إذا نبت الديار بحر قوم

ديوان عبد الغفار الأخرس

إذا نَبَتِ الدِّيارُ بحرِّ قومٍ

فليسَ على المُفارقِ من جناحِ

ومنذُ وجَدتُ من همِّي رسيساً

إلى روحي وأعوزني ارتياحي

وما صَعَّرْتُ للأيام خدِّي

ولم أخفِضْ لنائبةٍ جناحي

وضاقَ بيَ الخناق فلمتُ نفسي

وإن لم يلحُني باللَّوم لاحي

وقد أصبحتُ في زمنٍ ممارٍ

يريني الجدَّ من خللِ المزاحِ

رَفَضْتُ إقامتي وَرَكِبْتُ أمراً

حَريًّا أن يكونَ به صَلاحِي

تسيرُ بنا بلُجِّ البحر فُلك

كمثل الطَّير خافقة الجناحِ

وما زلنا بها حتَّى حللنا

صَبَاحاً في كويت آل الصبَّاحِ

لدى قوم أعزّ الناس جاراً

وأندى بالنوال بطون راحِ

أباةٌ لا يطوف الضَّيم فيهم

ولا جار لهم بالمستباحِ

غيوث مكارمٍ وليوث حربٍ

وأكفاءُ الشجاعةِ والكفاحِ

نزلت بهم على سعةٍ ورحبٍ

وأنس وابتهاجٍ وانشراحِ

فقومٌ ساد عبد الله فيهم

فبالبأسِ الشَّديدِ وبالسَّماحِ

إذا نزلوا لعمرُ أبيكَ أرضاً

حَموهَا بالأسِنَّةِ والرِّماحِ

فكم بدأوا بمكرمةٍ وثنَّوا

وكم نحروا العدى نحر الأضاحي

سَقَوا أعداءهم حمرَ المنايا

بسمر الخطِّ والبيضِ الصفاح

وما زالت مكارمهم تنادي

لدى الآمال حيَّ على الفلاحِ

بأيديهم شكيمة ذي اقتدارٍ

تَرُدُّ الجامحين عن الجماحِ

همُ وضعوا أفاويق المعالي

كما رَضَعَ الفَصيلُ من اللقاحِ

إذا ما زرتُهم يوماً وفى لي

ضميني للزيارةِ بالنجاحِ

بهم أطلَقتُ ألسنَة القوافي

بما تمليه من كَلِمٍ فصاحِ

لقد مُزجَتْ محبَّتهم بروحي

مزاج الرَّاح بالماءِ القراحِ

كأَنَّ مديحُهم عندي عقارٌ

به كانَ اغتباقي واصطباحي

ثمِلْتُ بهم وما خامَرْتُ خمراً

ولا راحي بسطتُ لكأس راحِ

ألذُّ من المدامة للندامى

وها أنا في هواهم غير صاحِ

ولو أنِّي اقترحتُ على زماني

وأعطاني الزمان على اقتراحي

لما فارقتُهم يوماً ومالي

إذا وُفِّقْتُ عنهم من براحِ

ويأبى ذاكَ لي قَدَرٌ متاح

ونحنُ بقبضةِ القدر المتاحِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات