السعد جندك والقضاء دليل

ديوان لسان الدين بن الخطيب

السَّعْدُ جُنْدُكَ وَالْقَضَاءُ دَلِيلُ

وَاللهُ بِالنَّصْرِ الْعَزِيِز كَفِيلُ

فَإذَا هَمَمْتَ بَلَغْتَ كُلَّ مُمَنَّعٍ

وَإذَا رَأَيْتَ الرَّأَيَ لَيْسَ يَفيِلُ

شهِدَتْ لَكَ الْعَلْيَاءُ أَنَّك رَبَّها

وَالِّدينُ أَنَّكَ سَيْفهُ الْمسْلُولُ

وَالْجُودُ أَنَّكَ غَيْثُهُ الْهَامِي الْحَيَا

هَذَا وَكُلَّ شَاهِدٌ مَقْبُولُ

والْحَقّ يُغْنِي عَنْ شَهَادَةِ شاَهِدٍ

أَنَّى يُرَامُ عَلَى الصَّبَاحِ دَلِيلُ

فَمِن اسْتَجَارَ عُلاَكَ عَزَّ جِوارُهُ

وَعَزِيزُ قَوْمٍ لَمْ يُطِعْكَ ذَلِيلُ

وَإذَا تَوخَّيْتَ السَياسَة فِي الْوَرَى

يَوْماً فَمَا للِعَدْلِ عَنْكَ عُدُولُ

وَإذا جَنَبْتَ الْمُقْرَبَاتِ إلَى الْعِدَى

سِيَّانِ عِنْدَكَ فَرْسَخٌ أَوْ مِيلُ

وَلَوِ اسْتَعَنْتَ الدَّهْرَ وَاسْتَنْجَدْتَهُ

لَبَدَتْ لأمْرِكَ طَاعَةٌ وَقَبُولُ

وَأَتَى وَمِنْ قِطَعِ الظَّلاَمِ مَوَاكِبٌ

وَمِنَ الصَّبَاحِ أسِنَّةٌ وَنُصُولُ

أزْمَعْتَ فِي اللهِ الْجِهَادَ وَطَالَمَا

أرْضَى الإلاَهَ جِهَادُكَ الْمَقْبُولُ

وَأَنِفْتَ للِدِّينِ الْحَنِيفِ وَأَهْلِهِ

مِنْ أَنْ يَطِيحَ نَجِيعُهُ الْمَطْلُولُ

وَقَدَحْتَ زَنْدَ عَزِيمَةٍ نَصْرِيَّةٍ

تَرَكَتْ دَيَارَ الْكُفْرِ وَهْيَ طُلُولُ

وَسَلَكْتَ للِتَّقْوَى سَبِيلاً سَنَّهَا

عَلَمُ الْمُلُوكِ أَبُوكَ إسْمَاعِيلَُ

وَرَجَعْتَ وَالنَّصْرُ الْعَزِيزُ مُصَاحِبٌ

لَكَ وَالْمَلاَئِكَةُ الْكِرَامُ قَبِيلُ

فِي عَسْكَرٍ لَجِبٍ كَأَنَّ جُمُوعَهُ

فَوْق الْوِهَادِ إِذَا زَحَفْنَ سُيُولُ

كَالْبَحْرِ إِلاَّ أَنَّهُنَّ كَتَائِبٌ

وَالرِّيحِ إِلاَّ أَنَّهُنَّ خُيُولُ

والْبَرْقِ إِلاَّ أَنَّهُنَّ أَسِنَّةٌ

وَالرَّعْدِ إِلاَّ أَنَّهُنَّ طُبُولُ

فَبِكُلِّ بَحْرٍ رَايَةٌ مَنْشُورَةٌ

وَبِكُلِّ غَوْرٍ مقْنَبٌ وَرَعِيلُ

كَانَ افْتتَاحُ بَنِي بَشِيرٍ مَبْدَأً

سَبَبُ الْبِشَارَةِ بَعْدَهُ مَوْصُولُ

سُرَّتْ بِمَوْقِعِهِ وَإِنَّهُ

نَبَأٌ عَلَى سَمْعِ الْعَدُوِّ ثَقِيلُ

ثُمَّ ارْتَقَيْتَ ثَنِيَّةَ الثَّغْر الَّتِي

هِيَ للِضَّلاَلِ مُعَرَّسٌ وَمَقِيلُ

وَرَمَيْتَهَا بِعَزِيمَةٍ نَصْرِيَّةٍ

كَادَتْ لَهَا شُمّ الْهِضَابِ تَزُولُ

خَوْدٌ تَجَلَّتْ فِي مِنَصَّةِ شَاهِقٍ

مُخْتَالَةً إِكْلِيلُهُا الإكْلِيلُ

وَمَصَامِ عِزًّ للنُّجُومِ مُزَاحِمٍ

مَا لاِسْتِبَاحةِ مَا حَوَاهُ سَبِيلُ

سَامِي الذَّرَى مُتَمَنِّعٍ أَرْكَانُهُ

يَرْتَدَّ عَنْهُ الطَّرْفُ وَهْوَ ذَلُولُ

أَصْمَيْتَ ثُغْرَتَهَا بِسَهْمِ عَزِيمَةٍ

تَذَرُ الأبِيَّ الصَّعْبَ وَهْوَ ذَلُولُ

دَارَتْ عَلَى مُتَدَبِّرِيهَا قَهْوَةٌ

لِلْحَتْفِ مُترَعَةُ الْكُؤوسِ شَمُولُ

ثُمَّ انْثَنَيْتَ وَبِالرِّمَاحِ تَقَصَّدٌ

مِمَّا غَزَوْتَ ولِلسَّيُوفِ فُلُولُ

وَتَرَكْتَ سُحْبَ النَّقْعِ فِي آفَاقِهَا

تَسْمُو وَأنْهَارُ السَّيُوفِ تَسِيلُ

لاَ يَغْرُرَنَّ الرَّومَ فِي إِمْلاَئِهَا

قَدَرٌ فأَيَّامُ الْحُرُوبِ تَدُولُ

وَالْعَزْمُ وَارٍ فِي الْحَفِيظَةِ زَنْدُهُ

وَالرَّأَيُ مَشحُوذُ الْغَرِار صَقِيلُ

وَلَو انَّهُمْ مَلأَوا الْبَسِيطَةَ كَثْرَةً

إِنَّ الْكَثِيرَ مَعَ الضَّلاَلِ قَلِيلُ

وَإِذَا امْرُؤَ جَعَلَ الصَّلِيبَ نَصِيرهُ

دُونَ الإِلاَهِ فَإِنَّهُ مَخْذُولُ

مَنْ مِثْلُ يُوسُفَ فِي الْمُلُوكِ إِذَا غَدَتْ

تُزْهَى بِفَضْلِ قَدِيمِهَا وَتَصُولُ

طَلْقُ الْمُحَياَّ والْخُطُوبُ عَوابِسٌ

هَامِي الأَنَامِلِ وَالْغَمَامُ بَخِيلُ

بَدْرٌ وَلاَ غَيْرَ الْكَتِيبَةِ هَالَةٌ

لَيْثٌ وَلاَ غَيْرَ الأَسِنَّةِ غيِلُ

مِنْ أُسْرَةٍ سَعْدِيةٍ نَصْرِيَّةٍ

أَثْنَى عَلَيْهَا اللهُ والتَّنْزِيلُ

للهِ مِنْ فَتْحٍ جَلِيلٍ قَدْرُهُ

يَنْمِيهِ جَدٌ فِي الْمُلُوكِ جَلِيلُ

دَيْنٌ عَلَى الزَّمَنِ ابْتَدَرْتَ قَضَاءَهُ

سَهْلُ الْمَرَامِ وَإِنَّهُ لَبَخِيلُ

لَبِسَتْ بِكَ الأيَّامُ زُخْرُفَ حُسْنِهَا

وَزَهَا عَلَى الأَجْيَالِ هَذَا الْجِيلُ

فَاهْنَأَ بِمَوْصُولِ الْفُتُوحِ فإِنَّمَا

هِيَ سُنَّةٌ مَا إِنْ لَهَا تَبْدِيلُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات