الحمد لله موصولا كما وجبا

ديوان لسان الدين بن الخطيب

الْحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا

فَهْوَ الَّذِي بِرِدَاءِ الْعِزَّةِ احْتَجَبَا

الْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَقُّ الَّذِي عَجَزَتْ

عَنْهُ الْمَدَارِكُ لَمَّا أَمْعَنَتْ طَلَبَا

عَلاَ عَنِ الْوَصْفِ مَنْ لاَ شَيءَ يُدْرِكُهُ

وَجَلَّ عَنْ سَبَبٍ مَنْ أَوْجَدَ السَّبَبَا

والشُّكْرُ للهِ فِي بَدْءٍ وَمُخْتَتَمٍ

وَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ أَعْطَى وَمَنْ وَهَبَا

ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النُّورِ الْمُبينِ وَمَنْ

آيَاتُهُ لَمْ تَدَعْ إِفْكاً وَلاَ كَذِبَا

مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ تُرْجَى شَفَاعَتُهُ

غَداً وَكُلُّ امْرِيءٍ يُجْزَى بِمَا كَسَبَا

ذُو الْمُعْجِزَاتِ التِي لاَحَتْ شَوَاهِدُهَا

فَشَاهَدَ الْقَوْمُ مِنْ آيَاتِهِ عَجَبَا

وَلاَ كَمِثْلِ كِتَابِ اللهِ مُعْجِزَةً

تَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ إِنْ وَلَّى وَإنْ ذَهَبَا

صَلَّى عَلَيْهِ الَّذي أَهْدَاهُ نُورَ هُدَىً

مَا هَبَّتِ الِّريحُ مِنْ بَعْدِ الْجَنُوبِ صَباً

ثُمَّ الِّرضَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَنْ عُمَرٍ

بَدْرَانِ مِنْ بَعْدِهِ لِلْمِلَّةِ انْتُخِبَا

وَبَعْدُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ثَالِثُهُمْ

مَنْ أَحْرَزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُكْتَسَبَا

وَعَنْ عَلِيٍّ أَبِي السِّبْطَيْنِ رَابِعِهمْ

سَيْفِ النَّبِيِّ الَّذِي مَا هَزَّهُ فَنَبَا

وَسَائِرِ الأَهْلِ وَالصَّحْبِ الْكرَام فَهُمْ

قَدْ أَشْبَهُوا فِي سَمَاءِ الْمِلَّةِ الشُّهُبَا

وَبَعْدُ أَنْصَارُهُ الأَرْضَوْنَ إِنَّ لَهْمْ

فَضَائِلاً أَعْجَزَتْ مَنْ عَدَّ أَوْ حَسَبَا

آوَوْهُ فِي الَّروْعِ لَمَّا حَلَّ دَارَهُمُ

وَجَالَدُوا مَنْ عَتَا فِي دِيِنِهِ وَأَبَى

وَأَوْرَثُوا مِنْ بَنِي نَصْرٍ لِنُصْرَتِهِ

خَلاَئِفاً وَصَلُوا مِنْ بَعْدِهِ السَّبَبَا

وَلاَ كَيْوسُفَ مَوْلاَنَا الَّذِي كَرُمَتْ

آثَارُهُ وَبَنِيهِ السَّادَةِ النُّجَبَا

وَبَعْد هَذَا الَّذِي قَدَّمْتُ مِنْ كَلَمٍ

صِدْقٍ يُقَدِّمُهُ مَنْ خَطَّ أَوْ خَطَبَا

فَإِنَّنِي جُزْتُ مِنْ سَامِي الْخِلاَلِ مَدىً

أَجَلْتُ فِيهِ جِيَادَ الْفِكْرِ مُنْتَسِبَا

إِمَارَةٌ قَدْ غَدَا نَصْرٌ بِقُبَّتِهَا

عِمَادَ عِزٍّ وَكُنَّا حَوْلَهُ طُنُبَا

سَلَكْتُ فِيهَا عَلَى نَهْجِ الإِمَامِ أَبِي

وَطَالَمَا أَشْبَهَ النَّجْلُ الْكَرِيِمُ أَبَا

فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَدَّمْتُ فِي صِغَرِي

مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ جَمَعْتُ الْفَضْلَ وَالأَدَبَا

أَنِّي جَعَلْتُ كِتَابَ اللهِ معتمداً

لا تعرف النفس في تحصيله تعبا

كأنَّني كُلَّما رَدَّدتُه بِفَمِي

أَسْتَنْشِقُ الْمِسْكَ أَو اسْتَطْعِمُ الضَّرَبَا

حَتَّى ظَفِرْتُ بِحَظٍّ مِنْهُ أَحْكِمُهُ

حِفظاً فَيَسَّرَ مِنْهُ اللهُ لِي أَرَبَا

وَعَنْ قَرِيبٍ بِحَوْلِ اللهِ أَخْتِمُهُ

فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الْغَايَاتِ مَنْ طَلَبَا

فَاللهُ يَجْزِي أَمَيِرَ الْمُسْلِمِينَ أبِي

خَيْرَ الْجَزَاءِ فَكَمْ حَقٍّ لَهُ وَجَبَا

وَأَنْعُمٍ غَمَرِتْنِي مِنْهُ وَاكِفَةٍ

وَأَنْشَأَتْ فِي سَمَاءِ اللُّطْفِ لِي سُحُبَا

قَيْساً دَعَانِي وَسَمَّانِي عَلَى اسْمِ أَبِي

قَيْس بْنِ سَعْدٍ أَلا فَاعْظِمْ بِهِ نَسَبَا

بِأَيِّ شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِهِ

لَوْ أَنَّ سحبانَ أَوْ قُسّاً لَهَا انْتُدِبَا

وَكَافَأَ اللهُ أَشْيَاخِي بِرَحْمَتِهِ

وَمَنْ أَعَانَ وَمَنْ أَمْلَى وَمَنْ كَتَبَا

وَالْحَمْدُ للهِ خَتْماً بَعْدَ مُفْتَتَحِ

مَا الْبَارِقُ الْتَاحَ أَوْ مَا الْعَارِضُ انْسَكَبَا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات