إلى كم أداري عاذلي ومفندي

ديوان الأمير الصنعاني

إلى كم أداري عاذلي ومُفَندِي

أمثلي بهم في شِرْعَةِ الحب يَقْتدِي

أبى لي آبائي أن أقلد في الهوى

أَبَعْدَ اجتهادي تَدْعُنِي بالمقلدِ

فقد طالما ضيعت في الحب مهجتي

وألقيت في كف الصبابة مِقْوَدِي

وكفَّيْتُ دمعي وهو من مقلتي دم

مخافة أن أضحى نجد مورد

وكم بَشَّر السلوان قلبي مغالطاً

ونار الهوى تطوى بذيل تجلُّدي

وكم زارني عن غير وعد معذبي

وأحلى اللقا ما كان عن غير موعد

فما لّليالي لا سقى اللّه عهدها

تطرّدني في الأرض كل مُطرَّد

أعادت منامي لا يصافح مقلتي

وصار سهادي يفتح العين باليد

واكسو الدجى من لون حالي حُلّةً

فيزداد منها ظلمة حين يرتدي

أما آن يا صبح اللقا منك أوبةٌ

ويا دهر هجري هل لليلك من غد

نعم من تباشير الصّباح إشارة

أتت في نظام بالبديع منضّد

نظام كمثل الماء لطفاً ورقةً

وكالنار من شكواه عند التوقد

إذا ما قرأت الشطر منه تصعدت

من الصدر نار تحرق الرق في يدي

سميَّ أبي إن كان تفديك مهجتي

فأحقر مبذول لأعظم من فُدي

فمثلك يفدى بالأنام جميعهم

بكل مسود منهم ومُسَوَّد

فمثلك فيهم لا يكون ولم يكن

طويل نجاد السَّيف رَحْبَ المقلد

يدافع عن أحسابهم بلسانه

ويضرب عنهم بالحسام المهند

يعزّ علينا أن تكون مكبلاً

تبيت على جمر من الكرب موقد

يعز علينا أن تكون محجباً

تبيت بطرف بالهموم مُسهّد

ولا غرو من حاز الكمال فإنما

يكون أميراً أو أسيراً لأصْيَدِ

هم جعلوا الحراس حولك خيفة

لأنك كنز من نضار وعسجد

وهوّن هذا إن عاقبة الأسَى

سرور به يفنى من الغيظ حُسَّدي

أتطلب غوثاً من غريب وإنه

كمثلك يبغي الغيث في كل مقصد

فلا ترج إلا اللّه في كل حادث

فألق إليه بث شكواك تحمد

له الملك في الأكوان لا بمؤازر

ولا بنصير في الدفاع لمعتد

قريب ولكن بالذنوب تباعدت

مسائلنا عن روض إحسانه الندي

فقم قارعاً للباب والناب نادماً

على ما جرى وارفع دعاءك يصعد

وقم سائلاً والدمع في الخد سائل

تجد ما تشا من لطفه وكَأنْ قَدِ

وقم زلفا في الليل إن نشر الدجى

جناح عذاف يلبس الكون عن يد

ورد ظلام الليل بالذكر مشرقاً

فقد فاز من بالذكر يهدي ويهتدي

وأما بنو الدنيا فلا ترج نفعهم

فلا منجد منهم يرجى لمجتد

فإني تتبعت الأنام فلم أجد

سوى شامت أو حاسد أو مُفند

وقد رضعوا ثدي المهابة كلهم

وكل بذيل الذل أصبح يرتدي

فلم أَرْمِ إلا بالسهام من الدُّعا

إلى مقتل الأعداء من قوسِ مِذْوَدِي

وعما قريب يدرك السهم صيده

فكم صاد سَهْمُ الليل مهجة أصيد

وأوصيك بالتقوى لربك إنه

سيحمد تقواه الموفقُ في غد

وخذ لك من دنياك زاداً فإنما

أقامك في الدنيا لأخذ التزود

فعما قريب قد أناخ ركابنا

بقصر خَليٍّ مظلم الجوِّ فَدْفَدِ

فإن الليالي كالمراكب تحتنا

تروح بنا في كل حين وتغتدي

فيا حبذا جنات عدن فإنها

تحط رحال القادم المتزود

وليس لنا إلا الرجاء فإنه

يبلغنا من فضله خير مقعد

وستراً على هذا النظام فإنه

كثير الحيا من ذهنك المتوقد

أراد لافراط الحيا يترك اللقا

فكم سامني عذراً لخوف التفقد

ولكن أقلامي أبت أن تطيعه

فسار بقلب الخائف المتوعد

فلاطفه براً واعفه عن لطائف

تنل خير لطف من لطيف مؤيد

بقيت لنا بَحْرَيْنِ بحر بلاغة

وبحر ندىً يروى به كل مجتد

وصلِّ على المختار ثم وَصِيهِ

وسبطيه والزهرا وآل محمد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات