّا غَبِيُّ الظَنِّ قَد وَهِما

تَعنو لَهُ وُزَراءَ المُلكِ خاضِعَةً

وَعادَةُ السَيفِ أَن يَستَخدِمَ القَلَما

إِن كانَ أُسلِمَ حِصنُ البَمِّ أَمسِ فَما

أَلامَ فيهِ بِما أَعطى وَلا لَأُما

سارَت إِلَيهِ زُحوفٌ إِن نَحَت بَلَداً

أَعطاهُ قاطِنُهُ مِن خيفَةٍ سَلَما

وَلا اِبنُ جُستانَ يُلحى في الفِرارِ وَقَد

رَأى أَوائِلَها فَاِنصاعَ مُنهَزِما

وَما اِبنُ هَرثَمَةَ المَشهورُ مَوقِفُهُ

إِلّا الحُسامُ أَصابَ الداءَ فَاِنحَسَما

إِن أَطرَقَ اِستَوحَشَت لِلخَوفِ أَفإِدَةٌ

وَيَملَأُ الأَرضَ مِن أُنسٍ إِذا اِبتَسَما

ضاهَت مَحاسِنَهُ الحُسّادُ طامِعَةً

لِلُّؤمِ مِن جَهلِها أَن يُغمَرَ الكَرَما

وَطاوَلوهُ إِلى العَليا فَفاتَهُمُ

نَجمُ السَماءِ تَعَلّى فَوقَهُم وَسَما

يَأتي مُرَجّوهُ أَفواجاً لِنائِلِهِ

يَستَرشِدُ الفَوجُ بِالفَوجِ الَّذي إِقتَحَما

ماضٍ عَلى عَزمِهِ في الجودِ لَو وَهَبَ ال

شَبابَ يَومَ لِقاءِ البيضِ ما نَدِما

لا يَبرَحُ الحَزمُ يَستَوفي عَزيمَتَهُ

أَقامَ مُبتَدِئً أَم سارَ مُعتَزِما

أَرضى خُراسانَ حَتّى ما تَرى عَرَباً

تَنبو عَلى حُكمِهِ فيها وَلا عَجَما

سَيلٌ تَجَلَّلَ قُطرَيها فَطَبَّقَها

يَعُمُّ غائِرُها المَخفوضَ وَالأَكَما

بَل كانَ أَقرَبَهُم مِن سَيبِهِ سَبَباً

مَن كانَ أَبعَدَهُم مِن جَذمِهِ رَحِما

لَولا تَأَلُّفُهُ وَالصَدعُ مُنفَرِجٌ

بِالقَومِ ما اِلتَأَمَ الشَعبُ الَّذي اِلتَأَما

نَفسي فِداؤُكَ حُرّاً لِلنَدى عُبُداً

وَهاضِماً بِاِقتِدارِ السَطوِ مُهتَضِما

كانَت بَشاشَتُكَ الأولى الَّتي اِبتَدَأَت

بِالبِشرِ ثُمَّ اِقتَبَلنا بَعدَها النِعَما

كَالمُزنَةِ اِستُؤنِفَت أولى مَخيلَتِها

ثُمَّ اِستَهَلَّت بِغُزرٍ تابَعَ الدِيَما

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات