إن العلى لم تزل تبغي الكفي لها

ديوان الطغرائي

إن العُلَى لم تزلْ تبغِي الكَفِيَّ لها

حتَّى اطمأَنَّتْ إِلى معمورِ ناديكا

رحبُ المساربِ مخضَلٌّ مذانِبهُ

يرودُ منه جِنانَ الخلد عافيكا

بَعُدتَ عن مطرحِ الآمالِ مُرتفعاً

فمَنْ يُراميكَ أم مَنْ ذا يُدانِيكا

يأبَى لك العِزُّ أن تثوي بمنزلةٍ

حتى تُغَشِّي رداءَ الخِزي شانِيكا

ما بالُ بحرِك لا تسجُو غواربُه

وكيف تسجو ولم تبلغ مغازيكا

وما امتشقتَ شَباةَ الطعنِ عن كَبدٍ

وعن فُؤادٍ وَتورٍ طالَ ما شِيكا

أَبشِرْ بنيلِ المُنَى تهدي عرائسَها

إليك مُصحبةً فيها أمانيكا

لقد شككتَ ظهورَ الخيلِ متعبةً

وإن شكت فَكَّهُنَّ المالُ شاكيكا

ترمي بها البِيدَ منشوراً صحائفُها

فلا تمَلُّ ولا تبغي تعنِّيكا

تَحارُ شُهب السَّواري في مجاهلِها

والريحُ تلعبُ فيها أو تجارِيكا

إِذا العواطفُ في أشواطِها نهضتْ

كلّتْ ركائبُها من قبل تُعييكا

تحثُّ والشمسُ في حوض الدُّجَى كرعتْ

وتَنْتَحي وظلام الليل يؤويكا

حتى تَشُقَّ سَبِيبَ الليل عن فَلَقٍ

طَلْقٍ مُحَيَّاهُ وضَّاحٍ يُحيِّيكا

إِذا النجومُ تراءتْ أبصرتْ عَجَباً

وقد رأينَ قُصوراً عن معالِيكا

تراكَ أبعدَ منها رُتبةً ومدَىً

وشأوَ عِزٍّ ومجدٍ إذ تُساميكا

وما رأتْ في غِطاء الغرب أيديَها

حتى رأتْ فوق مثواها مساعِيكا

تلثَّمَتْ بقناعِ الغَرْبِ من خَجَلٍ

إِذ لم تَنَلْ بمَداها بعضَ ما فِيكا

إِذا الجيادُ طوتْ ما بينَ أربُعنا

حتى تَبلَّ صدى شوقي تلاقيكا

أنعلتهنَّ حماليقي وقلَّ لها

حملاقُ عَينَيَّ نعلاً حين نثنيكا

أفني سنابكَها لثماً وأُفرِشُها

خدّي إِذا أنت تَثنيها فتُدنيكا

كم ليلةٍ كسوادِ الليلِ غيهَبُها

جَناحُه الوحْفُ فَضفاضٌ تُرويكا

ضافي الحِداد حرونُ النجم حائرُه

يحنو عليك بأذيالٍ تواريكا

لولا اتِّقادُ شِهابِ العزمِ ما شغفتْ

قلبَ الدُّجَى بالسُّرى فيها نواحيكا

للشهبِ وقفةُ خوفٍ في مدارجها

ولم يَقِفْكَ ارتياعٌ في مجاريكا

غضبان ترمي بأمواجٍ فواقِعُها

كواكبٌ في سَناءِ المجدِ تَحكيكا

والبدرُ يرتَجُّ في الخضراء من فَرَقٍ

كأنه قلبُ مذعورٍ يُنادِيكا

آليتَ ألّا يحطَّ النومُ أرحُلَه

حتى تنالَ على رُغمٍ أقاصيكا

ألفتَ كورَ المَهارَى القُود تَسكُنُهُ

وعِفْتَ ربعَكَ معموراً وأهلِيكا

عريكةٌ لا يُلينُ الدهرُ شِدَّتَها

تقيكَ قالةَ حُسَّادٍ وتحميكا

وافاكَ بالسعدِ نيروزٌ قضَى عجباً

لما تراءتْ له شتَّى معانيكا

يروقُه نَقَيانُ الدُّجْنِ طافَ به

أذيالُ غيثٍ هَمُولٍ من تسخِّيكا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الطغرائي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات