أيام قربك عندي ما لها ثمن

ديوان لسان الدين بن الخطيب

أيَّامُ قُرْبِكَ عِنْدي مَا لَهَا ثَمَنُ

لَكِنَّنِي صَدَّنِي عَنْ قُرْبِكَ الزَّمَنُ

حَطَطْتُ بَعْدَكَ يَاأَهْلِي وَيَاوَطَنِي

رَحْلَ الْغَرِيبِ فَلاَ أَهْلٌ وَلاَ وَطَنُ

قَدْ حَلَّ حُبُّكَ مِنْ قَلْبِي بِمَنْزِلهٍ

لاَ الْمَاءُ يَجْرِي مَجَارِيهَا وَلاَ اللَّبَنُ

لَمَّا تَحَمَّلتُ عَنْكَ الرَّكْبَ مُرْتَحِلاً

وَالْقَلْبُ فِيكَ غَدَاةَ الْبَيْنِ مُرْتَهَنُ

وَلاَ واللهِ مَا سَكَنَتْ نَفْسِي إِلَى أَحَدٍ

يَوْماً وَلاَ رَاقَ عَيْنِي مَنْظَرٌ حَسَنُ

كَمْ لِي بِرَبْعِكَ مِنْ أُنْسٍ وَمِنْ طَرَبٍ

كَأَنَّمَا كَانَ حُلْماً جَرّه الْوَسَنُ

وَالأَمْرُ أَمْرِي والدُّنْيَا مُسَخَّرَةٌ

وَكُلَ قَصْدٍ بِهِ الإِسْعَادُ مُقْتَرِنُ

حَتَّى تَنَبَّهَ جَفْنُ الدَّهْر مِنْ سِنَةٍ

وَالدَّهْرُ مُضْطَرِبٌ وَالحُرُّ مُمْتَحَنُ

حَمَامَةَ الْلبَانِ مَا هَذَا الْبُكَاءُ عَلَى

مَرِّ الزَّمَانِ وَهَذا الشَّجْو وَالشَّجَن

لاَ مَسكنٌ بِنْتَ عَنْهُ أَنْتَ تَنْدُبُهُ

وَلاَ حَبِيبٌ وَلاَ خِلٌّ وَلاَ سكَنُ

كَفٌّ خَضِيبٌ وَأطوَاقٌ مُلَوَّنَةٌ

مَا هَكَذَا الْبَثُّ يَا وَرْقَاءُ وَالشَّجَنُ

لَوْ كُنْتَ تَنفُثُ عَنْ شَوْقٍ مُنِيتَ بِهِ

يَوْماً لَصَارَ رَمَاداً تَحْتَكَ الْغُصُنُ

يَا نَسْمَةَ الرِّيحِ كَيْفَ الدَّارُ هَلْ عَمَرَتْ

كَلاَّ وَهَلْ أَخْصَبَتْ مِنْ بَعْدِهاَ الدِّمَنُ

لَعَلَّ مَنْ قَدْ قَضَى يَوْماً بِفُرْقَتِنَا

تَحُلُّ مِنْهُ بِرَفْعِ الْفُرقَةِ الْمِنَنُ

نَسْتَغْفُر الله كَمْ للهِ مِنْ مِنَحٍ

لُذْنَا بِهَا بَعْدَ أَنْ لاَذَتْ بِنَا مِحَنُ

وَنَسْأَلُ اللهَ فِي عُقْبَى نُسَرُّ بِهَا

فَقَدْ تَسَاوَى لَدَيْهِ السِّرُّ وَالْعَلَنُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات