أمن دمنة الدار أقوت سنينا

ديوان كعب بن زهير

أَمِن دِمنَةِ الدارِ أَقوَت سِنينا

بَكَيتَ فَظَلتَ كَئيباً حَزينا

بِها جَرَّتِ الريحُ أَذيالَها

فَلَم تُبقِِ مِن رَسمِها مُستَبينا

وَذَكَّرَنيها عَلى نَأيِها

خَيالٌ لَها طارِقٌ يَعترينا

فَلَمّا رَأَيتُ بَأَنَّ البُكاءَ

سَفاهٌ لَدى دِمَنٍ قَد بَلينا

زَجَرتُ عَلى ما لَدَيَّ القَلو

صَ مِن حَزَنٍ وَعَصَيتُ الشُؤونا

وَكُنتُ إِذا ما اِعتَرَتني الهُمومُ

أُكَلِّفُها ذاتَ لَوثٍ أَمونا

عُذافِرَةً حُرَّةَ الليطِ لا

سَقوطاً وَلا ذاتَ ضِغنٍ لَجونا

كَأَنّي شَدَدتُ بِأَنساعِها

قُوَيرِحَ عامَينِ جَأباً شَنونا

يُقَلِّبُ حُقباً تَرى كُلَّهُنَّ

قَد حَمَلَت وَأَسَرَّت جَنينا

وَحَلاهُنَّ وَخَبَّ السَفا

وَهَيَّجَهُنَّ فَلَمّا صَدينا

وَأَخلَفَهُنَّ ثِمادَ الغِمارِ

وَما كُنَّ مِن ثَادِقٍ يَحتَسينا

جَعَلنَ القَنانَ بِإِبطِ الشَمالِ

وَماءَ العُنابِ جَعَلنَ اليَمينا

وَبَصبَصنَ بَينَ أَداني الغَضا

وَبَينَ عُنَيزَةَ شَأواً بَطينا

فَأَبقَينَ مِنهُ وَأَبقى الطِرا

دُ بَطناً خَميصاً وَصُلباً سَمينا

وَعوجاً خِفافاً سَلامُ الشَظى

وَميظَبَ أُكمٍ صَليباً رَزينا

إِذا ما اِنتَحاهُنَّ شُؤبوبُهُ

رَأَيتَ لِجاعِرَتَيهِ غُضونا

يُعَضِّضُهُنَّ عَضيضَ الثِقا

فِ بِالسَمهَرِيَةِ حَتّى تَلينا

وَيَكدِمُ أَكفالَها عابِساً

فَبِالشَدِّ مِن شَرِّه يَتَّقينا

إِذا ما اِنتَحَت ذاتُ ضِغنٍ لَهُ

أَصَرَّ فَقَد سَلَّ مِنها ضُغونا

لهُ خَلفَ أَدبارِها أَزمَلٌ

مَكانَ الرَقيبِ مِنَ الياسَرينا

يُحَشرِجُ مِنهُنَّ قَيدَ الذِراعِ

وَيَضرِبنَ خَيشومَهُ وَالجَبينا

فَأَورَدَها طامِياتِ الجِمامِ

وَقَد كُنَّ يَأجِنَّ أَو كُنَّ جونا

يُثِرنَ الغُبارَ عَلى وَجهِهِ

كَلَونِ الدَواخِنِ فَوقَ الإِرينا

وَيَشرَبنَ مِن بارِدٍ قَد عَلِم

أَن لا دِخالَ وَأَن لا عُطونا

وَتَنفي الضَفادِعَ أَنفاسُها

فَهُنَّ فُوَيقَ الرَجا يَرتَقينا

فَصادَفنَ ذا حَنَقٍ لاصِقٍ

لُصوقَ البُرامِ يَظُنُّ الظُنونا

قَصيرَ البِنانِ دَقيقَ الشَوى

يَقولُ أَيَأتينَ أَم لا يُجينا

يَؤُمُّ الغَيابَة مُستَبشِراً

يُصيبُ المَقاتِلَ حَتفاً رَصينا

فَجِئنَ فَأَوجَسنَ مِن خَشيَةٍ

وَلَم يَعتَرِفنَ لِنَفَرٍ يَقينا

وَتُلقى الأَكارِعَ في بارِدٍ

شَهِيٍّ مَذاقَتُهُ تَحتَسينا

يُبادِرن جَرعاً يُواتِرنَهُ

كَقَرعِ القَليبِ حَصى القاذِفينا

فَأَمسَكَ يَنظُرُ حَتّى إِذا

دَنونَ مِنَ الرِيِّ أَو قَد رَوينا

تَنَحّى بِصَفراءَ مِن نَبعَةٍ

عَلى الكَفِّ تَجمَع أَرزاً وَلينا

مُعِدّاً عَلى عَجسِها مُرهَفاً

فَتيقَ الغِرارَينِ حَشراً سَنينا

فَأَرسَلَ سَهماً عَلى فُقرَةٍ

وَهُنَّ شوارِعُ ما يَتَّقينا

فَمَرّ عَلى نَحرِهِ وَالذِراعِ

وَلَم يَكُ ذاكَ لَهُ الفِعلُ دينا

فَلَهَّفَ مِن حَسرَةٍ أُمَّهُ

وَوَلَّينَ مِن رَهَجٍ يَكتَسينا

تَهادى حَوافِرُهُنَّ الحَصى

وَصُمُّ الصُخورِ بِها يَرتَمينا

فَقَلقَلَهُنَّ سَراةَ العِشاءِ

أَسرَعَ مِن صَدَرِ المُصدِرينا

يَزُرُّ وَيَلفِظُ أَوبارَها

وَيَقرو بِهِنَّ حُزوناً حُزونا

وَتَحسَبُ في البَحرِ تَعشيرَهُ

تَغَرُّدَ أَهوَجَ في مُنتَشينا

فَأَصبَحَ بِالجِزعِ مُستَجذِلاً

وَأَصبَحنَ مُجتمِعاتٍ سُكونا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان كعب بن زهير، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات