إذا آمن الإنسان بالله فليكن

ديوان أبو العلاء المعري

إِذا آمَنَ الإِنسانُ بِاللَهِ فَليَكُن

لَبيباً وَلا يَخلِط بِإيمانِهِ كُفرا

إِذا نَفَرَت نَفسٌ عَنِ الجِسمِ لَم تَعُد

إِلَيهِ فَأَبعِد بِالَّذي فَعَلَت نَفرا

كَأَنَّ وَليداً ماتَ قَبلَ سُقوطِهِ

عَلى الأَرضِ ناجٍ مِن حِبالَتِهِ طَفرا

تَمَنَّيتُ أَنّي بَينَ رَوضٍ وَمَنهَلٍ

مَعَ الوَحشِ لا مِصراً أَحُلُّ وَلاكَفرا

يَقولونَ مَسكُ الجَفرِ أودِعَ حِكمَةً

إِذا كُتِبَت أَطراسُها مَلَأَت جَفرا

وَغافِرَةٍ في نيقَةٍ رَضِعَت غِنىً

كَمُغفِرَةٍ في النيقِ مُرضِعَةٍ غَفرا

مَتى مَلَأَت كَفَّيكَ دُنياكَ أَرسَلَت

مُلِمّاً يُعيدُ الكَفَّ مِن جودِها صِفرا

أَمِن أُمِّ دَفرٍ تَبتَغونَ عَطِيَّةً

وَقَد فَرَّقَت فيهِم سُلالَتَها دَفرا

وَكَم مِن عَفيرِ الوَجهِ بَينَ أَديمِها

وَقَد كانَ يَرمي قبلَها الأُدمَ وَالعُفرا

غَدَوتُ مَعَ الأَحياءِ مُذ حانَ مَولِدي

إِلى اليَومِ ما نَنفَكُّ في دَأَبٍ سَفرا

وَرَبُّكَ عَمَّ الوَهدَ بِالرِزقِ وَالرُبى

وَأَمطَرَ بِالمَوتِ العَمائِرَ وَالقَفرا

وَإِن حَبَّبَ اللَهُ الحُسامَ إِلى اِمرِئٍ

حَباهُ بِهِ في كُلِّ مَفزَعَةٍ خَفرا

وَصَيَّرَ جَفناً جَفنَهُ وَغِرارَهُ

غِراراً لِعَينَيهِ وَشَفرَتَهُ شُفرا

وَقَد ضَفَرَت فَرعاً كَريمَةُ مَعشَرٍ

فَما حَلَّ إِلّا الغاسِلاتُ لَهُ ضَفرا

دَنا نيرُها مِن كَفِّها لِتَعَبُّدٍ

وَأَلقَت دَنانيراً بِراحَتِها صُفرا

إِذا هَجَرَت زيرَينِ زيرَ أَوانِسٍ

وَزيرَ غِناءٍ فَهيَ راجِيَةٌ عَفرا

وَرَدنا بِلا وَفرٍ دِيارَ حَياتِنا

وَنَترُكُ فيها يَومَ نَرتَحِلُ الوَفرا

وَلَو لَم يُقَدِّر خالِقُ اللَيثِ فَرسَهُ

لِمَطعَمِهِ لَم يُعطِهِ النابَ وَالظُفرا

تَطولُ اللَيالي وَالزَمانُ وَتَنبَري

حَوادِثُ لا تُبقي عَلى ظَهرِها شَفرا

وَلا رَيبَ في مَهوى الرَفيعِ إِلى الثَرى

وَلَو اِنَّهُ جارى السَماكينِ وَالغَفرا

وَلَو أَنَّ أَبراجَ السَماءِ بُروجُه

لَبُدِّلَ مِنها غَيرَ مُمتَنِعٍ جَفرا

عَجِبتُ لِرَقٍّ ضُمِّنَ المَينَ بَعدَما

تَخَيَّرَهُ قَومٌ لِتَوراتِهِم سِفرا

كَما وَسَقَ الراحَ السَقاءُ وَرُبَّما

يُضاهي مَزاداً مِن مَشارِبِهِم وُفرا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات