إن طيفا عن حال شجواي أملى

ديوان ابن نباتة المصري

إن طيفاً عن حال شجوايَ أملى

لستُ أدري أدَّى الأمانة أم لا

جاءَ ضيفاً وردَّه سهد عينيَّ

فولَّى بيَ الهمومَ وولَّى

ليت طيف الحبيب ينقل جسمي

لا حديثي فكان يحسن نقلا

بأبي من إذا تثنَّى دلالاً

أطرقت في رياضها القضب خجلا

فاتك اللحظ وهو حلوٌ مع الف

تك فيا حبَّذا الحسام المحلَّى

عرف الناس سحر عينيه لمَّا

مدَّ فرعاً فصيَّر الفرع أصلا

مدَّ صدغاً على عذارٍ وخدٍّ

فرأينا مرعىً وماءً وظلاَّ

ورنا بعده الغزال فقلنا

حُطّ يا ظبيُ عن جفنك ثقلا

ليسَ يُسلى هواه من قلب صبٍّ

ونعم فوق خدَّيه يُسلى

يا سلوِّي عليهِ عليه بُعداً وسُحقاً

واشْتياقي إليه أهلاً وسهلا

أشتكي جوره التذاذاً بذكرى

شخصه كالأريحيِّ منه عدلا

عجبي منه ظالماً مستطيلاً

وهو إن ماسَ أعدل الناس شكلا

باخلٌ بالكلامِ لكن له سيَّا

ف لحظٍ تكلَّم الناس عنه طفلا

يا بخيلاً بلفظه ولقاه

شذَّ ما قد بخلت قولاً وفعلا

خنت عهدي ولست أوَّل خلٍّ

خانَ بعد الولاء والودّ خلاَّ

رُبَّ يومٍ قد كانَ ريقك فيه

ليَ راحاً وكان قدّك نقلا

سائلي عن قديم دهريَ إيهاً

ذاك وقتٌ مضى ودهرٌ تولَّى

وليالٍ جادت وأعقبت اله

مّ فيا ليت جودها كانَ بخلا

وحبيبٌ جفا ولست بسالي

ه وحاشا ذاك الجمال وكلاَّ

تتقلَّى به العواذل غبناً

فهو يُهوَى وعواذلي فيه تُقلى

عذلوني وفي الحشا عقد ودّ

لم يدع لاسْتماع عذلٍ محلاَّ

أنا في الحبِّ مثل قاضي قضاة الد

ين في الجودِ ليسَ يسمع عذلا

مغرف في العلى لماضيه يتلو

وثناه على البسيطة يتلى

دلفي يوم الفخار يجلى

وبه منهم الخطوب تجلَّى

حازَ غايات أهله بمساعٍ

قدَّمته إلى السيادة أهلا

فأفاضَ الجودين عدلاً ومالاً

وحمى الجانبين حزناً وسهلا

وحرام أن يطرق العسر والجو

ر فتىً كانَ في مغانيه حلاَّ

همَّة تحسب النجوم على الأف

قِ شعاعاً من جرمها يتجلَّى

وعلوم فاضت على الأرض بحراً

هادِياً لم يعف كالبحر سبلا

كم قضى فرض قاصدٍ لحماه

ثمَّ والى فأتبع الفرض نفلا

كم جنينا منه المواهب شهداً

إذ بنينا له الركائب نملا

كم إلى بيت ماله في العطايا

قد ضربنا بطالعِ العيس رملا

لائميه على المكارمِ كفُّوا

إنَّ للصبِّ بالصبابة شغلا

يا له سالكاً بغير مثيل

في طريقٍ من السيادة مثلى

وإماماً أقلامه كلّ يومٍ

تتلقَّى الأقلام قدح معلَّى

صانَ للفضلِ ذمَّةً وحوى العل

م جميعاً فلم تقل فيه إلا

لو أرادت شهب النجوم علاه

ما عزَا الفيلسوف للشهبِ عقلا

ما ألذُّ النعمى لديه وما أش

قى حسوداً بنارِهِ بات يُصلى

وعدوًّا إن لم ينازله بالقت

لِ كفاه سيف التحسُّد قتلا

أضعف الهمّ جسمه فإذا قا

لَ لرجليه بادري كتبت لا

قد بلونا السادات شرقاً وغرباً

فوجدنا جلال علياه أجلى

قيل يعني عطارداً قلت لا بل

مشتري الحمد بالنفائسِ بذلا

يا إماماً إذا المفاخر نادت

هُ مشى ساحب الذيول مدلا

أتشكَّى لك الزمان الذي تمل

ك إصلاحه لديَّ فهل لا

ومقام للعلمِ لولا نظام

من مساعيك ما تنظَّم شملا

ومحاريب شدْتها بدروس

وصلاة تحبى إليها وتجلى

حبَّذا أنوار شخصك في سجَّا

دِ محرابه النقى والمصلَّى

ربَّ مدح لولاك أمسى محالاً

ورجاء لولاكَ أصبح محلا

حبَّذا لي مدائحٌ فيك تبدى

من حياءٍ كالروض يحمل طلاَّ

طالَ إملاؤها عليكَ ولكن

لك كفٌّ من العطا لن يملاَّ

عادة لامها النصيح على البذ

لِ فقالت سجيَّة الأصل مهلا

إن أكن أحسن الثنا فيك قولاً

فلقد أحسنت أياديكَ فعلا

زادكَ اللهُ بسطةً واقْتداراً

ومقاماً على السّهى ومحلاَّ

جمعَ الله فيكَ ما عزَّ في الخل

قِ فسبحانه وعزَّ وجلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات