الآن سح غمام النصر فانهملا

ديوان ابن خفاجة

الآنَ سَحَّ غَمامُ النَصرِ فَاِنهَمَلا

وَقامَ صَغوُ عَمودِ الدينِ فَاِعتَدَلا

وَلاحَ لِلسَعدِ نَجمٌ قَد خَوى فَهَوى

وَكَرَّ لِلنَصرِ عَصرٌ قَد مَضى فَخَلا

وَباتَ يَطلُعُ نَقعُ الجَيشِ مُعتَكِراً

بِحَيثُ يَطلُعُ وَجهُ الفَتحِ مُقتَبِلا

مِن عَسكَرٍ رَجَفَت أَرضُ العَدوُّ بِهِ

حَتّى كَأَنَّ بِها مِن وَطئِهِ وَهَلا

مابَينَ ريحِ طِرادٍ سُمِّيَت فَرَساً

جَوراً وَلَيثِ شَرىً يَدعونَهُ بَطَلا

مِن أَدهَمٍ أَخضَرِ الجِلبابِ تَحسِبُهُ

قَدِ اِستَعارَ رِداءَ اللَيلِ وَاِشتَمَلا

وَأَشهَبٍ ناصِعِ القِرطاسِ مُؤتَلِقٍ

كَأَنَّما خاضَ ماءَ الصُبحِ فَاِغتَسَلا

تَرى بِهِ ماءَ نَصلِ السَيفِ مُنسَكِباً

يَجري وَجاحِمَ نارِ البَأسِ مُشتَعِلا

فَغادَرَ الطَعنُ أَجفانَ الجِراحِ بِهِ

رَمدى وَصَيَّرَ أَطرافَ القَنا فُتُلا

وَأَشرَقَ الدَمُ في خَدِّ الثَرى خَجَلاً

وَأَظلَمَ النَقعُ في جَفنِ الوَغى كَحَلا

وَأَقشَعَ الكُفرُ قَسراً عَن بَلَنسِيَةٍ

فَاِنجابَ عَنها حِجابٌ كانَ مُنسَدِلا

وَطَهَّرَ السَيفُ مِنها بَلدَةً جُنُباً

لَم يَجزِها غَيرَ ماءِ السَيفِ مُغتَسَلا

كَأَنَّني بِعُلوجِ الرومِ سادِرَةً

وَقَد تَضَعضَعَ رُكنُ الكُفرِ فَاِستَفَلا

تَظَلُّ تَدرَأُ بِالإِسلامِ عَن دَمِها

وَهَبَّةُ السَيفِ مِنها تَسبِقُ العَذَلا

في مَوقِفٍ يَذهَلُ الخِلُّ الصَفِيُّ بِهِ

عَنِ الخَليلِ وَيَنسى العاشِقُ الغَزَلا

تَرى بَني الأَصفَرِ البيضَ الوُجوهِ بِهِ

قَد راعَها السَيفُ فَاِصفَرَّت بِهِ وَجَلا

فَكَم هُنالِكَ مِن ضَرغامَةٍ سَفَرَت

سُمرُ العَوالي إِلى أَحشائِهِ رُسَلا

يُرى عَلى جَمرَةِ المِرّيخِ مُلتَهِباً

تَحتَ القَتامِ وَيَعلو هِمَّةً زُحَلا

قَد كَرَّ في لَأمَةٍ حَصداءَ تَحسِبُها

بَحراً يُلاطِمُ مِن أَعطافِهِ جَبَلا

وَلِلقَنا أَعيُنٌ قَد حَدَّقَت حَنَقاً

وَلِلظُبى أَلسُنٌ قَد أَفصَحَت جَدَلا

فَزاحَمَ النَقعَ حَتّى شَقَّ بُردَتَهُ

وَناطَحَ المَوتَ حَتّى خَرَّ مُنجَدِلا

مُوَسِّداً فَوقَ نَصلِ السَيفِ تَحسِبُهُ

مُستَلقِياً فَوقَ شاطي جَدوَلٍ ثَمِلا

فَكَم مُمَزَّقَةٍ مِن جَيبِها طَرَباً

قَد مَزَّقَت بَعدَهُ مِن جَيبِها ثَكَلا

وَرَقرَقَ الدَمعَ في أَجفانِها رَشَأٌ

تَرَقرَقَ السِحرُ في أَجفانِهِ كَحَلا

قَد بَلَّلَت نَحرَهُ بِالدَمعِ جارِيَةٌ

بِكرٌ تُمَسِّحُ مِن أَعطافِهِ الكَسَلا

تَغُصُّ عِقدَ لَآليهِ وَأَدمُعُهُ

في نَحرِهِ فَتَراهُ حالِياً عُطُلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن خفاجة، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات