أم الكتاب إذا قومت محكمها

ديوان أبو العلاء المعري

أُمُّ الكِتابِ إِذا قَوَّمَت مُحكَمَها

وَجَدتَها لِأَداءِ الفَرضِ تَكفيكا

لَم يَشفِ قَلبَكَ فُرقانٌ وَلا عِظَّةٌ

وَآيَةٌ لَو أَطَعتَ اللَهَ تَشفيكا

ما لي علِمتُكَ إِن أوضِعتُ في كِذبٍ

كَأَنَّكَ الشِعرُ لَم تَكذِب قَوافيكا

كَالبَحرِ بِالشامِ مُرٌّ لا يُصابُ بِهِ

دُرٌّ وَمِن شَرِّ زادِ القَومِ طافيكا

وَمِن سَجايا المَخازي أَن تُرى أَشِراً

تَرمي عَشيرَكَ بِالداءِ الَّذي فيكا

تَجافَ هُجراً فَلا أَلقاكَ مُعتَذِراً

فَأَيُّ أَيُّ حَياةٍ في تَجافيكا

وَهَل أَلُمُّ وِداداً رُمَّ مِن شَعثٍ

وَقَد لَمَحتُ تَلافي في تَلافيكا

وَلَم أُصاحِبكَ في تَيهاءَ مُقفَرَةٍ

بِها يُصافِنُ ماءً مَن يُصافيكَ

إِيّاكَ عَني فَأَخشى أَن تُحَرِّقَني

فَإِنَّما تَقذِفُ النيرانَ مَن فيكا

مَا نالَ دارِيَّكَ الدارِيُّ مِن أَرَجٍ

لَكِن مُنافِثُكَ الأَدنى مُنافيكا

مَن لي بِأَنِّيَ أَرضٌ ما فَعَلتَ بِها

مِنَ القَبيحِ استَقَرَّت نَفسي أَشافيكا

عافاني اللَهُ مِمّا بِتَّ جانِيَهُ

فَلَم يَزَل مِن جِناياتي يُعافيكا

وَلَو فَرَيتَ أَديمي فَريَ مُلتَمِسٍ

نَفَعاً لَما آلَمَت نَفسي أَشافيكا

إِذا اِبتَهَجتَ وَأَعطاكَ المَليكُ غِنىً

غَدَوتَ كَالرَبعِ لَم تُحمَد عَوافيكا

يَحُلُّكَ الحَيُّ بَعدَ الحَيِّ عَن شَحَطٍ

وَما سُوافُكَ إِلّا مِن سَوافيكا

تُلقي أَثافيّ قَولٍ غَيرِ مُتَّئِبٍ

فَما يَبوخُ سَعيرٌ مِن أَثافيكا

وَآجِنٌ حَوضُكَ المَلآنُ مِن أَسَنٍ

وَقَد تَشَهَّرَ بِالإِشراقِ صافيكا

ظَلَّت خَوافيكَ وَالبَلوى مُكَشَّفَةٌ

قَوادِماً وَبَدا لِلإِنسِ خافيكا

كَعِلَّةِ الجِسمِ أَدنَتهُ إِلى شَجَبٍ

يُعَدُّ أَشنَعَ مِن غَدرٍ تُوافيكا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات