إن قولي مؤيد بالنقول

ديوان عبد الغني النابلسي

إن قولي مؤيد بالنقول

وبما تقتضيه كل العقول

عند من يعرف إصطلاحي ويدري

شرح حالي بقصدي المقبول

لست ممن يقول عن كل شيء

أنه الله قول كل جهول

قصده يدرأ التكاليف عنه

مستبيحاً أحكام شرع الرسول

إنني منه كل حين بريءٌ

بل أنا العبد طالب للقبول

وإذا قلت ذاك كان مرادي

صانع الشيء فاعل المفعول

حيث لا شيء جامد هو عندي

بل كبرق يلوح بين الطلول

والذي عنه ذلك الشيء يبدو

هو رب الفروع رب الأصول

مثل قول الخليل وقت التجلي

إن هذا ربي بصدق المقول

وهو نجم بدا وبدر وشمس

ثم كان امتيازه بالأفول

أخذ الجاهلون أقوال مثلي

ثم قالوا بها على المجهول

لم يذوقوا منها الذي نحن ذقنا

لا ولم يعرفوا حقيق النزول

إنما قلدوا بحفظ كلام

وادعاء له بغير حصول

وقصاراهمُ التخيُّلُ فهماً

وهو فيهم من غاية المأمول

هم عوامٌ لا يعلمون وهذا

هو سر أعيى جميع الفحول

حاولته الفحول أن يدركوه

فأبى من حجابه المسدول

فأزالوا نفوسهم وأتوه

بافتقار ونائل مبذول

وسعو نحوه به وأقاموا

حكمه تاركين قول العذول

فتجلى لهم فأفنى هواهم

ثم أفنى منهم شخوص النحول

طحنتهم منه الرحى حين دارت

ثم جاءت بهم مجيء السيول

وعليهم تكرر الأمر حتى

وقعوا في اللقا وأمر مهول

فهم الفعل منه في كل حال

وهم الغائبون غيبة غول

لهم الإسم فيه من دون رسم

عن عيان محقق ووصول

وعليهم شواهد الصدق لاحت

ليس تخفى إلا على المخذول

هذه أعين إليه صحاح

أنفت من نواظرٍ عنه حول

أين منها مقال أهل اتحاد

بدعاوي الفنا وأهل حلول

اعقل الأمر تارك الشرع أعمى

عن طريق الهدى وتحصيل سول

فهو إن كان مؤمناً فاسقٌ أو

جاحداً فهو كافر ذو فضول

كيف يرقى ما لم يتب من خطاه

محكماً فتل حبله المحلول

ذاك هيهات لا يكون وإن قد

كان وقع النصول فوق النصول

أين فهم الشمول والشرب منها

بافتكار وأين ذوق الشمول

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغني النابلسي، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات