إليكن عني فانصرفن على مهل

إليكن عني فانصرفن على مهل - عالم الأدب

إِلَيكُنَّ عَنّي فَاِنصَرِفنَ عَلى مَهلِ

فَلَستُ بِمُرتاعٍ لِهَجرٍ وَلا وَصلِ

وَما ذاكَ مِن بُغضٍ لَكُنَّ وَلا قِلىً

وَلَكِنَّ قَلبي عَن هَواكُنَّ في شُغلِ

أَبَت لِي وِصالَ البِيضِ هِمّاتُ ماجِدٍ

بَعيدِ الحَمايا غَيرِ نِكسٍ وَلا وَغلِ

غَيُورٍ عَلى العَلياءِ أَن يَبتَني بِها

رَزايا أُناسٌ ما تُمِرُّ وَلا تُحلي

سَواسِيَةٍ لا في مَعَدٍّ مِن الذُرى

وَلا في بَني قَحطانَ في الكاهِلِ العَبلِ

مَضَت حِقبُ الدُنيا وَما في بُيُوتِهِم

لِعِزِّ المَعالي مِن سَليلٍ وَلا بَعلِ

أَضاعُوا حِماها فَاِستُبيحَ وَأَيقَظُوا

عَلَيها البلا مِن كَلِّ حافٍ وَذي نَعلِ

وَباعُوا بِرُخصٍ باعِثَ العدلِ فيهِمُ

فَراحُوا وَكُلٌّ مِنهُمُ في يَدَي عَدلِ

وَأَضحَوا كَفَقعٍ أَو أَداحِيِّ قَفرَةٍ

تُقَلَّبُ بِالمِنساةِ وَاليَدِ وَالرِجلِ

تَسُومُهُمُ سُوءَ العَذابِ بِغلظَةٍ

عِداهُم وَيُسقونَ المَهانَةَ بِالرَطلِ

فَذُو المَالِ مِنهُم لا يَزالُ لِأَجلِهِ

يَروحُ أَخا وَيلٍ وَيَغدُو أَخا ثُكلِ

وَذُو الفَقرِ في هَمَّينِ هَمّ مَعيشَةٍ

وَهَمِّ عَدُوٍّ فَهوَ يَمشي بِلا عَقلِ

فَأَروحُهُم مَن راحَ فيهم وَرَأسُهُ

كَرَأسِ عَلاةِ القَينِ وَكَفِّهِ الطَبلِ

فَذُو الحَزمِ مَن أَعطى بِباعٍ قَصيرَةٍ

وَأَلقى مَقاليدَ الأُمورِ إِلى نَذلِ

وَذُو العَزمِ مَن أَمسى وَأَصبَحَ عائِذاً

بِجِلفٍ مِنَ الأَعرابِ أَو عاهِرٍ طِملِ

وَإِمّا اِنتَدى بَعضَ البَوادي وَبَعضُهُم

سَواءٌ بِضاحي البَرِّ أَو باحَةِ الرَحلِ

فَأَقوَلُهُ قَد كانَ جَدّي وَوالِدي

وَجَدُّ أَبي خُدّامَ رَهطِكَ مِن قَبلي

فَإِن يَتَلقّى بِالقَبُولِ مَقالَهُ

فَيا لَكَ مِن فَخرٍ وَيا لَكَ مِن فَضلِ

وَإِن قالَ كلّا ما عَلِمتُ فَيا لَها

خُوَيخِيَّةٌ تُدعى مُضَيَّقَةَ السُبلِ

وَإِن جاءَ يَوماً نازِلاً لِهَوانِهِ

تَلَقّاهُ مِنهُ بِالإِقامَةِ وَالنُزلِ

كَأَنَّ عَلَيهِ إِذ يَحُلُّ نَقيعَةَ ال

قُدُومِ وَلَيسُوا لِلسَماحَةِ بِالأَهلِ

أَلا يا لَقَومي مِن رَبيعَةَ هَل أَرى

لَكُم يَومَ بَأسٍ يَصدِمُ الجَهلَ بِالجَهلِ

إِلى مَ تُقاسُونَ الهَوانَ أَذِلَّةً

وَأَنتُم إِذا كُوثِرتُمُ عَدَدُ النَملِ

يَسُوقُكُم كَرهاً إِلى ما يَسُوءُكُم

عَبيدُكُمُ سَوقَ الأُحَيمِرَةِ الهُزلِ

وَكَم تَتَرَدُّونَ الخُمولَ ضَراعَةً

وَلُؤماً وَتَشرونَ الغَباوَةَ بِالنُبلِ

يَوَدُّ الفَتى مِنكُم إِذا عَنَّ أَو بَدا

لَهُ مِن بَني القِيناتِ أَسوَدُ كَالحَجلِ

بِأَنَّ حَضيضَ الأَرضِ أَضحى بِقَعرِهِ

لَهُ نَفَقٌ مِمّا اِعتَراهُ مِنَ الخبلِ

فَذُو القَدرِ مِنكُم وَالجَلالَةِ يَحتوي

صفاياهُ مِنهُم بالمَطاميرِ وَالحَبلِ

وَسائِرُكُم بِالبُهم يَرعى مُحَلِّقاً

بِأَثوابِهِ رُعباً مِنَ الجَدِّ وَالهَزلِ

عَزيزُكُمُ يَرضى مِنَ الدُرِّ بِالحَصى

وَيَقنَعُ لَو يُعطى مِنَ الدَرِّ بِالمَصلِ

فَقُبحاً لَكُم ماذا تَعُدُّونَ في غَدٍ

إِذا اِفتَخَرَ الأَقوامُ يا أَخلَفَ النَسلِ

فَإِن كانَ خَوفُ القَتلِ وَالأَسرِ داءَكُم

فَشَأنُكُم أَدهى مِنَ الأَسرِ وَالقَتلِ

فَعَزماً فَموتُ العِزِّ عِندَ ذَوي النُهى

حَياةٌ وَعَيشُ الذُلِّ مَوتٌ بِلا غُسلِ

فَقَد يُنكِرُ الضَيمَ الكَريمُ بِسَيفِهِ

إِنِ اِسطاعَ أَو بِالشَدقَمِيَّةِ وَالرَحلِ

كَما فَعَلَ العَبسِيُّ قَيسٌ وَإِنَّما

أَخُو الهِمَّةِ العَليا أَخُو الحَسَبِ الجَزلِ

أَشاعَ لِعَبسٍ بِالسَلامِ وَأرقَلَت

بِهِ العِيسُ مِن نَجدٍ إِلى كَنَفي وَبلِ

وَحَلَّ عَلى الأَتلادِ غَيرَ مُجاوِرٍ

وَلَكِنَّ عِضّاً لا يَنامُ عَلى تَبلِ

وَلا خَيرَ عِندي في حَياةٍ كَأَنَّها

حَياةُ دَعاميصِ الفَراشَةِ في الضَحلِ

وَذي إِربَةٍ أَهدى لِيَ اللَومَ ناصِحاً

وَذُو اللُبِّ أَحياناً يُريعُ إِلى العَذلِ

يَقُولُ بِتَأنيبٍ أَأُنسيتَ ما جَرى

عَلَيكَ مِنَ الأَغلالِ والسِجنِ وَالكَبلِ

وَإِحرازِ ما أُوتيتَهُ وَاِكتَسَبتَهُ

عَلى غَيرِ ذَنبٍ مِن فِراخٍ وَمِن نَخلِ

وَتفريقَهُ في كُلِّ شاوٍ وَخارِبٍ

وَذاتِ هَنٍ كَالماءِ في رَدعِ الوَحلِ

وَسَلبِ الحِسانِ المُكرَماتِ تَهاوُناً

بِهنَّ وَدَمعُ الأَعيُنِ النُجلِ كَالوَبلِ

وَما كانَ مِن إِخراجِهِنَّ صَوارِخاً

مِنَ الضَيمِ مِن بَعدِ القِصارَةِ وَالشّكلِ

وَسُكنى البَوادي دارَهُنَّ وَإِنَّها

لَدَارُ اِمرِئٍ لا بِالحصورِ وَلا الخَطلِ

أَمِثلُكَ يَرضى دارَ ذُلٍّ إِذا مَأى

بها نَأمُ الضَيّونِ طارَ أَبُو الشِبلِ

أَما كانَ في أَرضِ العِراقِ مَراغِمٌ

تَرُوقكَ عَن دارِ الزَلازلِ وَالأَزلِ

فَقُلتُ لَهُ أَربِع عَلَيَّ وَفي الحَشا

لَوافِحُ أَحقادٍ مَراجِلُها تَغلي

وَجَدِّكَ لَم تَعذِل مَلُوماً وَلَم تَهج

جَثُوماً وَلَم تُوقِظ نؤُوماً عَلى تَبلِ

لِأَمرٍ تَخَطَّيتُ الخَطايا وَلَم أَزل

بِمَطوِ المَطايا أُتبِعُ الجَهلَ بِالجَهلِ

وَما أَعجَبَتني دارُ ذُلٍّ وَإِن غَدَت

مَنازِلَ قَومي وَالأَكارِمِ مِن أَهلي

وَلَكِنَّني حاوَلتُ ما إِن أَتَمَّهُ

لِيَ اللَهُ لَم أَجفَل بِمَحلٍ وَلا مَغلِ

وَقُلتُ عَسى يَوماً كَيَومٍ شَهِدتُهُ

قَديماً لِكَيما يلحَقَ الشُومُ بِالثُكلِ

أَكُونُ بِهِ قُطبَ الرَحى وَمُديرَها

بِعَزمٍ عَلى أَهلِ الضَلالَةِ وَالجَهلِ

فأَلفَيتُ قَوماً إِن طَلَبتَ اِنبِعاثَهُم

لِيَومِ سِبابٍ فَاِدعُ بِالخَيلِ وَالرَجلِ

وإِن رُمتَ فيهم دَفعَ ضَيمٍ وَنُصرَةٍ

بِهِم رُمتَ أَو شالاً مِنَ اِصطُمَّةِ الرَملِ

يُرَجّونَ عَبداً خائِباً قَعَدَت بِهِ

عَلى الخِزيِ أُمّاتٌ وَقَفنَ عَلى الغُسلِ

شَريساً أَعارَتهُ اللَيالي جَهالَةً

جَلالاً وَمالاً وَهيَ مَعتُوهَةُ العَقلِ

قِراعٌ وَلَكِنَّ الكَوَادنَ لَم تَكُن

لِتَجري مَعَ الخَيلِ العرابِ عَلى الحَبلِ

فَما وَلَدَتني حاضِنٌ حَنَفِيَّةٌ

عبيدِيَّةٌ تَسمُو إِلى الحسَبِ الجَزلِ

وَلا عُرِفَت في المَروَتَينِ أُبُوَّتي

وَلا كُنتُ أهدى السابِقينَ إِلى الفَضلِ

وَلا نَزَلَ الأَضيافُ يَوماً بِعقوَتي

وَلا ثَبَتَت في ماقِطٍ حَرجٍ رِجلي

لَئِن أَنا لَم أَغشَ اللِئامَ بِوَقعَةٍ

يَشيبُ لَها مِن هَولِها مَفرِقُ الطِفلِ

وَيَومٍ يَظَلُّ العَثرُ فيهِ نَبائِلاً

مُغَربَلَةً فَوقَ الشَناوِيرِ وَالزَبلِ

لِيَعلَمَ أَهلُ الغَدرِ أَنَّ عَداوَتي

لَأَمقَرُ مِن صابٍ وَأَقطَعُ مِن نَصلِ

وَإِنّي لَكالنَشرِ الَّذي تَستَلِذُّهُ

وَأَهنى لَها لَو قدِّرَت مَرتَعَ الأزلِ

وَهَل يَكشِفُ الغَمّاءَ عَن ذي ضَرورَةٍ

وَيَجلو ظَلامَ الخَطبِ إِلّا فَتىً مِثلي

كَذَلِكَ كانَت مُنذُ كانَت أُبُوَّتي

ذَوو الهامَةِ الخَشناءِ وَالجانِبِ السَهلِ

إِذا السَيِّدُ الجَبّارُ أَبدى تَعامياً

وَصَعَّرَ خَدّاً وَاِستَباحَ حِمى المَطلِ

أَضاءَت لَهُ أَسيافُنا فَهَدَينَهُ

وَقَوَّمنَهُ فَاِستَبدَلَ الحِلمَ بِالجَهلِ

فَسائِل مَعَداً هَل لَها مِن مُعَوِّلٍ

سِوانا إِذا البَزلاءُ قامَت عَلى رِجلِ

وَهَل قادَنا بِالجَهضَمِيَّةِ سَيِّدٌ

وَإِن كانَ فينا واسِعَ البَأسِ وَالفَضلِ

أَلَم نَترُكِ الضحيانَ يَكبُو وَبَعدَهُ

كُلَيباً أَذَقنا عِرسَهُ مَضَضَ الثَكلِ

وَأَردى أَخانا اليَشكُريَّ وَفَرخَهُ

فَوارِسُ مِنّا غَيرُ ميلٍ وَلا عُزلِ

سَواءٌ عَلَينا قَومُنا إِذ تُضِيمُنا

وَأَعَداؤُنا وَالفَرعُ يُنمي إِلى الأَصلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات