إلام أرامي في المنى وأُرادي

ديوان الشريف المرتضى

إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي

وحشو صلاحِي في الزّمان فسادِي

وفجعِي بما نالتْ يداي موكّلٌ

فما سرّنِي أنّي بلغتُ مرادِي

فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَنِي

رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ

كأنّ جوادِي يومَ يطلبنِي الرّدى

ولا ناصرٌ لِي منه غيرُ جوادِ

ولا وَزَرٌ منه بزُرقِ أسنّتِي

ولا بيض أسيافي وسُمرِ صِعادِي

أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مَرْوَتِي

ويُضرمُ أحشائي بِغَيرِ زنادِ

فيا أسهماً يمضين حول جوانبِي

لرامِي الرّدى أنّى يُصبْنَ فؤادِي

فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبيتنِي

على حَرِّ جمرٍ أو فِراشِ قَتادِ

وَهَل طَمَعِي في العيشِ إلّا جَهالةٌ

وفي كفّ روّادِ الحِمامِ قيادِي

يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلةٍ

إِلى حُفَرٍ تُطوى لنا بوهادِ

وما نافِعِي في هذه الدَّار مرّةً

بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادِي

فَيا قُربَ بين الفقرِ فيها مِنَ الغِنى

وَبينَ اِزدِراعِي تارةً وحصادِي

وَما إِنْ وَفى غيثُ الرّدى في أصادقِي

بأنْ عَلِقَتْ يمناهُ لِي بأعادِ

وَمَن كانَ يُردي ذا حذارٍ وفطنةٍ

فماذا ملامُ المهمِل المتمادِي

سَلِ الدّهرَ عن سادات لَخْمٍ وحِمْيَرٍ

وأبناءِ نَهْدٍ بعدهمْ ومُرادِ

وَهَل بَقيتْ للعين والقلبِ بهجةٌ

بهوجِ اللّيالِي في ديارِ إيادِ

وَهَل تَرَكتْ أَيدي الرّدى مِن مُخبّرٍ

لآلِ نِزارٍ كلَّ يومِ تَنادِ

وَلَو كنتُ مَوعوظاً بِشيءِ عَرفته

يُقلِّلُ حِرصِي لاِتَّعظتُ بعادِ

مَضوا بعدَ أَن كانوا يُظنّ بقاؤهم

يكون على الدّنيا بغير نفادِ

وقد قلّدوا الأعناقَ منَّا وأترعوا

بطون الّليالي من لُهاً وأيادِ

فَيا هبةَ اللَّهِ اِرتُجعتَ إلى الرّدى

وقد كنت في فضلٍ ذُبالةَ نادِ

وما زلتَ خرّاجاً عن الغيّ والهوى

مَدَى الدّهرِ ولّاجاً لكلِّ رشادِ

وَكُنتَ لِعَينِي ثمّ قلبِي سوادَه

وليس بياضٌ فيهما كسوادِ

فَواللَّهِ ما أَدرِي أغال نعيُّهُ

رُقادِيَ حُزْناً أم أطارَ فؤادِي

على أنّه ذرّ الأسى في جوانحِي

وَأَودعَ منّي في الجفونِ سُهادِي

وما ضرّنِي والنّومُ ليس يزورنِي

دجىً وضحىً أنِّي بغير وِسادِ

فإنْ لم أعِرْ جسمِي عليك حِدادَه

فَقلبِيَ حزناً في ثيابِ حِدادِ

وَللَّهِ خَطبٌ زارني بعد هجعةٍ

فحرّم في عينَيَّ طعمَ رُقادِي

وَشرّد عنّي باِصطِبارٍ عهدتُه

وَأَحرج حَيزومِي وأضعف آدِي

وَعَرّف ما بينِي وَبيَن بلابلٍ

عمرتُ وما يمررن لِي ببلادِ

كَأنّي قَضيضُ الجنبِ حزناً ولوعةً

وفَرشي مهيداتٍ بغير مهادِ

ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكن

جعلتك من سكّانِ دار ودادِي

وليتك لم تحلُلْ رِكابُك عَقْوَتِي

تُراوِحها صبّاً بِها وَتغادِي

وَما بَينَ قُربٍ وَاِشتِياقٍ عهدتُه

حَوَتْ أضلُعِي فرقٌ وبين بعادِي

سَقى اللَّهُ مَيْتاً لا يُرجّى إيابُه

وَحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ

وَجادَ عليهِ كلُّ أسحمَ مسبلٍ

بعَذْبٍ صقيلِ الطُّرتين بُرادِ

لَهُ مِن وَميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ

وَمِن رَعدِه وهناً زماجرُ حادِ

وَلا زالَتِ الأنواءُ يسقين تُربَه

إذا رائحٌ ولّى تصوّب غادِ

بلا موعدٍ تَخشى له النَّفس خُلفةً

وَخَيرُ اللُّها ما لم تكنْ بوعادِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات