أنوما وألحاظ الخطوب سواهر

ديوان القاضي الفاضل

أَنَوماً وَأَلحاظُ الخُطوبِ سَواهِرُ

وَسَعياً وَأَفراسُ الحَوادِثِ تَركُضُ

أَيا اِبنَ فُلانٍ وَالنَصيحَةُ آيَةُ

فَما لَكَ مِنها حينَ تُعرَضُ تُعرِضُ

إِذا أَنتَ لَم تَقبِض يَداً مَدَّها العِدا

فَما هِيَ إِلّا لا مَحالَةَ تَقبِضُ

أَمُعتَقِدٌ أَنَّ القُلوبَ صَحيحَةً

فَسَل نَظَرَ الأَقوامِ مالَكَ تَمرَضُ

سَتُعجَلُ عَن فَهمٍ إِذا صَرَّحَ الأَسى

فَدونَكَ ما دامَ الزَمانُ يُعَرِّضُ

أَيَقطَعُ حَدُّ السَيفِ وَالسَيفُ مُغمَدٌ

وَيَفرُسُ نابُ اللَيثِ وَاللَيثُ بَربُضُ

فَإِن لَم تَكُن أَحسَنتَ فِيَّ فَإِنَّني

مُحِبٌّ وَلِلعَليا أُحِبُّ وَأُبغِضُ

وَإِنِّيَ في حُبّي لِمَجدِكَ مُغرِقٌ

عَلى أَنَّني مِن بَحرِهِ مُتَبَرِّضُ

أَغَرَّكَ نَهضُ البِشرِ في صَفَحاتِهِم

أَلَيسَ الرَدى في رَونَقِ السَيفِ يَنهَضُ

فَدِنهُم بِيَومِ الشَرِّ ما دُمتَ قادِراً

وَلَو لَم تَدِنهُم كانَ حَبُّكَ يُفرَضُ

وَكَم شيمَ يَومٌ في يَدِ الصَبرِ أَسوَدٌ

وَأُغمِدَ لَيلٌ مِن يَدِ النَصرِ أَبيَضُ

فَما بَينَ عَينَيهِم وَلا في ضُلوعِهِم

قُلوبٌ تُرَضّى بَل وُجوهٌ تَرَضَّضُ

وَلا يَدُ باعِ الرُمحِ عَنهُم قَصيرَةٌ

وَلا عَينُ جَفنِ السَيفِ عَنهُم تُغَمِّضُ

أَأَومَضَ تَثرٌ لِلتَبَسُّمِ كاشِرٌ

وَسَلِّ لِساناص لِلعَليلِ يُنَضنِضُ

وَقَد تُنقِضُ الأَحلامُ صِبغَةَ لَونِها

كَما يَلبَسُ اللَيلُ النَهارَ فَيُنفِضُ

لَم أَرَ مِثلَ السَيفِ لِلعِزِّ عاقِداً

بِهِ عُقَدُ الأَضغانِ تُرخى وَتُنقَضُ

وَلا مِثلَ أَخبارِ الضَغينَةِ تَختَبي

وَلا مِثلَ آثارِ النَصيحَةِ تُرفَضُ

وَما العِزُّ إِلّا أَن تُقَبِّلَ كَفَّهُ

وَما الحِلمُ إِلّا الذُلُّ يَومَ تُعَضَّضُ

وَلا أَنتَ بِالقَولِ الَّذي قُلتُ جاهِلٌ

وَلَكِن مَقاديرُ الإِلَهِ تُقَيَّضُ

وَما هُوَ إِلّا الحَزمُ يُسرِعُ وَالحِجا

يُحَجُّ وَأَطنابُ المَقالِ تُقَوَّضُ

أَيَظهَرُ في الأَجفانِ عَقدٌ مُصَحَّحٌ

وَيَكمُنُ في الأَجفانِ سَيفٌ مُمَرَّضُ

أَعِد نَظَراتٍ في ثَوِيَّةِ مُقلَةِ

تَجِد فيهِ أَشخاصَ المَنونِ تُحَرِّضُ

وَما الوُدُّ إِلّا في لِسانِكَ ظاهِرٌ

وَلَكِن وَراءَ الغَيبِ قَلبُكَ مُبغِضُ

إِذا لَم يَكُن لِلمُلكِ حَدُّ مَهابَةٍ

فَكَيفَ يُراضُ المُعتَدي وَيُرَوَّضُ

وَيَروي دَماً مِنهُم وَيَحظى بِكَفِّهِ

فَيُصقَلُ حَدٌّ أَو يُعَطَّرُ مَقبَضُ

وَكَيما تَصِحُّ الكيمياءُ بِضَربِهِ

فَتُذهِبُ مِنهُ الصَفحَ وَهوَ مُفَضَّضُ

وَلا نَومَ حَتّى يَنظُرُ السَيفُ روسَهُم

تُبَدَّلُ جِسماً مِن قَناً وَتُعَوَّضُ

صَحائِفُ تَرميها الصَفائِحُ هَذِهِ

تُحَمِّرُ مِن سُخطِ وَهَذي تُبَيِّضُ

وَأَغمِدَ سُخطَ القَلبِ في صَفحَةِ الرِضا

وَعَيني تَرى لَكِنَّ جَفني يُغَمِّضُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان القاضي الفاضل، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات