العز ما خضعت لهيبته العدى

العز ما خضعت لهيبته العدى - عالم الأدب

العِزُّ ما خَضَعَت لِهَيبَتِهِ العِدى

وَأَقامَ بِالفِكرِ المُلوكَ وَأَقعَدا

وَالمالُ ما وَقّاكَ ذَمّاً أَو بَنى

عَلياكَ أَو أَبقى لِقَومِكَ سُؤدَدا

وَالجودُ ما بُلَّت بِهِ رَحِمٌ وَما

أَولَيتَ ذا أَمَلٍ أَعَدَّكَ مَقصِدا

واللُّؤمُ إِكرامُ اللَّئيمِ لِأَنَّهُ

كَالذِئبِ لَم يَرَ عَدوَةً إِلّا عدا

وَالعَزمُ ما تَرَكَ الحديدَ مُفَلّلاً

وَالخَيلَ حَسرى وَالوَشيجَ مُقَصَّدا

وَالنُبلُ فَتككَ بِالمُعادي غادِراً

أَو وافياً مُستَنجِداً أَو مُنجِدا

غَدرٌ يُعِزُّ وَلا وَفاءٌ مُعقِبٌ

ذُلّاً وَجَهلٌ كَفَّ ذا جَهلٍ هُدى

فَإِذا ظَفَرتَ مِن العَدُوِّ بِغرَّةٍ

فاِفتِك فَفَتكُ اليَومُ مَنجاةٌ غَدا

وَالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلَّةٌ

فَاِصفَح وَعاقِب وَاِعجَلَن وَتَأَيَّدا

ما كُلُّ حِلمٍ مُصلِحٌ فَلَطالما

غَرَّ السَفيه الحلمُ عَنهُ فَأَفسَدا

كُلُّ السِيادَةِ في السَخاءِ وَلَن تَرى

ذا البُخلِ يُدعى في العَشيرَةِ سَيِّدا

وَمِن الخَساسَةِ أَن تَكونَ عَلى العِدى

غَيثاً وَفي الأدنين لَيثاً أَلبَدا

يا صاحِبَيَّ وَلا أرى لي صاحِباً

إِلّا إِذا أَوقَدتُ ناراً أَخمَدا

قَد كُنتُما عَوني وَقَد أَصبَحتُما

عَوناً عَلَيَّ فَما عَدا مِمّا بَدا

لا تَحمَدِ الكَذِبَ المُزَخرَفَ وَاِحمَدا

بَلهاً بِسامِعِهِ وَدَهراً أَنكَدا

لَم يَخفَ حُبُّكُما وَلَكِن لَيسَ لي

رَأيٌ يُطاعُ فَقَرِّبا أَو بَعِّدا

قَد قُلتُ لِلمُصغي لِزُورِكُما اِنتَبِه

كَم ذا الرُقادُ وَما أَنى أَن تَرقُدا

أَهلَكتَ قَومكَ في رِضا الواشي بِها

ما أَقرَبَ الواشينَ مِنكَ وَأَبعَدا

فَاِستَبقِ قَومَكَ لِلخُطوبِ وَلا تَكُن

سَيفاً عَلَيهِم بِالهَلاكِ مُجَرَّدا

وَاِعلَم بِأَنَّ دَليلَ أَمّكِ ما عَدا

يَتلوهُ مُذ صارَ المُشِيرُ مَنِ اِهتَدى

وَمِنَ الشَقاءِ إِقامَتي في بَلدَةٍ

لِلّهِ جَدُّ عَدُوِّها ما أَسعَدا

لَو حَلَّها كِسرى لَقالَ لِما يَرى

نَفسي لِمَن يبغي الخَرابَ لَها الفِدا

ما بَينَ قَومٍ لا يُصانُ لِجارِهِم

عِرضٌ وَلا يُرجى لِغَيِّهِمُ هُدى

سَوداءُ مُومِسَةٌ أَجَلُّ لَدَيهمُ

مِن عالِمٍ حَبرٍ وَأَدنى مَقعَدا

وَبِمُصلِحٍ لا بَل بِأَلفي مُصلِحٍ

لا يَعدِلونَ خَبيثَ أَصلٍ مُفسِدا

لَو قيلَ كُن هُوداً لِأَشرَفِ رُتبَةٍ

مِنهُم وَدونَكَ دِرهَماً لَتَهَوَّدا

يا غافِلاً عَمّا يُرادُ بِهِ اِقتَصِد

في الغَيِّ إِذ جُزتَ الطَريقَ الأَقصَدا

لا تَحسَبَنَّ المَجدَ صَرَّكَ حاجِباً

شَيناً وَنَزّاعاً كَنَجمِكَ أَسوَدا

وَتُلُوَّ خَمسَةِ أَكلُبٍ لَو صُويِدَت

بِبَناتِ آوى كُنَّ مِنها أَصيَدا

إِن أُشبِعَت نامَت وَإِن هِيَ جُوِّعَت

نَبَحَت وَتُشلِيها فَما تُجدي جَدا

المَجدُ طَعنٌ في النُحورِ يَمُدُّهُ

ضَربٌ يُقامُ لِوَقعِهِ صَعرُ العِدا

وَسَماحُ كَفٍّ لا يُمَنُّ نَوالُها

إِنَّ النَوالَ إِذا يُمَنُّ تَنَكَّدا

ما أَنتَ فيهِ سَحابُ صَيفٍ يَنجَلي

عَن ساعَةٍ فَليُبرِقَن أَو يُرعِدا

فَأَلِن لِذي القُربى جَنابَكَ لينَهُ

لِعَدُوّكَ اِستَشرى عَلَيكَ وَعَربَدا

وَاِعرِف عَلى حامٍ لِسامٍ فَضلهُ

لِتَكونَ في بَعضِ الأُمورِ مُسَدَّدا

فَلَتَندَمَنَّ وَلاتَ حينَ نَدامَةٍ

تُغني وَمَن سُقيَ المُدامَةِ غَرَّدا

وَمَتى يَنلني بِالهَوانِ مُعلهَجٌ

خَطَأً أَنَلهُ ضِعفَهُ مُتَعمِّدا

ذو الحِلمِ يَجهَلُ وَالتَغافُلُ ذِلَّةٌ

وَالصَبرُ مُرٌّ وَالمَلومُ مَن اِعتَدى

أَتَظُنُّني أَرضى بِحَسيِكَ مَنهَلاً

تَبّاً لِحَسيكَ أَحمَقاً ما أَبرَدا

وَأَغَرُّ واري الزَندِ عِفتُ حِباءَهُ

كِبراً فَكَيفَ بِهِ أَغَمَّ مُزَنَّدا

لا عِشتُ إِن نَوَّهتُ بِاِسمِكَ داعياً

وَالمَوتُ آتٍ وَالرَدى رَأسُ المَدى

لَو كُنتَ يا فَسلَ الحَمِيَّةِ في النَدى

وَالبَأس كَاِبنِ أَبي عَزيزٍ ما عَدا

ذاكَ الَّذي لَم تَعلُ رايَة سُؤدَدٍ

مُنذُ اِحتَبى إِلّا وَبَلَّ بِها يَدا

ذاكَ الَّذي أَحيا البِلادَ وَقَبلهُ

كانَت وَمَن فيها رَماداً أَرمَدا

ذاكَ الَّذي لَو سارَ أَعمى في الدُجى

بِضياءِ غُرَّتِهِ لَأَبصَرَ وَاِهتَدى

مُعدي مَنِ اِستَعدى وَسُمُّ مَنِ اِعتَدى

وَهُدى مَنِ اِستَهدى وَغَيثُ مَن اِجتَدى

مُردي حُروبٍ مُنذُ كانَ مُعاوِدٌ

لِلكَرِّ مَخشِيُّ القَناةِ إِذا رَدى

لَو قُسِّمَت في الأسدِ نَجدَتُهُ لَما

رَضِيَت لِأَشبُلِها العرينَة مَولِدا

لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ جَوهَراً

مِن عَزمِهِ لفَرى الجَماجِمَ مُغمَدا

جَرّارُ كُلِّ كَتيبَةٍ رَجراجَةٍ

يَجلو السِماكَ غُبارُها وَالفَرقَدا

يَعدو بِهِ يَومَ الكَريهَةِ سابِحٌ

نَهدٌ يَروقُ مُجَلَّلاً وَمُجَرَّدا

تَشتاقُ أَندِيَةَ الطِعانِ سِنانُهُ

لِيَبُلَّ مِن ماءِ النُحورِ بِها الصَدى

وَحُسامُهُ يَشكو الغَليلَ وَما بِهِ

ظَمَأٌ وَلَكِن يَبتَغي ما عُوِّدا

لَو سالَ ما سُقِيَ المُهَنَّدُ مِن دَمٍ

مُذ سَلَّهُ لَرَأَيتَ بَحراً مُزبِدا

مَلأَ المَسامِعَ وَالمَجامِعَ ذِكرُهُ

وَأَغارَ في كُلِّ البِلادِ وَأَنجَدا

سادَ الوَرى طِفلاً وَبَرَّزَ يافِعاً

لَم يَتَّغِر وَبَنى المكارِمَ أَمرَدا

آباؤُهُ مِن عَبدِ قَيسٍ خَيرُها

حَسَباً وَأَكرَمُهم وَأوسعُها ندى

قَومٌ هُمُ مَلَكوا البِلادَ وَدَوَّخوا

أَهلَ العِنادِ وَأَوضَحُوا سُبُلَ الهُدى

أَيّامُهُم في الجاهِلِيَّةِ كُلُّها

بِيضٌ تُعيرُ الخَصمَ وَجهاً أَسوَدا

وَفَضيلَةُ الإِسلامِ فيهم إِذ عَلوا

فيهِ إِلى الحَقِّ الطَريقَ الأَرشَدا

مَن يَلقَ إِبراهيمَ يِلقَ الأَروَعَ الن

نَدبَ الهُمامَ الناسِكَ المُتَهَجِّدا

أَحيي عَزيزاً وَاِبنَهُ وَاِبنَ اِبنِهِ

وَأَبا عَزيزٍ عَبدَلاً وَمُحمَّدا

يا با عَليٍّ غَيرَ منعِيٍّ أَجِب

داعي العُلى وَاِذمُم لَها أَن تُوءَدا

يا واحِداً ما زالَ كُلُّ أَبٍ لَهُ

يُدعى بِإِجماعِ العَشيرَةِ أَوحَدا

لَولاكَ لَم تَرَني الحَساءُ وَلَم أَجُز

بِالخَطِّ بَل جُزتَ العَواصِمِ مُصعِدا

وَلَكانَ لي مَندوحَةٌ عَن مَعشَرٍ

عِرضُ الكَريمِ وَمالُهُ فيهم سُدى

مَدحي لَهُم وَعَلى صِحاحِ دَراهِمي

خَيري فَشُلّوا أَيدياً ما أَجمَدا

إِبليسُ ماتَ فَثِق بَصُحبَةِ ماجِدٍ

إِن صُلتَ صالَ وَإِن عَدَوتَ بِهِ عَدا

يَرعى المَوَدَّةَ وَالقَرابَةَ لا كَمَن

إِن قُمتَ نامَ وَإِن تُسَكِّتهُ حَدا

يُرضيكَ منطِقُهُ وَلَولا ضَعفُهُ

للَقيتَ مِنهُ أَحَرَّ مِن حَزِّ المدى

فَاِضرِب عَدُوَّكَ بِي تَجِدني صارِماً

عَضباً يَفُلُّ وَلا يُفَلُّ مُهنَّدا

فَلَقَد رَضيتَكَ والِداً وَأَخاً وَعَم

ماً وَاِبنَ عَمٍّ ما حَييتُ وَسَيِّدا

وَاِستَصفِني وَلَداً كَذَلِكَ خادِماً

لَو يَستَطيعُ فَداكَ مِن صَرفِ الرَدى

وَلَأُهدِيَنَّ إِلى عُلاكَ مَدائِحاً

يُنسيكَ شاديها الغَريضَ وَمَعبَدا

فَكَلاكَ رَبُّكَ حَيثُ كُنتَ بِحفظِهِ

وَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ مُخَلَّدا

وَأَراكَ في اِبنكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن

يَشناكُما ما عاشَ أَكمَدَ أَكبَدا

وَإِلَيكَ مَن دُرِّ الكَلامِ جَواهِراً

يُعيي الفَرَزدَقَ نَظمُها وَمُزَرِّدا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات