أيا ويح من أمسى يخلس عقله

ديوان قيس بن الملوح

أَيا وَيحَ مَن أَمسى يُخَلَّسُ عَقلُهُ

فَأَصبَحَ مَذهوباً بِهِ كُلَّ مَذهَبِ

خَلِيّاً مِنَ الخُلّانِ إِلّا مُعَذَّباً

يُضاحِكُني مَن كانَ يَهوى تَجَنُّبي

إِذا ذُكِرَت لَيلى عَقَلتُ وَراجَعَت

رَوائِعُ قَلبي مِن هَوىً مُتَشَعِّبِ

وَقالوا صَحيحٌ ما بِهِ طَيفُ جِنَّةٍ

وَلا الهَمُّ إِلّا بِاِفتِراءِ التَكَذُّبِ

وَلي سَقَطاتٌ حينَ أُغفِلُ ذِكرَها

يَغوصُ عَلَيها مَن أَرادَ تَعَقُّبي

وَشاهِدُ وَجدي دَمعُ عَيني وَحُبُّها

يَرى اللَحمَ عَن أَحناءِ عَظمي وَمَنكَبي

تَجَنَّبتُ لَيلى أَن يَلِجَّ بِيَ الهَوى

وَهَيهاتَ كانَ الحُبُّ قَبلَ التَجَنُّبِ

فَما مُغزِلٌ أَدماءُ باتَ عَزالُها

بِأَسفَلِ نِهيٍ ذي عَرارٍ وَحَلَّبِ

بِأَحسَنَ مِن لَيلى وَلا أَمَّ فَرقَدِ

غَضيضَةُ طَرفٍ رَعيُها وَسطَ رَبرَبِ

نَظَرتُ خِلالَ الرَكبِ في رَونَقِ الضُحى

بِعَيني قُطامِيٍّ نَما فَوقَ عُرقُبِ

إِلى ظُعُنٍ تَخذي كَأَنَّ زُهائَها

نَواعِمَ أَثلٍ أَو سَعِيّاتِ أَثلَبِ

وَلَم أَرَ لَيلى غَيرَ مَوقِفِ ساعَةٍ

بِبَطنِ مِنىً تَرمي جِمارَ المُحَصَّبِ

وَيُبدي الحَصى مِنها إِذا قَذِفَت بِهِ

مِنَ البُردِ أَطرافَ البَنانِ المُخَضَّبِ

فَأَصبَحتُ مِن لَيلى الغَداةَ كَناظِرٍ

مَعَ الصُبحِ في أَعقابِ نَجمٍ مُغَرِّبِ

أَلا إِنَّما غادَرتِ يا أُمَّ مالِكٍ

صَدى أَينَما تَذهَب بِهِ الريحُ يَذهَبِ

حَلَفتُ بِمَن أَرسى ثَبيراً مَكانَهُ

عَلَيهِ ضَبابٌ مِثلُ رَأسِ المُعَصَّبِ

وَما يَسلُكُ المَوماةَ مِن كُلِّ نِقضَةٍ

طَليحٍ كَجَفنِ السَيفِ تُحدى بِمَوكِبِ

خَوارِجَ مِن نُعمانَ أَو مِن سُفوحِهِ

إِلى البَيتِ أَو يَطلُعنَ مِن نَجدِ كَبكَبِ

لَهُ حَظُّهُ الأَوفى إِذا كانَ غائِباً

وَإِن جاءَ يَبغي نَيلَنا لَم يُؤَنَّبِ

لَقَد عِشتُ مِن لَيلى زَماناً أُحِبُّها

أَرى المَوتَ مِنها في مَجيئي وَمَذهَبي

وَلَمّا رَأَت أَنَّ التَفَرُّقَ فَلتَةٌ

وَأَنّا مَتى ما نَفتَرِق نَتَشَعَّبِ

أَشارَت بِمَوشومٍ كَأَنَّ بَنانَهُ

مِنَ اللَينِ هُدّابُ الدِمَقسِ المُهَذَّبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان قيس بن الملوح، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات