إذا الغمام حداه البارق الساري

ديوان البحتري

إِذا الغَمامُ حَداهُ البارِقُ الساري

وَاِنهَلَّ مِن ديمَةٍ وَطفاءَ مِدرارِ

وَحاكَ إِشراقُهُ طَوراً وَظُلمَتُهُ

ما حاكَ مِن نَمَطَي رَوضٍ وَأَنوارِ

فَجادَ أَرضَكِ في غَربِ السَماوَةِ مِن

أَرضٍ وَدارَكِ بِالعَلياءِ مِن دارِ

وَإِن بَخِلتِ فَلا وَصلٌ وَلا صِلَةٌ

إِلّا اِهتِداءَ خَيالٍ مِنكِ زَوّارِ

لَأَشكَلَ القَمَرُ الساري عَلَيَّ فَما

بَيَّنتُ طَلعَتَهُ مِن طَيفِكِ الساري

إِذ ضارَعَ البَدرَ في حُسنٍ وَفي صِفَةٍ

وَطالَعَ البَدرَ في وَقتٍ وَمِقدارِ

لَيلٌ تَقَضّى وَما أَدرَكتُ مَأرُبَتي

مِنَ اللِقاءِ وَلا قَضَّيتُ أَوطاري

إِمّا اِطَّرَفتُ إِلى حُبّيكَ فَرطَ هَوىً

ثانٍ يُكَثِّرَ مِن وَجدي وَتَذكاري

فَطالَما اِمتَدَّ في غَيِّ الصِبا سَنَني

وَاِشتَدَّ في الحُبِّ تَغريري وَإِخطاري

هَوىً أُعَفّي عَلى آثارِهِ بِهَوىً

كَمُطفِئٍ مِن لَهيبِ النارِ بِالنارِ

قَد ضاعَفَ اللَهُ لِلدُنيا مَحاسِنَها

بِمُلكِ مُنتَخَبٍ لِلمُلكِ مُختارِ

مُقابَلٍ في بَني العَبّاسِ إِن نُسِبوا

في أَنجُمٍ شُهِرَت مِنهُم وَأَقمارِ

يُريكَ شَمسَ الضُحى لَألاءُ غُرَّتِهِ

إِذا تَبَلَّجَ في بِشرٍ وَإِسفارِ

أَولى الرَعِيَّةَ نُعمى بَعدَ مَبأَسَةٍ

تَمَّت عَلَيهِم وَيُسراً بَعدَ إِعسارِ

أَنقَذتَهُم يا أَمينَ اللَهِ مُفتَلِتاً

وَهُم عَلى جُرُفٍ مِن أَمرِهِم هارِ

أَعطَينَهُم بِبنِ يَزدادَ الرِضا فَأَوَوا

مِنهُ إِلى قائِمٍ بِالعَدلِ أَمّارِ

رَدَّ المَظالِمَ فَاِنتاشَ الضَعيفَ وَقَد

غَصَّت بِهِ لَهَواتُ الضَيغَمِ الضاري

يَأسو الجِراحَةَ مِن قَومٍ وَقَد دَمِيَت

مِنهُم غَواشِمُ أَنيابٍ وَأَظفارِ

يُرضيكَ والِيَ تَدبيرٍ وَمُبتَغِياً

نُصحاً وَمُعجِلَ إيرادٍ وَإِصدارِ

فَاللَهُ يَحفَظُ عَبدَ اللَهِ إِنَّ لَهُ

فَضلَ السَماحِ وَزَندَ السُؤدَدِ الواري

زَكَت صَنائِعُهُ عِندي وَأَنعُمُهُ

كَما زَكَت مِدَحي فيهِ وَأَشعاري

إيهاً أَبا صالِحٍ وَالبَحرُ مُنتَسِبٌ

إِلى نَوالِكَ في سيحٍ وَإِغزارِ

حَكى عَطاؤُكَ جَدواهُ وَجَمَّتَهُ

فَيضاً بِفَيضٍ وَتَيّاراً بِتَيّارِ

أَأَرهَبُ الدَهرَ أَو أَخشى تَصَرُّفَهُ

وَالمُستَعينُ مُعيني فيهِ أَو جاري

وَأَنتَ ما أَنتَ في رِفدي وَحَيِّطَتي

قِدماً وَإيجابِ تَقديمي وَإيثاري

فَكَيفَ تُمهِلُ أَسبابي وَتَغفُلُ عَن

حَظّي وَتَرضى بِإِسلامي وَإِخفاري

تَأَتَّ في رَسمِيَ الجاري بِعارِفَةٍ

كَما تَأَتَّيتَ لي في رِزقِيَ الجارِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

ثناؤك من روض الخمائل أعطر

ثَناؤُكَ مِنْ رَوْضِ الخَمائِلِ أَعْطَرُ وَوَجْهُكَ مِنْ شَمْسِ الأَصائِلِ أَنْوَرُ وَسَعْيُكَ مَقْبُولٌ وَسَعْدُكَ مُقْبِلٌ وَكُلُّ مَرامٍ رُمْتَ فَهْوَ مُيَسَّرُ وَجَاءَكَ مَا تَخْتَارُ مِنْ كلِّ رِفْعَةٍ…

تعليقات