بأثيلات النقا سرب قطا

ديوان محيي الدين بن عربي

بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا

ضَرَبَ الحُسنُ عَلَيها طُنُبا

وَبِأَجوازِ الفَلا مِن إِضَمٍ

نَعَمٌ تَرعى عَلَيها وَظِبا

يا خَليلَيَّ قِفا وَاِستَنطِقا

رَسمَ دارٍ بَعدَهُم قَد خَرِبا

وَاِندُبا قَلبَ فَتىً فارَقَهُ

يَومَ بانوا وَاِبكِيا وَاِنتَحِبا

عَلَّهُ يُخبِرُ حَيثُ يَمَّموا

أَلِجَرعاءِ الحِمى أَول لِقَبا

رَحَلوا العيسَ وَلَم أَشعُر بِهِم

أَلِسَهوٍ كانَ أَم طَرفٌ نَبا

لَم يَكُن ذاكَ وَلا هذا وَما

كانَ إِلّا وَلَهٌ قَد غَلَبا

يا هُموماً شَرَدَت وَاِفتَرَقَت

خَلفَهُم تَطلُبُهُم أَيدي سَبا

أَيَّ ريحٍ نَسَمَت ناديتُها

يا شَمالٌ يا جَنوبٌ يا صَبا

هَل لَدَيكُم خَبَرٌ مِمّا نَبا

قَد لَقينا مِن نَواهُم نَصَبا

أَسنَدَت ريحُ الصَبا أَخبارَها

عَن نَباتِ الشيحِ عَن زَهرِ الرُبى

إِنَّ مَن أَمرَضَهُ داءُ الهَوى

فَليُعَلَّل بِأَحاديثِ الصِبا

ثُمَّ قالَت يا شَمالُ خَبِّري

مِثلَ ما خَبَّرتُهُ أَو أَعجَبا

ثُمَّ أَنتِ يا جَنوبُ حَدِّثي

مِثلَ ما حَدَّثتُهُ أَو أَعذَبا

قالَتِ الشَمالُ عِندي فَرَجٌ

شارَكَت فيهِ الشَمالُ الأَزيَبا

كُلُّ سَوءٍ في هَواهُم حَسُنا

وَعَذابي بِرِضاهُم عَذُبا

فَإِلى ما وَعَلى ما وَلَمّا

تَشتَكي البَثَّ وَتَشكو الوَصَبا

وَإِذا ما وَعَدوكُم ما تَرى

بَرقَهُ إِلّا بَريقاً خُلَّبا

رَقَمَ الغيمُ عَلى رَدنِ الغَما

مِن سَنا البَرقِ طِرازاً مُذهَبا

فَجَرَت أَدمُعُها مِنها عَلى

صَحنِ خَدَّيها فَأَذكَت لَهَبا

وَرَدةٌ نابِتَةٌ مِن أَدمُعٍ

نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا

وَمَتى رُمتَ جَناها أَرسَلَت

عِطفَ صُدغَيها عَلَيها عَقرَبا

تُشرِقُ الشَمسُ إِذا ما اِبتَسَمَت

رَبَّ ما أَنوَرَ ذاكَ الحَبَبا

يَطلُعُ اللَيلُ إِذا ما أَسدَلَت

فاحِماً جَثلاً أَثيثاً غَيهَبا

يَتَجارى النَحلُ مَهما تَفلَت

رَبَّ ما أَعذَبَ ذاكَ الشَنَبا

وَإِذا مالَت أَرَتنا فَنَناً

أَو رَنَت سالَت مِن اللَحظِ ظُبى

كَم تُناغي بِالنَقا مِن حاجِرٍ

يا سَليلَ العَرَبِيِّ العُرُبا

أَنا إلّا عَرَبِيٌّ وَلِذا

أَعشَقُ البيضَ وَأَهوى العَرَبا

لا أُبالي شَرَّقَ الوَجدُ بِنا

حَيثُ ما كانَت بِهِ أَو غَرَّبا

كُلَّما قُلتُ أَلا قالوا أَما

وَإِذا ما قُلتُ هَل قالوا أَبى

وَمَتى ما أَنجَدوا أَو أَنهَموا

أَقطَعُ البيدَ أَحُثَّ الطَلَبا

سامِرِيُّ الوَقتِ قَلبي كُلَّما

أَبصَرَ الآثارَ يَبغي المَذهَبا

وَإِذا هُم شَرَّقوا أَو غَرَّبوا

كانَ ذو القَرنَينِ يَقفو السَبَبا

كَم دَعَونا لِوِصالٍ رَغَبا

كَم دَعَونا مِن فِراقٍ رَهَبا

يا بَني الزَوراءِ هذا قَمَرٌ

عِندَكُم لاحَ وَعِندي غَرَبا

حَرَبي وَاللَهِ مِنهُ حَرَبي

كَم أُنادي خَلفَهُ وَاِحرَبا

لَهفَ نَفسي لَهفَ نَفسي لِفَتىً

كُلَّما غَنّى حَمامٌ غَيِّبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات