إلى م أورد عتباً غير مستمع

إلى م أورد عتباً غير مستمع - عالم الأدب

إِلى مَ أُورِدُ عُتباً غَيرَ مُستَمَعِ

وَأُنفِقُ العُمرَ بَينَ اليَأسِ وَالطَمَعِ

وَكَم أُحيلَ عَلى الأَيّامِ مُفتَرِياً

ما تُحدِثُ البدعُ النَوكَى مِن البِدَعِ

آلَيتُ أَنفَكُّ مِن حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ

أَو أَن تَقولَ لِيَ الآمالُ خُذ وَدَعِ

لا صاحَبَتنِيَ نَفسٌ لا تُبَلِّغُني

مَراتِبَ العِزِّ لَو في ناظِرِ السَبُعِ

سَيَصحَبُ الدَهرَ مِنّي ماجِدٌ نَجِدٌ

لَو داسَ عِرنِينَ أَنفِ المَوتِ لَم يُرَعِ

أَأَقبَلُ النَقصَ وَالآباءُ مُنجِبَةٌ

وَالبَيتُ في المَجدِ ذُو مَرأىً وَمُستَمَعِ

لَأَركَبَنَّ مِنَ الأَهوالِ أَعظَمَها

هَولاً وَما يَحفَظُ الرَّحمنُ لَم يُضَعِ

وَلا أَكونُ كَمَن يَسعى وَغايَتُهُ

وَمُنتَهى سَعيِهِ لِلرِّيِّ وَالشِبَعِ

أَيذهَبُ العُمرُ لا يَخشى مُعانَدَتي

خَصمي وَجاري بِقُربي غَيرُ مُنتَفِعِ

وَبَينَ جَنبَيَّ عَزمٌ يَقتَضي هِمَماً

لَو ضَمَّها صَدرُ هَذا الدَهرِ لَم يَسَعِ

فَلا رَعى اللَهُ أَرضاً لا أَكونُ بِها

سُمّاً لِمُستَنكِفٍ غَيثاً لِمُنتَجِعِ

كَم عايَنَ الدَهرُ مِنّي صَبرَ مُكتَهِلٍ

إِذ لَيسَ يُوجَدُ صَبرُ العودِ في الجَذَعِ

وَكَم سَقاني مِن كَأسٍ عَلى ظَمَأٍ

أَمَرَّ في الطَعمِ مِن صابٍ وَمِن سَلَعِ

وَما رَمَتني بَكرٌ مِن نَوائِبهِ

إَلّا صَكَكتُ بِصَبري هامَةَ الجَزَعِ

سَلِ الأَخِلّاءِ عَنّي هَل صَحِبتُهُمُ

يَوماً مِنَ الدَهرِ إِلّا وَالوَفاءُ مَعي

أَلقى مُسيئَهُمُ بِالبِشرِ مُبتَسِماً

حَتّى كَأَن لَم يَخُن عَهداً وَلَم يُضِعِ

وَسَلهُمُ هَل وَفى لي مِن ثِقاتِهمُ

حُرٌّ وَلَم يَشرِ في نَقضي وَلَم يَبِعِ

ثَكِلتُهُم ثُكلَ عَينٍ ما تَبَطَّنَها

مِنَ القَذى أَو كَثُكلِ العُضوِ لِلوَجَعِ

لَقَد تَفَكَّرتُ في شَأني وَشَأنِهمُ

فَبانَ لي أَنَّ ذَنبي عِندَهُم وَرَعي

فآهِ مِن زَفَراتٍ كُلَّما صَعَدَت

في الصَدرِ كادَت تُوَرّي النار مِن ضِلعي

يَسُوقُها أَسَفٌ قَد ثارَ مِن نَدَمٍ

يُربي عَلى نَدَمِ المَغبُونِ مِن كُسَعِ

وَلَيسَ ذاكَ عَلى مالٍ نَعِمتُ بِهِ

حِيناً وَأَفناهُ صَرفُ الأَزلَمِ الجَذِعِ

وَلا عَلى زَلَّةٍ أَخشى عَواقِبَها

وَالناسُ حِزبانِ ذُو أَمنٍ وَذُو فَزَعِ

لَكِن عَلى دُرَرٍ تَزهُو جَواهِرُها

في عِقدِ كُلِّ نِظامٍ غَيرِ مُنقَطِعِ

تَوَّجتُها مَعشَراً لا أَبتَغي عِوَضاً

عَنها وَإِنّيَ في قَومي لَذُو قَنَعِ

وَكُنتُ أَولى بِها مِنهُم وَكَم مِنَنٍ

ضاعَت وَما فائِتٌ يَمضي بِمُرتَجَعِ

وغَرَّني مِنهُمُ لَفظٌ خُدِعتُ بِهِ

وَالناسُ ما بَينَ مَخدوعٍ وَمُختَدِعِ

فَلو تَكونُ إِلى الأَصدافِ نِسبَتُها

لَكانَ لِي كَرَمٌ يَنهى عَن الهَلَعِ

لَكِنَّها الجَوهَرُ الطَبعِيُّ قَد أَمِنَت

مِنَ التَشَظّي مَدى الأَيّامِ وَالطَبَعِ

ليُبعِدَنِّيَ عَنهُم شَدُّ ناجِيَةٍ

وَجناءَ غُفلٍ مِن التَوقِيعِ وَالوَقَعِ

أَو ذاتُ قِلعٍ مِنَ العَيناءِ ما عُرِفَت

في زَجرِها بخَلٍ يَوماً وَلا هِدَعِ

وَلا رَغَت عِندَ حَملِ الثِقلِ مِن ضَجَرٍ

وَلا إلى هُبَعٍ حَنَّت وَلا رُبَعِ

تَجري مَعَ الريحِ إِن هَوناً وَإِن مَرَحاً

فَنِعمَ مُطلِعَةٌ مِن هَولِ مُطَّلِعِ

فَتِلكَ أَو هَذِهِ أَجلو الهُمومَ بِها

إِذا تَطاوَلَ لَيلُ العاجِزِ الضَرِعِ

يَأبى لِيَ المَجدُ أَن أَرضى بِغَيرِ رِضاً

وَرَأيِ ماضٍ وَعَزمٍ غَيرِ مُفتَرِعِ

ما أَقبَحَ الذُلَّ بِالحُرِّ الكَريمِ وَما

أَسوا وَأَقبَحَ مِنهُ العِزُّ بِاللُكَعِ

ما لي أُجمجِمُ في صَدري بَلابِلَهُ

وَمَنكِبُ الأَرضِ ذو مَنأىً وَمُتَّسَعِ

وَكُلُّ أَرضٍ إِذا يَمَّمتُها وَطني

وَكُلُّ قَومٍ إِذا صاحَبتهُم شِيَعي

وَلي مِنَ الفَضلِ أَسنَاهُ وَأَشرَفَهُ

وَهِمَّةٌ جاوَزَت بي كُلَّ مُرتَفِعِ

المَجدُ أَعتَقُ وَالآدابُ بارِعَةٌ

وَذِروَةُ المَجدِ مُصطافي وَمُرتَبَعي

لِيَ النَّباهَةُ طَبعٌ قَد عُرِفتُ بِهِ

وَكُلُّ مَعنىً مِنَ الأِلفاظِ مُختَرَعي

فَيَأسكُم مِن رُجُوعِي بَعدَ مُنصَرَفي

نِطافُ دِجلَةَ تُغنِيني عَنِ الجُرَعِ

سَيَعرِفُ الخاسِرُ المَغبُونُ صَفقَتَهُ

مِنّا وَمَن ضَيّعَ البازِيَّ بِالوَصَعِ

لا خَيرَ في مَنزِلٍ تَشقى الكِرامُ بِهِ

وَيُلحَقُ السَيِّدُ المَتبُوعُ بِالتَبَعِ

كَم لُمتُ قَومي لا بَل كَم أَمَرتُهُمُ

بِحَسمِ داءِ العِدا فيهِم فَلَم أُطَعِ

فَلَم أَجِد بَعدَ يَأسي غَيرَ مُرتَحَلي

عَنهُم لِهَمٍّ أسَلِّيهِ وَمُتَّدَعِ

فَإِن يُرِيعُوا أَرِع وَالعَقلُ مُكتَسَبٌ

وَالرَيعُ خَيرٌ وَمَن لِلعُميِ بِالرَسَعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات