أنخ فهذي قباب العز والكرم

أنخ فهذي قباب العز والكرم - عالم الأدب

أَنِخ فَهَذِي قِبابُ العِزِّ وَالكَرَمِ

وَقِل فَكُلُّ العُلا في هَذِهِ الخِيَمِ

وَاِعفِ النَجائِبَ مِن نَصٍّ وَمِن عَنقٍ

فَقَد بَلَغتَ مُلُوكَ العُربِ وَالعَجَمِ

فَما وَراءَ بَني فَضلٍ فَتَطلُبَهُ

غِنىً لِراجٍ وَلا عِزٌّ لِمُهتَضَمِ

هُمُ المُلوكُ وَساداتُ المُلوكِ هُمُ

وَما رَبى المُلكُ إِلّا في بُيوتِهِمُ

وَقَد نَزَلتَ بِأسراهُم وَأَنبَلِهِم

عَلى سَراواتِهِم فِينا وَنُبلِهِمُ

فَاِنظُر بِعَينِكَ هَذا فَهوَ سَيِّدُهُم

طُرّاً وَسَيِّدُ عَدنانٍ وَغَيرِهِمُ

هَذا الهُمامُ عِمادُ الدِّينِ أَكرَمُ مَن

يُدعى وَيُرجى وَخَيرُ الناسِ كُلِّهِمُ

هَذا هُوَ المَلِكُ المَيمونُ طائِرُهُ

هَذا المُؤَمَّلُ هَذا كاشِفُ الغُمَمِ

هَذا هُوَ المُخجِلُ الأَنواءَ نائِلُهُ

فَما يُشائِمُهُ فَقرٌ إِلى الدِّيَمِ

هَذا هُوَ السالِبُ الجَبّارَ مُهجَتَهُ

غَصباً وَتارِكُهُ لَحماً عَلى وَضَمِ

هَذا الَّذي لَو رَأى قُسٌّ فَصاحَتَهُ

لَقالَ هَذا لَعَمري مَعدِنُ الحِكَمِ

هَذا الَّذي لَو رَآهُ في جَلالَتِهِ

كِسرى لَفَدّاهُ مِن مَوتٍ وَمِن أَلَمِ

هَذا الَّذي لَو زُهَيرُ الشِعرِ أَدرَكَهُ

يَوماً لَعَدّى إِلَيهِ القَولَ عَن هَرِمِ

فَحَيِّهِ بَعدَ تَقبيلِ الصَعيدِ وَقُل

أَهلاً وَسَهلاً بِمُحيي البَأسِ وَالكَرَمِ

أَهلاً بِسَيِّدِ أَهلِ الأَرضِ قاطِبَةً

وَخَيرِ أَملاكِ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ

أَهلاً وَسَهلاً بِمَن في نُورِ غُرَّتِهِ

غِنىً عَنِ البَدرِ لِلسارِينَ في الظُلمِ

أَهلاً بِهِ وَبِهَذا اليَومِ إِنَّهُما

إِن فُوضِلا أَفضَلُ الأَيّامِ وَالأُمَمِ

وَكَبِّرِ اللَهَ وَاِشكُرهُ لِذاكَ وَقُل

اللَهُ أَكبَرُ وَاِسجُد غَيرَ مُحتَشَمِ

لِلّهِ دَرُّ عِمادِ الدِّينِ مِن مَلِكٍ

ما فِيهِ مِن كَرَمِ الأَخلاقِ وَالشِّيَمِ

سَكِينَةٌ لَو سَرَت في البَحرِ ما اِضطَرَبَت

بِرِيحِ عادٍ أَواذِيهِ وَلا إِرَمِ

وَهَيبَةٌ لَو سُلَيمانُ النَبيُّ أَتى

بِها الشَياطِينَ أَهلَ المَسِّ وَاللَمَمِ

لَأَوغَلُوا في البِناءِ المُقرَنينَ لَهُ

وَالغَوصِ أَو تُبعَثُ المَوتى مِنَ الرِّمَمِ

وَنَجدَةٌ لَو لِلَيثِ الغابِ أَيسَرُها

عَلا البِقاعَ وَلم يَستَذرِ بِالأُجُمِ

مَلِكٌ حَمى جَنَباتِ المُلكِ مُعتَزِماً

بِالسَيفِ لا بِيَراعٍ غُطَّ في جَمَمِ

وَشَكلَةُ السَيفِ أَمضى في العَدُوِّ وَإِن

فُلَّت مَضارِبُهُ مِن شَكلَةِ القَلَمِ

مِن بَأسِهِ تَذهَبُ الفُرسانُ شارِدَةً

شُرُودَ سِربِ القَطا مِن أَجدَلٍ قَطِمِ

كَم سَيِّدٍ في ظَلامِ النَقعِ غادَرَهُ

شِلواً بِأَبيضَ أَو زَرقاءَ كَالضَرَمِ

في وَقعَةٍ صاحَ فيها مَن نَجا هَرَباً

يا خِصبَ عامِكَ لا هُنِّيتَ مِن رَخَمِ

فَالخَيلُ تَعرِفُ في الهَيجاءِ صَولَتهُ

بِحَيثُ يَأخُذُ سامي النَقعِ بِالكَظَمِ

فَما أَحَسَّت بِهِ إِلّا اِنثَنَت هَزَماً

وَنَكهَةُ الذِئبِ لا تَخفى عَلى الغَنَمِ

كَم صَكَّ بِالسَيفِ وَالأَبطالُ جائِلَةٌ

مِن مُعلَمٍ في نَدِيِّ الحَيِّ كَالعَلَمِ

لَم يَشكُلِ الخَيلَ مُذ جالَت بِشَكلَتِهِ

إِلّا بِشَعرِ لِحى الأَبطالِ وَاللِّمَمِ

لَقَد زَهَت خُطَطُ البَحرَينِ وَاِفتَخَرَت

بِهِ عَلى مَأرِبٍ في الأَعصُرِ القِدَمِ

بعَدلِهِ وَالدَمِ المُهراقِ حَصَّنَها

وَلا يَقِرُّ دَمٌ إِلّا بِسَفكِ دَمِ

لِلّهِ حَدسُ أَبِيهِ إِذ تَأَمَّلَهُ

في المَهدِ لَمّا يُبن عَن لا وَلا نَعَمِ

قَد قالَ وَهوَ يُناغِيهِ لِأُسرَتِهِ

ثِقُوا بِأَبلَجَ عالي الذِكرِ وَالهِمَمِ

أَعطى اللَهى وَعَلَت في المَجدِ هِمَّتُهُ

قَبلَ اِختِطاطِ عِذارٍ وَاِثِّغارِ فَمِ

وَقادَها لِتَمامِ العَشرِ تَحسِبُها

آذِيَّ بَحرٍ زَفَتهُ الرِيحُ مُلتَطِمِ

فَداسَ كُلَّ بِلادٍ لِلعَدُوِّ بِها

دَوسَ اليَمانِيِّ ما يَخلى مِن الأَدَمِ

وَما أَلَمَّ إِلى أَن لَم يَدَع مَلِكاً

لَهُ بِها مِن حِمى حامٍ وَلا حَرَمِ

أَعطَتهُ مَملَكَةَ الأَحساءِ هِمَّتهُ

وَعَزمُ مُستَبصِرٍ بِالرَأيِ غَيرُ عَمِ

فَإِن يَقُولُوا اِختِياراً كانَ ذاكَ فَهَل

يُختارُ لِلضَربِ غَيرُ الصارِمِ الخَذِمِ

فَغَيرُ لايٍ وَزَجّاها مُلَملَمَةً

تَدافُعَ السَيلِ سَيلَ اليَأمَنِ العَرِمِ

فَما أَناخَت إِلى أَن غالَ عِثيَرُها

ما شيدَ بِالخَطِّ مِن حِصنٍ وَمِن أُطُمِ

وَما نَضا الدِّرعَ حَتّى حازَ حَوزَتَها

قَهراً وَآخى بِها الأًحساءَ مِن أَمَمِ

وَلَم يَمُدَّ إِلى هَرمُوزَ مِنهُ يَداً

وَحاركٌ لَم يَمُدُّوا كَفَّ مُعتَصِمِ

يا آلَ فَضلٍ أَماتَ اللَهُ حاسِدَكُم

بِغَيظِهِ وَكَفاكُم زَلَّةَ القَدَمِ

كَم يَمضُغُ الدَهرُ فِيما بَينَ أَظهُرِكُم

لَحمي وَيَشرَبُ شُربَ الهيمِ فَضلَ دَمي

أَفي المُروءَةِ أَن أَظمى وَحوضُكُمُ

لِلكَلبِ وَالذِئبِ وَالجِرذانِ وَالبُهَمِ

وَيُصطَفى مَن أَبُوهُ كانَ عَبدَ أَبي

دُوني وَيُقطَعُ فِيما بَينَكُم رَحِمي

حاشا اِبنَ مَسعُودٍ المَلكَ المُعَظَّمَ أَن

أُجفى وَيُقفى بَنُو الداياتِ وَالخَدَمِ

فَتىً نَماهُ إِلى العَلياءِ كُلُّ فَتىً

حامي الذِّمارِ وَفِيِّ العَهدِ وَالذِّمَمِ

مَن مِثلُ مَسعُودٍ القَرمِ الهُمامِ وَمَن

كَأَحمَدَ المُرتَجى في البَأسِ وَالكَرَمِ

وَمَن يُباري اِبنَ فَضلٍ في مَكارِمِهِ

أَبا سِنانٍ غِياثَ الناسِ في القُحَمِ

وَخَيرُ قَيسِ بنِ عَيلانٍ خُؤُولَتُهُ

فَمَن بَغى الفَخرَ فَليَفخَر بِمثلِهِمُ

قَومٌ أَبُوهُم سِنانٌ خَيرُ ما حَمَلَت

أُنثى وَمَن قادَها تَختالُ في اللُجُمِ

يابا عَلِيٍّ أَجِب مِن غَيرِ نَأنَأَةٍ

صَوتَ اِمرِئٍ في عُلاكُم غَير مُتَّهَمِ

إِلَيكَ شَدّاً مِنَ الأَحساءِ أَنهَضي

عَزمُ المُلوكِ وَحَظٌّ غَيرُ ذِي كَشَمِ

وَقَد تَحَقَّقتُ أَنَّ الرُشدَ يَصحَبُني

فَما أُحاذِرُ قَرعَ السِنِّ مِن نَدَمِ

كَم جُبتُ دُونكَ مِن تيهٍ يَتِيهُ بِها

قَلبُ الدَليلِ مِنَ الإِشفاقِ وَالسَأَمِ

وَمُزبِدٍ يَتَراءى المَوتُ راكِبَهُ

يَرمي بِمُقلَولبِ الأَمواجِ مُرتَطِمِ

قَد قُلتُ لِلنَفسِ فيهِ وَهيَ مُجهِشَةٌ

وَالمَوجُ مِن هازِمٍ فيهِ وَمُنهَزِمِ

قِرّي فَلَو شاءَ أَمراً فَهوَ بالِغُهُ

وَالمَوتُ آتٍ وَما تَلقَينَ كَالحُلُمِ

وَمَن تَكُن صُحبَةُ الأَملاكِ هِمَّتُهُ

مَضى على الهَولِ مَمضى البازِلِ السَدِمِ

وَغَيرُ مُستَنكَرٍ لَو زُرتُ حَضرَتَهُ

سَعياً عَلى الرَأسِ لا سَعياً عَلى القَدَمِ

وَقَد بَلَغتُ وَما في المالِ مِن ضَعَفٍ

وَقَد دَعَوتُ وَما في السَمعِ مِن صَمَمِ

وَها أَنا اليَومَ يا خَيرَ المُلوكِ أَنا

وَأَنتَ أَنتَ وَشَيءٌ قَطُّ لَم يَدُمِ

وَلَيسَ إِلّاكَ نَدعُوهُ وَنَندُبُهُ

لِما يُقابِلُنا مِن دَهرِنا الحُطَمِ

فَلا خَلَت مِنكَ آفاقُ البِلادِ وَلا

خَلَوتَ مِن نِعَمٍ تَأتي عَلى نِعَمِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات