اسقني من مدامة القدوس

ديوان عبد الغني النابلسي

اسقني من مدامة القدوسِ

فهي ملء الدنان ملء الكؤوسِ

وأدرها عليَّ بين الندامى

من قيام بسكرها وجلوس

صرف راح بشربها كم أُميتتْ

من نفوس وأحييت من نفوس

بكر دنٍّ عتيقة قد أعادت

بالتدابير عهد جالينوس

قام يسعى بها المليح علينا

ذو محيَّا يفوق ضوء الشموس

فخرجنا بنشأة السكر منها

عن جميع المعقول والمحسوس

وشهدنا هنالك السر يبدو

بالتجلي من غيبه المحروس

وبه لا بنا معانيه قامت

بالإشارات في حروف الطروس

ثم لا مسجد ولا بيت نار

هو للمسلمين أو للمجوس

شمعة النور لم تزل في اشتعال

وعليها الجميع كالفانوس

وهو ستر الأشياء بالنص فانٍ

في عيون المحقق المطموس

والسوى في القيود من كل شيء

ليس ينفك أسرها والحبوس

إن بشرٍّ قد مُسَّ كان يؤوساً

وبخير إن مُسَّ غير يؤوس

قم لصافي الكؤوس وانشق شذاها

يا نديمي واستجل وجه العروس

هذه حضرة المنى والتهاني

فاغنم السعد مُذهباً للنحوس

واستمع آلة الدفوف أشارت

ببديع الترنُّم المأنوس

وتنصت لصوت نايٍ رخيم

إنما ذاك رقية المأيوس

واعشق الجنْكَ والرباب سماعاً

وتعلم كيف انحناء الرؤوس

إنما العيش بالمعازف عيش

في نظير المذوق والملموس

جنة عجللت لقوم كرام

ما بهم من خب ولا من شموس

يتثنون في رياض علوم

مزهرات بحضرة القدوس

وعليهم سرادق الغيب مدت

دائماً للحفاظ من كل بوس

فهم القوم لا سواهم وهيها

ت يقاس الرئيس بالمرؤوس

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغني النابلسي، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات